Tuesday 27th January,200411443العددالثلاثاء 5 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
إعلامنا.. والواجب الوطني
شاكر سليمان شكوري

لا يخفى على أحد أنه ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قد نشطت الحملة ضد الإسلام عامة والعرب خاصة، وعلى الوجه الأخص السعودية، وآخر سهام الحملة كان منذ أيام إذ طالب أحد أعضاء حزب المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية بإجراءات عقابية ضد السعودية تحت ذريعة اننا إرهابيون دمويون! ورغم أن وثيقة قد ظهرت مؤخرا تؤكد خلو قائمة ركاب الطائرة التي ضربت البنتاجون من أي اسم عربي فلا تزال الأمة جميعها رهن الاتهام وقيد التحقيق!
وفي وقت يُحتم على إعلامنا ان يسهم مساهمة فعالة في جهود المملكة من أجل تصحيح الصورة المشوهة فلا يزال البعض مع الأسف يتحرك في خط تكريس الصورة وزيادة تشويهها عن غير قصد بالتأكيد، بل هو منهج الإثارة يستهويه، اعتقاداً بأنها البضاعة الأكثر رواجاً وانها نجم شباك التوزيع!
إنني وبالقطع الكثيرين معي نفهم ان ما يعرضه الإعلام بقنواته المقروءة والمرئية والمسموعة انما يستهدف تحقيق فائدة ما للفرد والمجتمع، وانه عندما يتصدى لقضية ما فإن مواثيق الشرف وعهود المواطنة تلزمه بتحري الوقائع بدلا من ان تأخذه شهوة النشر ونشوته قبل التأكد من مصادر أخباره، خاصة فيما يتعلق بالصورة العامة لمجتمعه المستهدف على هذا النحو الخطير! لكن ما لا نستطيع فهمه ولا قبوله ان تنشر إحدى صحفنا (العريقة) في العشرين من ذي القعدة واقعة مختلقة عن اغتصاب فتاة من مَحْرمين لها، بتدبير الأم ومباركتها وعدم اكتراث من الأب وإصرار زوج الفتاة - بعد أن اكتشف الجريمة ليلة زفافه على مقاضاة الجناة الذين عاثوا بشرفه، إذ نشرت الصحيفة على لسانه «سأظل أطالب بحق زوجتي.. ولن أتنازل عن هذا الحق أبداً، فلا شيء يعدل الشرف، ولن أتنازل عن حقي منهم».
ولا شك ان الواقعة لو صحت - فأي شرف في هذا المستنقع اللا معقول، وكم هي غريبة ان يشترك مجموعة من المحارم في سلب شرفهم مجتمعين متآزرين على هذا النحو غير المسبوق!! لكن الحقيقة تكشفت حين أسفرت التحقيقات عن أن كل ما نُشر عارٍ من الصحة.
العجيب ان الصحيفة خاطبتني - بصفتي الوظيفية - تستفسر (عما أسفرت عنه نتائج التحقيق) وليتها فعلت ذلك قبل النشر! كما أكدت في الخطاب ذاته ان (مثل هذه القضايا - والحمد لله - لا تمثل ظاهرة في مجتمعنا المحافظ)! الأمر الذي لم يكن في حاجة إلى تجشم الصحيفة عناء تأكيده، فمع الإقرار بأن المجتمع السعودي مجتمع بشري قد يقع بعض أفراده في الخطأ والخطايا، لكن ليس إلى حد اقتراف هذه الجريمة المركبة النكراء، التي ينتفي بالعقل وقوعها حتى في المجتمعات البدائية الجاهلية أو في بلاد الواقٍ واق!والأمر الذي يحتاج - حقيقة - إلى التفسير هو: لماذا النشر دون انتظار نتائج التحقيق، ولماذا النشر - حتى لو صحت الواقعة - وهي لا تمثل سوى مقترفيها؟!
إنني أطالب الناشر بتكذيب الخبر بالشكل الذي يمحوه تماماً من الأذهان، كما أطالبه بالتزام واجبه الذي يعرفه جيداً بحكم تاريخه الوطني الطويل، وفي هذا الظرف الدقيق الذي لابد ان يلعب فيه إعلامنا دوراً إيجابياً في تصحيح الصورة ونقلها إلى الآخر، لا أن ينجرف إلى دور معاكس، فالأمر لا يحتمل الخطأ مهما توافرت النيات الحسنة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved