Sunday 8th February,200411455العددالأحد 17 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بين الممكن والمستحيل بين الممكن والمستحيل
خالد المالك

هناك أولويات بين ما نتمناه لبلادنا وهي كثيرة..
وهناك متطلبات أخرى تتسم بقدر عالٍ وكبير من الأهمية..
وجميعها - عند تحقيقها - تصب في مصلحتنا..
مصلحة الوطن..
ومصلحة الأمة..
لنورثها من بعد لجيل قادم..
بل لأجيال بعد أجيال..
بما سيذكّرهم بنا..
ويرضيهم عنا..
ويُكبرنا في عقولهم ومشاعرهم ونفوسهم وقناعاتهم.
***
هناك تحفّز - ولا شك - للقفز على المستحيل حين يكون هذا المستحيل -الوهم- عائقاً لمسيرتنا الطموحة..
لتحقيق ما هو أمل في أذهاننا وتمنٍ ورجاء لجميع شرائح المجتمع ولم يتم تحقيقه بعد..
ضمن البحث عن الغائب والمختفي من أمانينا ومطالبنا، تلك التي يجب أن تكون حاضرة في ذواكرنا، ولا بأس من استحضارها عند الضرورة وفي الوقت المناسب..
وهذا بعض حق الوطن الغالي علينا..
بعض ما سيسألنا الأبناء والأحفاد عنه..
في مرحلة بالغة الخطورة، يحتاج الوطن منا إلى شيء من عمل وفعل..
بما لا مزايدة عليه..
أوحب للظهور على حساب المصلحة العامة..
أو انكفاء يحرمنا القدرة على الإبداع والابتكار..
وبالتالي عدم العمل بما هو مفيد ونافع للأمة والوطن.
***
هناك الممكن الذي يمكن تحقيقه بالتدرج وضمن الثوابت التي لا خلاف أو اختلاف حولها وعليها..
وهناك المستحيل -بحكم التوقيت- من المطالب المؤجلة أو التي ينبغي أن تؤجل إلى حين..
وبين الممكن وما يسمى بالمستحيل، هناك مسافة وأبعاد كثيرة..
بعضها مقدور عليه ويمكن تحقيقه بالتوقيت الذي نحدده وبما يتزامن مع طموحاتنا..
لكن علينا في المقابل الاعتراف بأنه من المصلحة - ربما - في عدم القفز على الآخر..
مع احتفاظنا بقناعاتنا والتزام كل منا بمسؤولياته..
ومن غير أن يمسنا اليأس أو الشعور بالإحباط..
ودون أي تراجع في وتيرة حماسنا واهتمامنا بمستقبلنا كأمة حية يهمها أن ترى وطنها في أحسن حال وفي أجمل صورة وفي تطور مستمر..
مع إيمان وثقة لا حدود لهما بأننا موعودون -إن شاء الله- بتحقيق ما نتمناه من منجزات في مختلف الميادين وفي جميع حقول المعرفة تضاف إلى ما تحقق حتى الآن..
وأن علينا تمكين المواطن من تقديم المستحق عليه نحو وطنه بكفاءة واقتدار ضمن أطر العمل الصحيح والواضح والمدروس..
بإسناد ودعم من قيادتنا لتلك الأعمال التي تقوم على جهد ومبادرات الكفاءات العلمية القادرة من المواطنين..
معتمدة في ذلك على التوجه المخلص والمسؤول في كل عمل تقوم به أو تقدم عليه هذه القدرات في حدود ما يوكل إليها من مسؤوليات..
***
ما الذي أعنيه في هذا الاستطراد؟..
دعوني أبسط الموضوع لكم..
وأختصر لكم الهدف من إثارتي للممكن والمستحيل من أمانينا..
ما هو قابل أو غير قابل للتطبيق منها..
وفق فهمي المتواضع..
ورؤيتي التي أحاول أن اقترب بها إلى الممكن..
وأقوّض بها وهم المستحيل المقيت..
استنتاجاً من قراءات وإصغاء لما يثار على صفيح ساخن حول بعض أوضاعنا..
وما ينبغي أن تكون عليه المملكة في ظل ما يُقال عن المتغيرات الدولية المتسارعة..
وذلك استباقاً منا - أو من بعضنا - لما هو مبرمج أو غير مبرمج من خطوات إصلاحية نتمناها، وقد بدأ الكثير منها يأخذ طريقه إلى التنفيذ..
ضمن اتفاقنا جميعاً - قيادةً وشعباً - على أن الإصلاح مفردة جميلة ومنهج مطلوب يصحح الكثير من الأوضاع ويضيف إليها بإيقاع سليم.
***
أقول لكم وباختصار:
لا ينبغي أن يغلبنا الحماس..
أن يكسبنا الوقت..
أو يهزمنا اليأس..
على حساب المصلحة التي ننشدها..
والنتائج التي نتوخاها..
وإلا أفسدنا على أنفسنا قيادةً وشعباً وعلى وطننا الغالي فرصة ما نحن موعودون به من خير كثير..
***
وتأسيساً على هذا..
ومن باب التمنيات الشخصية ليس إلاّ..
لنبدأ بالإصلاح -أولاً- من خلال الأخذ بالممكن والمعقول..
ولمن له الأولوية في متطلباتنا الآنية وهو جد كثير..
ولنترك -ثانياً- ماهو موضع خلاف أو اختلاف - وإن كثر - مؤجلاً إلى حين التوصل إلى خطوات عملية وعلمية تساهم في تقريب الهوة في وجهات النظر بين أفراد مجتمعنا ضمن الثوابت المتفق عليها..
بما لا ينسينا شيئاً نعتقد بأهميته وصلاحيته وسلامته وضرورة الحوار حوله باتجاه زيادة الرفاه والخير والاستقرار للمواطنين..
وبما لا يَغيْب أو يُغيّب عن أذهاننا استحضار ما آلت إليه الاختلافات والصراعات في مجتمعات أخرى ودول كثيرة من تأثير سلبي على أمن واستقرار شعوبهم ودولهم، فضلاً عن دوره في توقف أو إيقاف كل إصلاح أو عمل صحيح كانوا يتمنونه لبلدانهم..
وفي أحسن الأحوال بما أجله ذلك الصراع وأجل معه برامج التنمية، وبالتالي حرم مواطني تلك الدول من أي استثمار مفيد لهم ولدولهم خلال زمن طويل، بل وإلى اليوم.
***
علينا إذاً أن نتذكر وأن نتفكر..
وأن نستفيد من تجارب الآخرين..
بما يؤهلنا لاتخاذ المواقف الأصح..
في مرحلة مهمة ودقيقة تتطلب من الجميع الانحياز إلى مصلحة الوطن..
بعيداً عن قرع طبول التغيير-لا الإصلاح- في جميع مناحي حياتنا دون دراسة لآثاره وتبعاته المستقبلية..
أو الدعوة إلى التغيير -المفتوح- المضر بمصلحة الوطن والمواطن..
وآمل ألا يُفهم من ذلك أنني ضد التوجه نحو الإصلاح ..
أو أنني أطالب بحرمان المواطن من حقه في التعبير الحر..
أو الوصاية على وجهة نظره وبما يراه حول متطلبات المرحلة الحالية..
أو أنني ضد أن يبدي رأيه بما يثار وقد يثار من قضايا ومستجدات تمس مستقبل الوطن في الصميم..
فذلك ما لا أهدف إليه أو أعنيه..
بأمل أن تكون وجهات نظرنا جميعاً تحوم حول مصلحة الوطن..
إن لم تكن متجذرة في أعماق هذه المصلحة، وعلى خطى ذلك الهدف النبيل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved