Wednesday 21st January,200411437العددالاربعاء 29 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
الزواج والمادة
عبدالرحمن صالح العشماوي

خلافات زوجية واسعة النطاق، وأخبارٌ عن صراعات في بيوت الزوجية بسبب المال، وحِدَّةٌ في التعامل بين الزوجين بسبب طمع كل واحد منهما فيما عند الآخر، وتعاملٌ قاسٍ من بعض الأزواج بسبب طمعهم في أموال زوجاتهم، وإنَّ مجالس الناس لتروي من هذه الصراعات الزوجية ما يندى له الجبين، وما يشعرنا أن بعض الرجال قد فقدوا معاني رجولتهم وشيمهم وكرم نفوسهم، وأَصبحوا ينظرون إلى رواتب زوجاتهم، وما يملكن من الحُليّ التي تعتبر حقاً من حقوقهن لأنَّهن يملكنها بحقِّها، على أنها من حقوقهم يتصرفون فيها كما يشاؤون. شيء عجيب يحدث في كثير من البيوت في هذا العصر الذي سيطرت فيه النظرة المادية على كثير من الناس.
إنَّ الزوج الذي يرى أنَّ مال زوجته حقٌ له يتصرف فيه كما يشاء، فيجبرها على إعطائه ما يريد منه، ويضربها على ذلك، ويهدِّدها بالطلاق والتفريق بينها وبين أولادها، لا يفقه أحكام الشرع في هذه المسائل، أو أنه يفقه ويعلم، ولكنَّه يخالف تلك الأحكام، ويعصى ربَّه عز وجل الذي أوجب عليه النفقة، وألاَّ يأخذ من مال زوجته شيئاً إلا إذا سمحت بذلك نفسها، وجاءت به دون ضغط أو تهديد، وعند ذلك يحصل على ما يحصل عليه برضا نفسٍ تبقى معه المودَّة والمحبة بينهما. لماذا يتجاهل بعض الأزواج أحكام شرع الله في هذه المسائل؟
إنه الجهل بالدين أو عدم الأكتراث بأحكامه وتعاليمه، وكلا الأمرين يدل على خلل عند ذلك الزوج الطامع في مال زوجته.
وإنَّ من أعجب العجب في هذه المسائل ما يحدث من خلافاتٍ عميقة تصل بالزوجين إلى مفترق الطرق، وربما أوصلتهم إلى أبواب المحاكم حتى تصبح حياتهم مشحونةً بخلافٍ يُسيء إلى أبنائهم، ويحوِّل بيوتَهم إلى ميادين شقاق لا ينتهي، يكون سبباً في شحن القلوب، وإثارة مشاعر الغضب والحقد بين أفراد الأسرة الواحدة.
الحياة الزوجية قائمة على الحب والمودة والرحمة والتفاهم، وعلى التضحية المشتركة، والإحساس بالمسؤولية من طرفيها المهمين؛ الزوج والزوجة، فإذا فقدت هذه المقوِّمات المهمة أصبحت جحيماً لا يُطاق، وأخرجت إلى المجتمع أولاداً مضطربين، يعانون من انكسارات نفسية، ويصبحون عرضةً للانحراف السلوكي، وفريسةً للأمراض النفسية، والاضطرابات الشعورية التي تستمر معهم مدى الحياة.
أين إحساس الزوجين بهذه المشكلات، وأين إيمان الزوج المسلم المكابر، الطامع في مال زوجته بقوله تعالى {وّآتٍوا النٌَسّاءّ صّدٍقّاتٌهٌنَّ نٌحًلّةْ فّإن طٌبًنّ لّّكٍمً عّن شّيًءُ مٌَنًهٍ نّّفًسْا فّكٍلٍوهٍ هّنٌيئْا مَّرٌيئْا} [النساء: 4]. كيف ينسى ذلك الزوج المادّيُّ قول ربه {فّإن طٌبًنّ لّّكٍمً عّن شّيًءُ} [النساء: 4]،
، إذا كان ذا حاجةٍ ماسَّة، ولماذا ينزل بنفسه إلى هذا المستوى المتدنِّي من التعامل مع أقرب الناس إليه.
إنَّ التفاهم بين الأزواج يؤدي عند كثير من الأسر إلى الاستقرار العائلي، ويرفع من مكانة كل من الزوجين عند الآخر، ويحقِّق بينهما من التعاون والتكاتف ما يرخص به الغالي من متاع الدنيا الزائل.
إن راتب المرأة، وما تملكه من الدنيا حقٌ لها وحدها تتصرَّف فيه كما تشاء، ولا يحق للزوج أن يجعل في ذلك مطمعاً دون حق، والمرأة كريمة بطبعها، إذا أحست بالأمان الحقيقي مع زوجها بذلت له من مالها ما تستطيع حينما يحتاج إليه، فليتق الله رجالٌ أعماهم الطمع عن أحكام دينهم.
إشارة:


إنما الضعف أن نكون ضحايا
لهوانا، وأن تَسوء الفَعال


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved