الكتابة عالم واسع لايدرك مداركها ويعرف مجاهلها ويعيش لذتها الا من دخل عالمها وخاض في بحارها وعانى كثيراً في متاهاتها، حتى توصل الى لذتها.
الكتابة عالم واسع مليء بالزهور والاشواك، والدخول في ارضه والتغلب على اشواكه ليس بالأمر السهل، خصوصاً اذا كان داخل هذا العالم مجرداً من الموهبة التي تمهد له السير في الطريق وكان كل ما يؤهله للدخول الى هذا العالم الكبير جواز رغبته التي تحتاج الى تعلم وصبر ودراية وصقل وخوض تجارب كثيرة معاناة، حتى يستطيع في نهاية المشوار ان يحقق ما كان يأمل تحقيقه ويصبح كاتباً بمعنى الكلمة.
والكاتب او الاديب يكافح ويقطع كل الاشواك التي تقف في طريقه ثم يحولها بعد ذلك الى زهور يانعة فواحة متحدياً كل الصعوبات والمعوقات التي تحد من طموحه حينما يضع امام عينيه هدفاً سامياً ونبيلاً، ويتخذ من فن الكتابة رسالة عظيمة يحاول عن طريقها الاصلاح لا ان يجعلها هدفاً لجمع المادة فقط فيصبح بعد فترة كاتباً او اديباً او شاعراً معروفاً بعد معاناة كفاح وصبر والسؤال الاول الذي يلح عليّ ويدور في ذهني كثيراً هو: هل يمكن ان يكون نجاح الكاتب او الاديب مستمراً؟ او بمعنى آخر هل يمكن ان ينجح الكاتب او الاديب المعروف في كل ما يكتبه؟ ام انه قد يخفق في بعض ما يكتبه؟ والسؤال الثاني هو: هل يمكن ان يبدع الاديب او الكاتب في بداية مشواره.. ثم ينخفض مستوى انتاجه بعد ذلك؟ واذا كان ذلك صحيحاً، فهل ينطبق على الجميع ام انه ينطبق على البعض منهم وسؤال آخر طرحه ايضاً: هل من حق الكاتب المبتدئ ان يعمد الى نقد كاتب معروف، وهل يمكن ان يقبل نقده اذا كان على حق، ام انه سيهمل لأنه كاتب مبتدئ حتى لو كان في نقده صواب؟ وبصفة عامة هل يحق لأي كاتب ان يقدم على نقد غيره دون ان يكون له إلمام بعملية النقد؟
والكاتب والاديب او الشاعر، ترى ماهو موقفه من نفسه حينما يقرأ نقداً لأي عمل له ويرى فيه مبالغة وثناء ومجاملة، وهو يعلم داخل نفسه ان عمله لا يستحق كل هذا المدح وهذه المبالغة؟، هل سيعمد الى الكذب على نفسه ومغالطتها والاحساس بالغرور والمباهاة الزائدة؟! ام انه سيحاول ان يبدع ويتفادى اخطاءه حتى لا يتعرض الى مدح منمق ومجاملة ليست في محلها، لأن الكتابة هي الشيء الوحيد الذي لا تقبل المجاملة فيه، خصوصاً اذا كان الكاتب نفسه غير مقتنع بما يكتب.
اما اختلاف وجهات النظر حول عمل مقتنع به، فهذا شيء آخر، لأن لكل انسان وجهة نظر ورأياً خاصاً، وتذوقاً مختلفاً.
هذه الاسئلة التي كثيراً ما اقضت مضجعي نتيجة لما يدور حول الحداثة وبين الشباب والشيوخ من الادباء، اطرحها هنا لعلها تحظى بنقاش عادل واجابات شافية.
| 
