Tuesday 3rd February,200411450العددالثلاثاء 12 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الاحتلال اغتال فرحة الفلسطينيين بعيد الأضحى الاحتلال اغتال فرحة الفلسطينيين بعيد الأضحى

* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي أبناء الشعب الفلسطيني على كافة الأصعدة، اغتالت فيهم فرحة الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، وحوّلت مذاق العيد الحلو إلى مرارة أشد من العلقم، جراء عدوانها المستمر عليه منذ أكثر من خمسة عقود ونصف العقد.. والذي زاد ضراوة خلال سني انتفاضة الأقصى المتفجرة منذ أكثر من أربعين شهراً..
وبدلاً من أن يستعد الفلسطينيون لاستقبال عيدهم الثامن خلال انتفاضة الأقصى، أخذت مرارة الاحتلال والظلم والقهر طريقها إلى قلوبهم وعقولهم لتمحو بذلك أي مكان لبهجة العيد أو فرحته المعتادة..
فقبل أربعة أيام من عيد الأضحى غابت مظاهر الاحتفال والفرحة في قطاع غزة، لتتزين مدينة غزة بوشاح من السواد، حيث اغتالت مرارة القهر حلاوة العيد، لتختفي مظاهر الفرحة وتحل محلها لحظات الحزن والحرمان التي أصبحت ضيفاً دائماً وثقيل الظل على الفلسطينيين في أعيادهم الحزينة..
وتفتقد العائلات الفلسطينية في حي الزيتون التي قدمت تسعة شهداء في هذا العيد أبناءهم الشهداء الذين اقتطفتم رصاصات غادرة أطلقها عليهم جنود صهاينة من وسط عائلاتهم وأصدقائهم ومحبيهم..
و لا زالت الأسر الفلسطينية تعاني الأمرين مع تواصل الاعتداءات الاسرائيلية، فعشرات العائلات فقدت أبناءها شهداء، وآخرين مصابين ومعاقين، والأطفال لم يشاركوهم آباؤهم العيد منذ سنوات وهم قابعون خلف قضبان الأسر البغيضة، والكثير الكثير من المواطنين أصبحوا يتجرعون الحسرة والأسى ولا يستطيعون شراء الأضحية وهم يستقبلون عيدهم، وعائلات تسمع تكبيرات العيد وهى تلتحف السماء وتفترش الأرض بعد أن هدم الاحتلال منازلهم وأصبحت مشردة في العراء.. في رفح وفي جنين وفي نابلس وفي خان يونس، والقائمة تطول..
الاحتلال يأبى كعادته أن يشعرنا بأي فرحة..
ويؤكد العديد من أبناء الشعب الفلسطيني في أنحاء متفرقة ل(الجزيرة): إن الاحتلال يأبى كعادته أن يشعرنا بأي فرحة كانت في العيد أو في غير أيام العيد، متسائلين كيف سيشعرون ببهجة العيد وهم في هذا الحال..؟!
وأكد العديد من أبناء الشعب الفلسطيني في أحاديث متفرقة مع الجزيرة على أن الحزن مسيطر عليهم تماماً، ولا يشعرون بأي بهجة لهذا العيد رغم أنهم يحاولون أن يخفوا ذلك عن بقية أبنائهم، الذين أرهقهم الحزن والخوف من بطش الاحتلال الغاشم الذي فرق جمعهم وشتت شمل العديد من عائلاتهم..
ويمر هذا العيد على أطفال فلسطين كغيره من الأعياد السابقة وهم محرومون من آبائهم، فلا يجدون أي حلاوة في العيد، طالما حرموا من رؤية آبائهم للأبد، من الآباء من سقط شهيداً، ومنهم من هو خلف القضبان مغيباً، حتى الزيارة حرمتهم منها سلطات الاحتلال..
الأطفال في فلسطين المحتلة لا يشعرون بأن هناك عيداً أصلاً، لأن آباءهم لا يشاركونهم صلاة العيد، وبدا يستمر الشعب الفلسطيني في شعوره بالمرارة في أعياده، وتبقى الفرحة حبيسة ومختفية وراء الحزن والألم وبحر من الذكريات الأليمة والمفزعة..
(الجزيرة) تعرض قصة مأساة عائلة فلسطينية، فقدت طفلين من أبنائها قبل العيد بثلاثة أسابيع..
كذلك هو الحال بالنسبة ل(الأمهات الفلسطينيات) اللواتي فقدن فلذات أكبادهن شهداء برصاص الاحتلال الإسرائيلي، الذي سرق منهن فرحة العيد..
والدة الشهيدين أمجد وإياد المصري اللذين قضيا شهيدين في مدينة نابلس الفلسطينية ولم يفصل بين استشهادهما سوى أيام معدودة.. التزمت الصمت، وترجمت شعورها بالدموع قبل أن تصف كيف استشهد ابنها أمجد (15 عاماً)، على مرأى عينيها في الثالث من يناير/ كانون الثاني الماضي، تقول: أعلم أن ولدي (أمجد وإياد) قد نالا شرف الشهادة، لكن أن تفقد شخصين عزيزين في فترة قصيرة، فهذا لا يحتمل..
وتصف الأم المكلومة بصوت مرتجف مخنوق بالعبرات: كنت أجلس على نافذة منزلنا، وكان أمجد تحت ناظري يراقب الشارع من أعلى أحد المنازل المجاورة، إلى أن سمعنا رصاصة استقرت في ظهره، ارتجف قلبي ساعتها وصرخت: أمجد هل أنت بخير..؟! فأجاب لا تقلقي، وعندما حاول أن ينزل من أعلى البيت سقط أرضاً وأخذ ينزف، كانت الرصاصة من النوع المتفجر، لقد سقط ولم ينطق بعدها بكلمة.. انفجرت الأم بالبكاء ليخيم الصمت على المكان..
ليأتي دور فاطمة عمة الشهيدين لتكمل القصة في أيام العيد، قالت ل الجزيرة : قام جنود الاحتلال بمنع سيارات الإسعاف من الوصول لمساعدة أمجد.. حتى قضى. وتصف فاطمة كيف كان شعور شقيقه إياد (17 عاماً) قبل استشهاد أمجد..
تقول فاطمة : بعد أن فقد إياد ثلاثة أصدقاء أعزاء على قلبه وشقيقه أيضاً أصبح وضعه صعباً للغاية، لقد تحمل الكثير قبل أن يستشهد في الحادي عشر من الشهر ذاته، يناير/ كانون الثاني الماضي، أي بعد ثمانية أيام فقط من استشهاد شقيقه أمجد..
وتضيف فاطمة باكية: لقد استشهد أمجد تحت ناظري إياد، كانا معاً يجلسان سوياً، وعند تشييع جنازة أمجد قامت قوات الاحتلال بإطلاق النار على ابن عمومته (محمد قيس المصري) فسقطت دماء (محمد) على إياد، هذا إضافة إلى استشهاد صديقه المقرب، كل ذلك جعله يعيش في آخر أيامه في حالة الضياع.. وكلما أضافت فاطمة مشهدا آخر لمأساة العائلة كلما زاد بكاء أم الشهيدين وكأن بيت العزاء فتح في أول أيام عيد الاضحى المبارك، هذا هو أول عيد يأتي على البيت بعد أن غادر أمجد وإياد إلى الأبد، هما الآن في مقبرة البلدة.. ستذهب العائلة، الأم والأب والاشقاء لزيارتهما والجلوس على قبريهما..
لقد سرق الاحتلال فرحة أعيادنا، سنذهب إلى المقبرة..
وعلى باب البيت وقف بلال المصري والد الشهيدين، ليقول بصبر وجلد وقد تخللت عيناه العبرات : لقد سرق الاحتلال فرحة أعيادنا، الحزن يلف ليس فقط منزلنا بل الحي بأكمله، لا توجد أي مظاهر عيد إنه ألمٌ عميق يتخلل قلوبنا.. كان الشهيدان أمجد وإياد يضيفان طعماً آخر للعيد، كانا يتسابقان لمساعدتي في ذبح وتقسيم الأضحية، وتوزيعها، وفي هذا العيد لم نضح كبقية الأهالي، سنذهب إلى المقبرة.. سنعود أبناءنا.. وتغرس زهورا وننثر ورودا، وستبقى الذكري، وسيزول الظلم، وتتفتح أزهار الثورة هنا في فلسطين أرض الرباط ومهد الرسالات وملتقى الأنبياء ومسرى خير الأنام..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved