Friday 13th February,200411460العددالجمعة 22 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وغاب طيب المعشر وغاب طيب المعشر
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف / حريملاء



يا راقد الليل مسروراً بأوله
إن الحوادث قد يطرقن أسحاراً

بعد الأفطار من صيام يوم عرفة لهذا العام 1424هـ اجتمعت أسرة آل عبدالرزاق بنين وبنات في منزل والدهم الأخ الكريم/ محمد بن عمر بن عبدالرزاق في جو عائلي تحفه أجنحة الفرح والمسرات بحلول عيد الأضحى المبارك، وقد جرى بينهم في تلك الليلة تبادل أطراف الأحاديث الودية، وتذكّر أمسيات أعياد السنين المواضي وما يجري فيها من تبادل الزيارت بين الأسر والجيران..، والتخطيط لقضاء بعض أيام العيد في ربوع حريملاء، وفي شعيبها الرحب الحافل بكثير من الغابات وبالمساحات الخضراء الشاسعة التي تغطي جزءاً كبيراً من الأراضي والأودية، وسفوح الجبال والآكام، واستمرت تلك الجلسة العائلية إلى قبيل منتصف الليل، ثم انصرف كل من الأبناء والبنات إلى مضاجعهم غير والدتهم زوجته الوفية أم عمر فإنها ظلت بجانبه تداعبه وتحاول إدخال السرور عليه حيث لمحت على محياه آثار الشحوب والإعياء فهي تسليه عله يخلد إلى النوم رغم ما تعانيه هي من بعض الأمراض المزمنة فهي تؤثره على نفسها، كما أنه لا يقل شفقة عنها فهو يبادلها بما يؤنسها ويفرحها، ولم يعلما ما تضمره الأيام والأقدار أن هذه الليلة هي آخر لقاء ود بينهما ثم تفرق إلى الأبد بعد اجتماع وطول زمان ساده الود والاحترام. وما هي إلا سويعات قلائل حتى لاحت بوادر وعلامات قدوم شعوب مفرق الأحباب والجماعات فاتصل هو بالهلال الأحمر على عجل عله يجد سبباً يدفع عنه ما تراءى له..، فحضر الطبيب إليه ولكن القدر المحتوم عاجله قال تعالى: (إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) فقد وقع هذا الخبر المفاجئ المحزن في نفوس أبنائه ومحبيه كالصاعقة القوية المدوية في حنايا الضلوع، وكانت تلك الليلة أولها سرور وآخرها حزن طويل بمثابة التوديع النهائي له فخيم الحزن على ذلك البيت الحبيب إلى الزوار غشيانه، ثم توالت جموع المعزين والمواسين فيه بعد الصلاة عليه ودفنه بمقابر محافظة حريملاء بجانب صديقه الوفي عبدالله بن سعد الجوهر الذي سبقه منذ ستة أيام إلى مضاجع الراحلين، وقد سبق أن عزانا في هذا الصديق، ولم يدر بخلده أن شعوباً سيرقده محاذياً لجدثه..، - رحمهما الله جمعاً - والواقع أن أبا عمر يُعد من الرجال الأوفياء المخلصين المحافظين على توطيد عُرى المحبة والتواصل بين الأسر والأصدقاء والمعارف، فهو كثير الاتصال بأصدقائه وزملائه بين حين وآخر على فترات متقاربة.
ولا ينسى التهاني في مواسم الأعياد، والمواساة لمن تمر بهم فجائع الأيام والليالي، ولا تزال ترن في أذني كلماته الختامية لكل محادثاته الحبيبة إلى قلبي بقوله (فيه عازة فيه حاجة) وهو مشهور بالكرم والسخاء، وإقراض ذوي الحاجات..، فلم أملك في تلك اللحظة سوى شكره والدعاء له بأن يصلح الله عقبه ويسعده في كلا الدارين، ولقد اكتسب كثيراً من أسباب الحنكة والصفات الحميدة من بيئته الاجتماعية، والاقليمية، ولقد اكتسب كثيراً من أسباب الحنكة والصفات الحميدة من بيئته الاجتماعية، والإقليمية، وملازمته أفذاذ الرجال كأمثال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العدوان - رحمه الله - الذي كان يعمل ممثلاً للحكومة لدى شركة أرامكو بالمنطقة الشرقية. ومسؤولاً عن الأشياء المالية والجمارك هناك..، وقد تربي كاتباً خاصاً في مدرسة ابن عدوان وتحت إشرافه، وبجانب الشيخ الراحل حمد بن علي المبارك الموصوف بدماثة الخلق والأدب الجم الرفيع فكل هذه العوامل اكسبت الأخ محمد بن عمر أشياء كثيرة من المعرفة وتقدير بني الانسان، كما أنه قد انتقل مع معالي الشيخ عبدالله حينما عين وزيراً للمالية بالرياض واستمر في عمله حتى عام 1405هـ حيث طلب الإحالة إلى التقاعد مبكراً ليتفرغ وليكن بجانب والدته أثناء مرضها أكثر من ثمانية شهور حتى انزلها في جدثها آسفاً على فراقها، وفي أثناء عمله يساعد الغير ويسهل أمورهم فيما يقدر عليه طيلة مكثه في الأعمال الحكومية سواء بالشرقية أو بالمنطقة الوسطى. ولذا كان محل تقدير ومحبة لرؤسائه وزملائه ومعارفه، وجميع من أسدى إليه معروفاً..، فحياته كلها حياة عز وسعادة ومحبة ..،وكان لسان حال كل من أسدى إليه معروفاً أو حفاوة ودٍ يُردد هذا البيت قائلاً:
هذا ثنائي بما أوليت من حسن
لا زلت عوض قرير العين محمودا
والعزاء في ذلك كله أنه ترك أثراً طيباً في نفوس محبيه، باقي مدى الأيام، وخلف ذرية صالحة تستمر في تجديد ذكره بالإخلاص في الأعمال الوطنية والإنسانية، وإسداء المعروف وصلة الأرحام وإكرام صديق والدهم والترحم عليه دائماً.
وكأني بأحد أبنائه بعد ما وارت الترب أباه يردد قول المتنبي:
عيد بأي حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
غفر الله لك يا أبا عمر واسكنك فسيح جناته وألهم ذويك وذريتك ومحبيك الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved