Wednesday 21st January,200411437العددالاربعاء 29 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تبعات أزمة الدولار في السوق المصري تبعات أزمة الدولار في السوق المصري
الحكومة تسعى لرفع سعر الفائدة على الجنيه المصري
المؤيدون: رفع سعر الفائدة يعيد الاستقرار لسوق الصرف الأجنبي

* القاهرة - مكتب الجزيرة محمد العجمي - علي البلهاسي
تبحث الحكومة المصرية عن حل يقضي على أزمة ارتفاع سعر الدولار بعد أن فشلت حزمة الاجراءات السابقة واعلنت انها ستتجه إلى رفع سعر الفائدة على الودائع بالعمله المحلية، وهو ما أثار جدلا واسعا بين خبراء المصارف والاقتصاد وأكد بعضهم أن رفع سعر الفائدة سيؤدي إلى مزيد من التباطؤ الاقتصادي وزيادة عبء حجم الدين الحكومي خاصة في ظل ارتفاع حجم السيولة في الجهاز المصرفي وتباطؤ الطلب على الائتمان، حيث شهدت الودائع بالبنوك ارتفاعا بلغ 5 ،8 مليار جنيه في شهر سبتمبر الماضي وصلت إلى 452 مليار جنيه، منها 73 ،9 مليار جنيه ودائع حكومية و 53 ،4 مليار جنيه بالعملة المحلية و 20 ،5 مليار جنيه بالعملات الأجنبية الجزيرة استطلعت آراء الخبراء حول قرار رفع سعر الفائدة وتأثيره وتداعياته وكان هذا التحقيق:
قرار ايجابي
عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية يؤيد سعي الحكومة إلى رفع سعر الفائدة موضحا أن ذلك سيؤثر ايجابيا على علاقة الجنيه بأسعار العملات الأخرى خاصة الدولار مما يخفف ولو بصورة بسيطة في البداية ويوقف الاتجاه إلى اكتناز الدولار كمخزون للقيمة مما يؤدي إلى انخفاض سعر الدولار مما ينعكس على تكلفة الانتاج بشكل عام وعلى المشروعات التي تعتمد على مدخلات الانتاج المستورد بشكل خاص واشار العزبي إلى أن رفع سعر الفائدة على الائتمان بنسبة 1% أو 2% لا يعني زيادة التكلفة بنفس النسبة وانما بجزء عشري بسيط لأن الائتمان لا يشكل سوى 30% من حجم الاستثمارات في المشروع أو في رأس المال العامل .كما انه يوجد بالفعل حالة من التضخم النقدي غير المستخدم داخل البنوك نتيجة لحالة مرضية اصابت العاملين بالبنوك من جعلهم يتوقفون عن ضخ الائتمان في السوق وليس إلى عدم رغبة السوق في استخدام هذه الأموال. ويشكك العزبي في الارقام الرسمية التي تشير إلى زيادة قيمة الائتمان الممنوح مشيرا إلى أن الزيادة عبارة عن نسبة الفوائد التي تضاف شهريا لقيمة القروض ولا تعتبر ضخا ائتمانيا وجديدا مما تسبب في كساد الاستثمارات والأسواق
استقرار الدولار
وتشاركه الرأي الدكتورة اميرة الشنواني خبيرة الاقتصاد التي ترى أن رفع الفائدة خطوة هامة وايجابية لمساعدة المدخر الصغير على زيادة دخله، حيث انهم يحتفظون بأموالهم في البنوك بالعملة المصرية لاحتياجهم للفوائد للانفاق على أوجه حياتهم اليومية في ظل ارتفاع سعر الفائدة على الجنيه المصري مقارنة بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى. كما أن ارتفاع الفائدة سوف تحد من عملية التهافت على شراء الدولار والاسترليني والعملات الأجنبية الأخرى، حيث سيؤدي سعر الفائدة المرتفع على الجنيه إلى احتفاظ جانب كبير من عملاء البنوك بعملاتهم من الجنيه بدلا من تحويلها إلى الدولار والعملات الصعبة املا في ارتفاع سعر هذه العملات نتيجة لزيادة الطلب عليها بالنسبة للعرض وذلك للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع على الجنيه. كما سيجعل البعض الآخر يحول ما لديه من عملة صعبة إلى الجنيه للاستفادة من ارتفاع الفائدة. وتشير خبيرة الاقتصاد إلى أن رفع الفائدة سيؤدي إلى تحقيق الاستقرار في سعر صرف الدولار والعملات الصعبة الأخرى. وتسترجع الدكتورة اميرة ما حدث في فترة التسعينات والتي طبقت فيه الحكومة سياسة رفع الفائدة والذي جعل الكثير يحولون العملات الأجنبية التي لديهم إلى العملة المصرية وبعد ذلك قامت الحكومة بتخفيض الفائدة مرة أخرى إلى جانب أن رفع سعر الفائدة لن يؤثر على عمليات الاستثمار لأن رجال الأعمال هم من يقومون بالاستثمار بصفة عامة ولا يتصور أن يعزفوا عنه من اجل الادخار أو ايقاف مشاريعهم.
ارتفاع مؤقت
أكد الدكتور محمود محيي الدين رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني الحاكم أن رفع سعر الفائدة على المدى القصير إلى مستوى اعلى من المستويات الحالية يهدف إلى تحقيق الاستقرار في سعر الصرف وفي سوق النقد الأجنبي موضحاً أن سعر الفائدة وحده لا يساعد على تحقيق الاستقرار بدون التأثير على العوامل الأخرى المرتبطة بسعر الصرف. مشيرا إلى أن رفع سعر الفائدة قد يؤثر قليلا على الاستثمار والنمو في الفترة المقبلة ولكن من المنتظر أن يتم بعد استقرار سوق الصرف الأجنبي تخفيض أسعار الفائدة لتقليل تكلفة الحصول على تمويل. فالأمر يتعلق بتحديد الاولويات والفترات الزمنية وانه لابد من اتخاذ قرارات صعبة في توقيت مبكر بدلا من تفاقم المشاكل، حيث انها اجراءات متكاملة يتخذها البنك المركزي بالتعاون مع الحكومة لتحقيق الاستقرار في سعر الصرف..
تشوه أسعار الفائدة
من جانب آخر يعارض خبراء أسواق المال والصرافة بشدة رفع أسعار الفائدة في هذا التوقيت، حيث توجد سيولة عالية في الجهاز المصرفي وتباطؤ في الطلب على الائتمان والاستثمار. ويقولون أن رفع سعر الفائدة سيؤدي إلى مزيد من التباطؤ إلى جانب أن الفارق الحالي بين سعر الفائدة على الجنيه المصري والفائدة على الدولار كبير بدرجة كافية بما يؤدي إلى التحول للجنيه المصري عندما يستقر سعر الصرف والحديث ل «اسماعيل حسن» محافظ البنك المركزي السابق الذي اكد أن رفع سعر الفائدة سيؤدي إلى تشوهات في أسعار الفائدة في السوق وهو ما لا يتفق مع السياسة النقدية السلمية كما سيؤدي زيادة عبء خدمة الدين الحكومي بما يؤثر على الموزانة العامة للدولة ويزيد الدين المحلي مشيرا إلى أن سعر الفائدة اداة مهمة من ادوات السياسة النقدية، حيث يتم تخفيض سعر الفائدة لتشجيع النشاط الاقتصادي عندما يكون هناك حالة من التباطؤ، حيث أن الفائدة التي يدفعها المقترضون تمثل جزءا من تكلفة النشاط وتخفيضها يقلل من هذه التكلفة وتتركز الجهود الحالية نحو تحسين وزيادة النشاط الاقتصادي مما ينعكس على زيادة الدخل وفرص العمل وامتصاص البطالة. ويضيف اسماعيل حسن أن هناك من ينادون برفع سعر الفائدة لمواجهة عملية الدولار وتشجيع التحويل من الادخار بالنقد الأجنبي إلى الادخار بالعملة المحلية استفادة من فرق الفائدة بين العملات. وهؤلاء يستندون إلى ما حدث عام 1991، حيث ارتفع سعر الفائدة كثيرا وتحول المتاجرون للعملة المحلية. ولكن هذا كان في ظل حزمة من الاجراءات منها اصلاح سوق الصرف واستقرار أسعاره. وحتي في عام 1991 بعد رفع سعر الفائدة وفي ظل هذه الاجراءات انخفض معدل النمو الاقتصادي بدرجة كبيرة لأن رفع سعر الفائدة يحد من النشاط الاستثماري ويشجع على الازدهار النقدي ولا يشجع على مزيد من الطلب في الائتمان لارتفاع التكلفة
تغيير غير مبرر
أما الدكتور منير هندي استاذ الادارة المالية وخبير أسواق المال فيطالب بالانتظار شهوراً للتأكد من استمرار التحسن في مؤشرات الاداء الاقتصادي ثم يتم اتخاذ السياسات اللازمة. فالتغيير ما لم تكن له مبررات واضحة ومن شأنه أن يحدث حالة من عدم التأكد تصيب القطاعات المختلفة للاقتصاد القومي خاصة اذا صاحب هذا التغيير تكلفة اضافية لمنشآت الأعمال متمثلة في رفع سعر الفائدة خاصة وقد سبقت لنا تخفيض الاحتياطي الالزامي بنسبة 1% ومعدل الاقراض والخصم بنسبة مماثلة واصدرنا المزيد من اوراق البنكنوت وفجأة نتحول إلى الاتجاه العكسي. ويمكن للسياسة النقدية أن تتغير في أي وقت ولكن لا بد أن يكون ذلك في حالة الضرورة. ويضيف خبير أسواق المال أن رفع سعر الفائدة يحتاج إلى اعادة نظر رغم المؤشرات الايجابية التي اتسم بها الاداء الاقتصادي في السنة المالية الماضية، حيث ارتفع الاستثمار في السلع الوسيطة والاستثمارية قوامة 12 ،6% وارتفع صافي الاحتياطي من العملات من 13 ،8 مليار دولار في يونيو 2002 إلى 14 ،6 مليار دولار في يوليو 3 ،2% في ظل ظروف دولية ومحلية. كما أن هناك زيادة في رصيد العمليات الجارية من 614 مليون دولار إلى 1883 مليون دولار في السنة المالية 2002/2003 وامام هذا علينا أن ندرك أن آثار رفع سعر الفائدة في التسعينات قد طالت التنمية الاقتصادية في صورة آلات ومعدات انتاجية متهالكة غير قادرة على انتاج سلع منافسة بسبب صعوبة تنفيذ برامج الاحلال في ظل ارتفاع تكلفة التمويل الناجمة عن ارتفاع سعر الفائدة وما فعلته سياسة رفع سعر الفائدة في التسعنيات هو تأجيل تدهور العملة المحلية على النحو الذي شهدته السنوات الخمس الأخيرة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved