Tuesday 3rd February,200411450العددالثلاثاء 12 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مزالق الانحراف ومظاهره عند الناشئة مزالق الانحراف ومظاهره عند الناشئة

سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية وبعد
قرأت في صحيفتكم الغراء بعددها 11440 وتاريخ 2/12/1424هـ ما خطته يد الأستاذ محمد الحميضي بعنوان (لماذا لا يكلف المعلم بالتدريس فقط ،وتبقى الأعمال الادارية للإداريين؟) والذي أشار فيه الى تقصير وزارة التربية والتعليم بهضمها حقوق المعلم، وقد حصر الخلل في ست فقرات لمهام تنصل منها كمعلم بحجة انها اعمال ادارية وغير منهجية أحببت الرد عليه رغم انني لا اخالفه الرأي في تراكم الاداريين وتكدسهم في المدارس، كما لا أخالفه الرأي في تحول بعض المدارس الى ضمان اجتماعي يضمن دخلاً لكثير من الإداريين وكذلك للبعض من المدرسين, بسؤالين هما: ما هي المنهجية؟ وما معناها في مجتمعنا؟ أتألم عندما أرى القيم التعليمية في بعض الدول لا يحركها للعطاء سوى منهجية (الدروس الخصوصية) ,ولكن عندما أرى اجيالنا تتأهل للوظائف بدون حصيلة اتمنى ان يعم الفساد - منهجية الدروس الخصوصية - واقل فوائده ان يحيا ضمير المعلم سويعات تخرج فيها عطاءات المعلم للمتعلم ليحصل على علم ينفعه بعد التخرج, حيث نسي المعلم قاعدة التدريس وضرورة تواجدها أينما وجد تدريس بصرف النظر عن نوع المادة او هدفها او الطريقة والاسلوب المستخدم او الانشطة والوسائل التعليمية او خصائص المتعلمين، وطالما انها اساسية فيجب على كل معلم ان يكتسبها ويلتزم بها وهي: التعلم التمثيلي، والتعلم للمفاهيم وتعلم القضايا وأخيرا التعلم الاكتشافي
وعلى ضوئه نجد ان التعلم سواء، كان في الحياة المدرسية او الحياة العامة يعتبر مفهوماً فرضاً يشير الى نتائج عملية التعليم، ويؤكد على ان هناك تغيرات حدثت لدى الفرد سواء اكانت تغيرات معرفية او انفعالية او مهارية, وقد تحدث بعض تغيرات سلوكية اخرى مصاحبة للسلوكيات المقصودة والنتيجة النهائية تظهر هذه التغيرات وكم ونوع هذا التعلم يتأثر بعوامل الذكاء والصحة والشخصية والظروف الاجتماعية.
وعلى الرغم من مناداة الاعلام والتنبؤات في كل ما حدث او سيحدث اكل عيش.. ولكن الحديث عن الاجرام بلا شك يزرع الرعب في شوارع البلاد وازداد للاسف عندما اصبحت قاعدة سلوكية مهيمنة, حيث ان معظم سكان العالم يؤمنون بديانات لا توافق على العدوان والانانية كما يدينها في العادة حتى الذين لايتبعون دينا معينا فأين نقع نحن المسلمين في معربات إيثار غيرنا، ولم لم يسأل المعلم نفسه ما المقابل الذي يرجوه الاطفائي عندما يقتحم الحريق مغامراً بنفسه في سبيل انقاذ شخص داخل مبنى يحترق؟ فتجيبنا تعاليم أخلاقية ونضج وحس اخلاقي زرعته القدرة على تفكير منطقي وعقلي اكتسبهما المغامر بمبادئ تشويقية اقنعه معلمه بها حتى اسس لديه ان العمل رسالة والعطاء اساسها.
إن تراجع مستوى المعلومات والمعارف وتراجع مستوى التشوق والحب الخالص للمعلم وتراجع مستوى الاحساس بمعاني الفضيلة والسعي للدار الآخرة بالإضافة إلى التلبس ببعض مزالق الانحراف ومظاهره لدى الكثير من الناشئة إضافة إلى البطالة التي تفشت في صفوف خريجي المدارس الثانوية والاخفاق في تمليك الطالب رؤية عميقة ومتوازنة لطبيعة العصر الذي نعيشه سببه إخفاق المعلم في تمليكهم منهجاً جيداً في البحث العلمي وفي التعامل مع المعرفة, مع اننا في زمن يعطي اهمية متزايدة للرؤية الشاملة وللتعمق في فهم العلاقات التي تربط بين الأشياء، والمجالات المختلفة, وتكاثر التهم التي يرمى بها بعض المعلمين على عاتق الاهل بأنهم المحاضن الاساسية للتربية فأقول له كثير من الآباء والامهات في السابق اميين، كما أن كثيرا منهم لم يتلقوا اي معلومات او خبرات في الثقافة التربوية الا أن المعلم في ذلك الحين استطاع أن يثبت انه قادر على التربية والتعليم، ولم يكتف بتشويق الطالب فقط بل جعل الطالب مصدر دعاية لجذب الابوين لمحو اميتهما، وعلى يد هذا المعلم مسائياً إضافة الى مجهوده الصباحي مع الابناء. وأنا اكتب هذا الرد تذكرت ما خطته يد الدكتور عبدالكريم بكار كتابه (بناء الاجيال) في وصف المعلم مرب حيث قال:( النظر الى ما يصدر عن الطلاب من تصرفات خاطئة على انها نتيجة عدم نضجه وعدم فهمه لقوانين الحياة، وليس لانها صادرة عن خبث وسوء نية، وهذه النظرة تمنح المعلم سعة في الصدر وتزوده بطاقة كبيرة على التحمل وقد حدث منذ عهد بعيد ان دخل احد الاساتذة الجامعيين الى قاعة التدريس، وكان الجو مشحوناً بسبب بعض الأحداث التي تمر بها البلاد وتحدث الاستاذ قبل ان يبدأ محاضرته عن تلك الاحداث مما ادى الى انقسام الطلاب بين موافق للاستاذ ومخالف له وفجأة، وفي لحظة سادها الهدوء قام احد الطلاب وصرخ في وجه الاستاذ قائلاً: أنت معتوه! ونتيجة لذلك ساد القاعة التوتر الشديد ووقف الطلاب الى جانب الاستاذ لانه استاذهم، ولانه صاحب السلطة ولان الطالب لم يكن على حق فيما قال، وكان باستطاعة الاستاذ ان يأمر الطالب بالخروج من القاعة، ولو فعل لحظي بمساندة الطلاب ولكنه قال للطالب: انت على حق وبعد فترة صمت اضاف المعلم قائلاً: أنك تعتقد انني معتوه وسرعان ما اخذ الطالب يبكي بدمع غزير، وهنا صرف الاستاذ الطلاب من القاعة، ثم دنا من الطالب ليقول له: إن ما فعلته لم يكن صائباً وبعد ذلك ظل الطالب سنوات يتحدث عن ذلك الاستاذ للناس, وكان يقول: إن موقفه مثل لي نقطة تحول من الظلام الى النور! إنه الكرم الذاتي الذي لا يستطيع الانسان ان يقابله بغير الشكر والعرفان). يا سلام نعم المعلم.. ونعم المربي.. فهل سيجمع معلم اليوم بين تحمل الاهانة وسرعة البديهة في استغلالها بإقرار ما ينعتنا به الطالب بغية مصلحته.

عبدالله بن محمد الحميضي - وزارة الصحة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved