Sunday 8th February,200411455العددالأحد 17 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من بقايا الأمس من بقايا الأمس
الشيخ عبدالكريم الجرباء والحرامي!
ابو خوذة يكرم الحرامي الذي نوى سرقته

عرف الشيخ عبدالكريم الجرباء من مشايخ قبيلة شمر بالكرم اللامحدود حتى في أحلك الاوقات واعصبها إذ لم يذكر عنه انه أتاه ملتمس لفضله واعاده خالي اليدين مما جعل الناس أن يسموه بأبي خوذة لأنه لا يعرف أن يقول لا للمستجدي به لانه في هذه الحالة لا يقول إلا خذ ومن الروايات التي حبكت حول كرم هذا الشيخ وتسامحه عن الغير حتى وان كان ذلك الغير يقصد الاساءة بالجرباء نفسه.
ففي إحدى الليالي انطلق احدهم لغرض الكسب من إبل عبدالكريم الجرباء على غفلة منه وعندما وصل لمراح الإبل «موقع مبات الإبل» رأى أنه ليس من المناسب أن يعثو بالإبل في لحظتها لأن أغلب رجال النزل لا يزالون يتجاذبون اطراف الحديث ولم يناموا بالسرعة التي كان يتصورها الحائف أو الحنشولي وكانت تلك الليلة من ليالي الشتاء الباردة التي لا يستطيع فيها أي انسان أن يقي نفسه من البرد القارس إلا باحدى طريقتين اما الأغطية الجيدة أو اشعال النار وهاتان لم تتوفرا للحنشولي في وقتها، وطال به الانتظار وشددت البرودة قبضتها عليه ففكر في مخرج من ذلك فرأى ان من الأفضل له العدول عن السرقة واللجوء لبيت الجرباء بدلاً من سرقة إبله حتى ينجو بنفسه من البرودة الزائدة فدلف لداخل البيت وأوقد النار فاستيقظ عبدالكريم على ضوء اشعاعها ونهض من محل نومه واتجه إلى مجلس الرجال حيث توقد النار لمعرفة الضيوف الذين حلوا لتوهم على بيته دون علمه وصاروا يوقدون النار لغرض ايقاظه من النوم فلما أطل بنفسه على المجلس وجد هذا الشخص لوحده وسأله، من أين أتيت بعد أن حيا به فقال انه أتى لغرض الكسب من إبله ولكن يقظة رجال النزل وبرودة الجو وما أراد أن يفعله الجرباء بعد ذلك يفعله فقال عبدالكريم الجرباء خذ هذه الفروة احفظ نفسك بها من البرد وإذا أصبحنا أفلحنا وانصرف لمكان نومه فلما أصبح الصباح واجتمع القوم ببيت عبدالكريم الجرباء جريا على العادة قال الحنشولي هذه الأبيات:


البارحة ما هي من البارحاتي
من واهج ينفخ على البيت ويزير
البل تناحت كن فيها اطلاتي
والا تحش اعضودها بالمناشير
لولا أبو خوذه كان هذا مماتي
في سهلة ما ينوجد به حفافير
عطيته ما هي من البيناتي
فروة وعده عازلن لي مغاتير

أوضح في هذه الأبيات برودة الجو بطريقة شعبية مدفونة.. كما أشاد بالجرباء والفروة التي وهبها له وكأنها قطيع من الإبل بل هي أفضل وأحسن من ذلك في تلك الليلة.
نعود لنفس الموضوع فلما استمع الجرباء لابيات الحنشولي قال ان الإبل التي غزيت من أهلك بطلبها قد كانت من نصيبك فهي هبة لك ولن يحول بينك وبينها أي حائل فسمعت أم الجرباء هبة ابنها غير المشروطة وغير الواجبة في نفس الوقت للحنشولي ودفعها حب المال أن تبدي معارضتها على هذه الهبة فقالت لا يا عبدالكريم أنك اعطيته فروتك وانقذت حياته من البرد وعفوت عنه وهو الذي أتى لسرقتك فيكف تعطيه إبلك وهو المطامع بها بالغدر فقال عبدالكريم أجل يا أماه لماذا اسميتيني عبدالكريم؟ ويأتي عبدالكريم الرجوع عن هبته ويستاق الحنشولي الإبل بكاملها هبة لا سرقة وهذه بحق مفخرة من مفاخر العرب حيث العفو عند المقدرة والكرم اللامتناهي.
هذه القصة بعث بها الأخ منصور بن سلامة البراق من الطائف وقد سيقت بتصرف منا، أشكر لمنصور مساهمته الجيدة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved