Monday 19th January,200411435العددالأثنين 27 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الإصلاحات الاقتصادية العربية الإصلاحات الاقتصادية العربية
د. خليل إبراهيم السعادات/كلية التربية - جامعة الملك سعود.

تجارب الدول العربية في مجال الإصلاحات الاقتصادية تتخذ أنماطاً مختلفة فنرى أن البعض منها قد اتبع برامج إصلاحية تعتمد أسلوب علاج الصدمة وكانت برامج التثبيت وإعادة الهيكلة الاقتصادية عندها حادة تماماً وبحيث استثارت هبوطاً حاداً في الناتج ودفعت تكاليف اجتماعية عالية، أما البعض الآخر من تلك الدول فإن برامج التثبيت الاقتصادي التي اتبعتها قد أدت إلى إصلاحات غير مترابطة وعلى عديد الجبهات في آن واحد رصدت ذلك دراسة قدمت للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
وذكرت أن التجارة والأنماط الأخرى لعملية التحرير الاقتصادي قد أدت إلى انكماش حاد في الناتج المحلي في حين أن التصدير الذي راهنت عليه لم يأت إلا بعائد متواضع بسبب عدم إعطاء الاهتمام الكافي للمحددات والقيود الهيكلية وغيرها. وبهذا فقد تم تخفيض الاستثمار والإنفاق العام بشدة وجرى اختزال دور الدولة مما انعكس بأجمعه سلباً على معدلات النمو. وأشارت الدراسة إلى أن مثل هذه البرامج للتثبيت وإعادة الهيكلة الاقتصادية تحيل إلى معنى حتمية إقحام وفرض التكيف وضرورة إجراءات آنية وجذرية وواسعة قد لا تكون في غالبية الحالات منسجمة بالضرورة مع الأهداف الوطنية وفلسفة المجتمع.
وفي مثل هذا الفهم فإن التكيف الهيكلي يتم تعريفه على أنه سياسات استجابية للصدمات الخارجية أو الداخلية تؤدي إلى عدم توازن الاقتصاد الوطني، وأن تطبيقه على المستوى الوطني يخدم تحسين ميزان المدفوعات على المدى المتوسط وتحقيق معدلات نمو اقتصادية، والهيكل الاقتصادي وتكييفه يعني هنا عنصرين أساسيين هما الحاجة إلى تغيرات تجذرية في السياسات الإنمائية استجابة لتلك الصدمات والحاجة إلى تغيرات في هيكل الإنتاج والتوزيع.. وتؤكد الدراسة أن التكيف الهيكلي الذي يرافق التغيّر الاجتماعي على المستوى البنائي في زمن التحولات الكبرى هو جوهر تطور المجتمعات وأساس عملية التنمية، فالمجتمعات عبر التاريخ قد تكيفت للانتقال من الزراعة إلى الصناعة ومن إنتاج السلع العائلية إلى التوجه نحو الإنتاج التصديري بمعنى أن المجتمعات تتكيف دائماً مع الأوضاع المتجددة والمتغيِّرة في محاولة منها لتحسين موقعها بالعلاقة مع المجتمعات والدول الأخرى، إلا أن برامج إعادة الهيكلة وفق المنظور المطبق حالياً قد أخذت معنىً ضيقاً ومفروضاً ومقتصراً على التفكير في كيفية تحقيق الفوائض وقد حان الوقت لإعطائها معنى أوسع ووجهاً إنسانياً كي يتصدى للقضايا ذات التبعات الاجتماعية أن تتوجه الإستراتيجيات الإنمائية إلى الاهتمام كذلك بقضايا توزيع الموارد والعمالة المنتجة وتنمية الموارد البشرية والتفكير بالنمو المبني على تعبئة موارد الفئات الاجتماعية الأقل حظاً كخطوة باتجاه رفع مستوى الرفاه الاجتماعي، إضافة إلى الاهتمام بتحديث وتطوير المؤسسات الإنتاجية الصغرى والمتوسطة التي تمس مباشرة الأوضاع الحياتية لتلك الفئات. وتقرر الدراسة أنه كي تكون العولمة عادلة وتأخذ بمبدأ الحق في التنمية لجميع الشعوب كما هو منصوص عليه في الوثائق الدولية، وتطبق معنى الأمن الاجتماعي، وتتحاشى مستقبلا ما حدث في آسيا من أزمات واهتزازات مجتمعية فإن المجتمع الدولي مطالب بوضع هياكل ضبط تؤثِّر على سلوك تدويل الاقتصاد وعولمته وتنظم قواعد للعبة وتعفيها من المضاربات وبحيث تحقق الفائدة لجميع الشعوب، ومن بين المهام التي تقع على عاتق المجتمع الدولي في نقطة التحولات التاريخية الحالية هي التفكير بعولمة للسياسات الاجتماعية بحيث تستجيب للعولمة الاقتصادية وتعوِّض الشعوب والفئات الاجتماعية المتضررة منها وبالشكل الذي تتصوَّره فإن العولمة الاجتماعية ستتطلب مؤسسات جديدة ونمطاً جديداً من العلاقات المؤسسية، وبحسب الدراسة فإنه علينا كعرب ومن خلال تبني الخيار الاستباقي أن نفرق بين الهرولة باتجاه العولمة وتناول الدواء الذي تصفه مؤسسات التحويل لكل الدول وفي كل زمان ومكان وبغض النظر عن الخصوصيات، وبين أن نبحث في إطار العولمة القائمة عن موطئ القدم العربي وبصورة انتقائية انطلاقاً من واقع القوة في الوطن العربي وبناه الاقتصادية والاجتماعية والحضارية، وعليه فإنه يجب الانتباه إلى أن إحدى وسائل ما يسمى بالعولمة والتكيف في إطارها أو الآليات الدفاعية تجاهها هو من خلال التكتلات الإقليمية، فقد أدت العولمة إلى زيادة معنى القوة الإقليمية فقد تكيفت غالبية الأقاليم للتغيرات الجديدة وزادت من تجارتها واستثماراتها البيئية.
وعلى الله الاتكال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved