Wednesday 21st January,200411437العددالاربعاء 29 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الاقتصاد والتطوير المجتمعي الاقتصاد والتطوير المجتمعي
د. خليل إبراهيم السعادات

توقعت دراسة قدمت للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أن مسألة التطوير المجتمعي وإعادة النظر في الاقتصاد وتحديثه تبقى مسألة معقدة وذلك لأن العملية تشمل أكثر من فاعل من الفواعل الأساسية في المجتمع فهي لا تقتصر على ثنائي الدولة - السوق، ولكن هنالك أدوار المجتمع المدني وتنظيماته الاجتماعية والمهنية بالاضافة إلى دور القطاع الاقتصادي غير المنظم الذي تتنكر له تصورات وسياسات التطوير الاقتصادي السائدة حالياً ونماذج التكييف الهيكلي التي تتبعها بالرغم من كبر حجم وأهمية ذلك القطاع بالنسبة للاقتصاد الوطني وبالنسبة لشرائح واسعة من المجتمع والضعيفة منها بالذات. وتعتقد الدراسة أن الاشكالية التي تواجه راسمي السياسات والقائمين على الاصلاح الاقتصادي هي عدم التمكن من تقرير الأوزان النسبية التي تعطى لكل فاعل، وما هي العلاقة التي يجب دعمها والترويج لها وتوفير بناءاتها المؤسسية التي تحتم الترابط بين الابتكار والإبداع لكل فاعل من تلك الفواعل وبين الأطر المؤسسية التي تضمن تلك العلاقة لاستمرار التنمية وتطوير المجتمع. وتقول الدراسة إنه لا يمكن لأي واحد منا أن ينكر أن معادلة جديدة بين تلك الفواعل يجب انشاؤها وأن التغيرات التي بدأت تطرأ على دور الدولة والمراحل الجديدة التي تمر بها سواء في سياساتها النقدية أو الاجتماعية والانفتاح في التجارة والاستثمار والتمويل بالغة الوضوح، إلا أن الأمر لم يصل إلى حد التعددية والاحتكام إلى ما تمليه عولمة الأسواق إذ مازالت هنالك فروق وتمايزات هائلة على المستويات الوطنية في نوع التشكيلات الاجتماعية وفي القدرات الاقتصادية وفي طبيعة الإمكان القائم في حقول الادخار والاستثمار وسعر رأس المال وحتى في أنماط التدفق لرأس المال إلى الداخل أو إلى الخارج.. وتمضي الدراسة في القول إنه إذا ما كان هنالك مشكلات في تسيير الاقتصاد الكلي للدول فالأمر يرجع أساساً إلى أداء المؤسسات الوطنية وخياراتها وليس من خلال الرضوخ لما يسمى العولمة كقدر محتوم وبالشكل الذي يجب أن نفهمه كباحثين يجب أن تكون نتاجاً لتبني الدول العربية سياسات واستراتيجيات وطنية واقليمية ودولية التوجه نابعة من منطق التعاون والمصالح والتنسيق وليس الفرض، ونظراً لاختلاف قدرات الدول فإن من حقها أن تختار الفرص التي تراها مناسبة للاستفادة من التغيرات في الاقتصاد العالمي وليس الرضوخ لضغوطه وتبني النماذج الانمائية التي يفرضها.
وتقرر الدراسة أنه فيما يتعلق بالتطبيقات للاستراتيجيات الإنمائية السائدة التي تتبناها البلدان العربية والتي تم فرضها تحت شعار ما يسمى العولمة هي تبني البرامج المقترحة من قبل المؤسسات الدولية ويحدث هذا بالرغم من الجدل القائم في الوقت الحاضر حول مصداقية تلك البرامج وأثرها على النمو الاقتصادي وحول التكاليف الاجتماعية الباهظة الناتجة عن تطبيقها وبالذات ما يتعلق بالأثر السلبي على مستوى الرفاه للفئات الضعيفة والفقيرة.
وفي الوقت الذي لا تختلف فيه الدراسة على اقرار الحاجة للاستعداد الاستباقي للحقبة الجديدة ولإعادة الاستقرار للاقتصاد الكلي وتطبيق سياسات إصلاحية لتحقيق القدرة التنافسية في الاقتصاديات العربية، إلا أنها تؤكد أن الطريق ليس سالكاً وواضح المعالم كما تصوره مؤسسات التمويل الدولية ولم يزل هناك عدم اتفاق واضح حول الاستراتيجيات التي يجب تبنيها وخاصة معايير السرعة والتوقيت والتتابع للعديد من جوانب تلك البرامج الإصلاحية وجوانب الانفاق وتحقيق المعادلة الصعبة بين الكفاءة في توظيف الموارد والانصاف الاجتماعي وتوزيع ثمار الانجاز التنموي.. وعلى رب العالمين الاتكال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved