التقهقر الإسرائيلي من لبنان إلى غزة

بعد ثلاث سنوات من طرد القوات الإسرائيلية المخزي من جنوب لبنان لا تزال هذه الذكرى ماثلة في ذهن رئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون.
ورغم أن شارون أعلن عزمه إزالة مستوطنات في غزة في إطار ما يسميه بخطة الفصل إلا أنه لا يريد أن يكون الخروج من غزة مثل ذلك الانسحاب الموصوم بعلامات التقهقر والانكسار من جنوب لبنان.
ولهذا فإن شارون يرتكب المذابح في غزة ويجتاح مدنها ومخيماتها من خلال موجات عدوانية تستهدف في ذات الوقت وأد أية محاولة جديدة للسلام خصوصاً أنه يرى تحركات نشطة للسلام..
وتشمل هذه التحركات الدول العربية والاتحاد الأوروبي فيما عززت الولايات المتحدة المساعي الجديدة بإعلانها صراحة أنها تفضل تنشيط خطة خريطة الطريق على خطة الفصل التي أعلنها شارون والتي تنص على إزالة مستوطنات في غزة مع التوسع في مستوطنات بالضفة الغربية.ويرتكب شارون كل المخالفات في وقت واحد، ومع ذلك فهو يلقى التأييد من دول كبرى تتخذ مواقف فضفاضة وغير محددة من هذه المذابح ومن الجدار الذي يبنيه والذي يقتطع مساحات واسعة من الضفة الغربية.
وسيمضي شارون قدماً في جرائمه ويقتل المزيد من الفلسطينيين دون أن تتخذ ضده العقوبات كما هو الحال مع دول العالم الأخرى، لكن جرائم شارون لن تمر دون عقاب من قبل هؤلاء الذين يكتوون يومياً بنيرانه، لأن كل هذا الجبروت والطغيان لم يكسر شوكة المقاومة الفلسطينية، كما أن كل هذا الظلم الدولي، الذي يتبدى في مساندة إسرائيل من قبل الدول الكبرى، لم يدفع باليأس إلى نفوس أبطال المقاومة الفلسطينية.
وستظل المقاومة العنصر الأساسي في إحداث الانقلاب المأمول باتجاه استعادة الحقوق وتمهيد الطريق إلى السلام العادل فهي تستخدم اللغة التي يفهمها شارون، وهي من خلال هذه الانتفاضة استطاعت إجبار شارون على التفكير في الانسحاب من غزة وهي بدأبها على النضال وتمسكها به تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك.