Wednesday 21st January,200411437العددالاربعاء 29 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وتاليتها...؟ وتاليتها...؟
أ.د. هند بنت ماجد بن خثيلة

نحن نعاني مشكلة الهدر في مختلف معانيه، ولا نقدر في الوقت ذاته الآثار السلبية المترتبة على مثل هذا الهدر، لأننا لا نملك مقدرة على قراءة هذه الآثار أو النتائج في المرحلة الآتية، خاصة وأن وقتاً طويلاً متطلباً كي نقع تحت وطأة هذه الآثار، وحينها لن نجد لها علاجاً، لأنها تكون قد استشرت واستفحلت ووضعتنا بكل مقدراتنا وإمكاناتنا تحت وطأة علامة الاستفهام الكبيرة.. ما العمل؟
ولعل أخطر أنواع الهدر هو ما يكون في الزمن، ومكمن الخطورة فيه، أننا لا نستطيع إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولا يمكننا إنقاذ ما فات، لأن الآتي مترتب عليه...
في كثير من جامعاتنا يبتلى الطلبة بهذا النوع من الهدر، فكم طالب أو طالبة نجح في كافة مواد الدراسة في فصل التخرج، وبامتياز أحياناً، لكنه أخفق لسبب أو لآخر في مادة أو أخرى، فحجب أستاذها عنه التخرج، إلى هنا يكون الأمر عادياً، خاصة وأنه قد يكون الطالب نفسه سبباً في ذلك الإخفاق، وقد يُلتمس العذر للأستاذ في الإعادة الثانية للمادة في حالة الإخفاق مرة «أخرى». وقد يحدث الذي لا أفهمه، ولا يقبله العقل والمنطق وهو أن يحدث هذا الإخفاق مرة ثالثة ورابعة!
أما أن يصل الأمر إلى الإخفاق عشر مرات في مادة واحدة، فهو النكبة بكل معاييرها ومعانيها، وهو الهدر الأعمى للحياة الإنسانية، واللا وعي لمعنى المواطنة والحس بالمسؤولية.
يقال ان من حق الطالب الاطلاع على أوراق اختباراته وبحوثه التي أخفق فيها، لعل ذلك يقف به على خطئه، ويكون عوناً له في تجنب ذلك الخطأ مرة أخرى، وهو ما يعتبر جزءاً من العملية التعليمية والتربوية في آن معاً ومع أن هذا الحق- حق استعادة ورق الاختبارات- يكفله للطالب قرار معالي وزير التعليم العالي، إلا أن هذه الأوراق تحجب بناءً على سلطة مطلقة للأستاذ، تحت دعم قرارات مجالس الأقسام التي تسيرها في بعض الأحيان أهواء رؤسائها ولا شيء آخر.
فمن الذي أعطى هذه السلطة المطلقة لأناس يفترض فيهم أن يكونوا أمناء على مستقبل الأجيال، فيسخروها لقهر هذه الأجيال، وإثبات شخصياتهم التي لابد أنها تعاني من عقدة غريبة على طبائع وقيم هذا المجتمع؟!
لابد من وجود لجنة أوهيئة - أو أي اسم كان - يحتكم إليها الجاني والمجني عليه، ويكون الوصول إليها ميسراً، ويحمل أعضاؤها نفوساً مليئة بالشفافية، والحرص على مصالح الطرفين، لا أن يكون حكمها جاهزاً قبل بداية المقابلة، ومنحازاً بالطبع إلى جانب الأستاذ الذي لا يعدم وسيلة للحصول على مثل هذا القرار مبكراً.
كم نحن في حاجة إلى ضمائر حية، ومعايير تربوية حديثة تضبط كثيراً من الأمور التي يبت فيها الكثيرون بسلطتهم المطلقة دون خوف من أحد، ودون وازع من ضمير.
كم هو جميل أن يكون الطالب المعطل تخرجه على حق، ويكون رأيه وموقفه ودفاعه عن نفسه وعن نتاجاته سبباً في تقويم أستاذ طغى واستبد، ولم تلزمه إنسانيته المفترضة أن يكون إنساناً في زمن نحن في أمس الحاجة فيه إلى الإنسانية.
نحن في حاجة إلى تطبيق معايير- التميز الأكاديمي- للأستاذ، ذلك التميز الذي لابد أن يكون الطالب طرفاً فيه للحكم على أستاذه.

فاكس : 2051900


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved