أمريكا تعود للأمم المتحدة

تجاوزت الولايات المتحدة في الربع الأول من العام الماضي الأمم المتحدة وهي تتعجل حربها ضد العراق ورأت في المنظمة الدولية عائقاً أمام خططها ، فأهملت دورها وانكبت على تنفيذ خططها بصورة تكاد تكون فردية لولا مشاركة بريطانيا وبضع دول أخرى.
وتم تبرير الاحجام الدولي عن مشاركة الولايات المتحدة لأن ما تعتزم واشنطن القيام به لا يتم تحت علم الأمم المتحدة ولايزال الاصرار الدولي مستمراً حتى الآن على أهمية اسناد الأمر في العراق للأمم المتحدة.
لكن ها هي الولايات المتحدة تعود مجدداً للاستعانة بالأمم المتحدة لتفادي ازمة بينها وبين جماعات واحزاب عراقية تتطلع إلى انتخابات فورية لتسليم السلطة للعراقيين بينما تسعى واشنطن إلى اجراء انتخابات غير مباشرة لاختيار مجلس جديد للحكم من خلال نظام مؤتمرات اقليمية معقد في كل محافظات العراق وسينتخب المجلس الحكومة العراقية، غير ان المطالب العراقية التي تتبلور حول أفكار الزعيم الشيعي السيستاني ترى ضرورة اجراء الانتخابات فوراً وبالانتخاب المباشر.
وتفيد المعطيات أن الأمم المتحدة تقبل بهذا الدور، لكن سيكون في ذهن الأمين العام عدة تحفظات منها ما يتعلق بالازدراء الذي تعرضت له منظمته الدولية حينما أهملت الولايات المتحدة دورها وهي تحث الخطى لشن الحرب، كما ان الأمم المتحدة مرت بتجربة قاسية في اكتوبر الماضي عندما فقدت 22 موظفاً بمن فيهم ممثلوها في العراق خلال تفجير مكاتبها في بغداد.
وفي كل الاحوال فإن هذه العودة للأمم المتحدة لن تكون مشابهة لدورها الأول فالمهمة الأولى الملقاة على عاتقها ستكون دراسة جدوى اجراء انتخابات مباشرة مثلما يريد زعماء الشيعة أو تقديم مقترحات بديلة، وهناك حديث عن امكانية قبول واشنطن بحلول وسط كما ان مهمة الأمم المتحدة تلقى قبولاً من زعماء الشيعة ما يعني ان الجميع يقبلون بالحلول الوسط.
وتحتاج الساحة العراقية المثخنة بالجراح إلى مثل هذه الروح المتمثلة في قبول الجميع بالحلول الوسط خصوصاً في مسألة حساسة تتعلق بشكل الحكم المقبل.