Saturday 14th February,200411461العددالسبت 23 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
عبدالله بن بخيت

في الطريق لتطويرعادات جديدة لمواجهة الهجمات الكبيرة التي تبثها القنوات الفضائية التي لا نملك أية سيطرة عليها رغم أن معظمها يعمل بفلوسنا ويفترض أن نفرز الحقائق التي نستطيع السيطرة عليها مقابل الحقائق الأخرى التي لا نملك أية سيطرة عليها. في ظني سنكتشف أن أكثر الحقائق المقلقة يمكن أن تكون تحت سيطرتنا . إذا عملنا بروح بناءة بعيدا عن الخوف والتردد والعزلة.
مع الأسف مازلنا نتحدث عن العولمة وكأنها شيء في علم الغيب بينما نحن الآن نعيشها بكل أبعادها. صحيح أن نتائجها الكبيرة لم تظهر بعد ولكن هذا لا يعني أنها ليست نشطة في داخل المجتمع.
ان أول مشكلة يواجهها المجتمع السعودي ليس عدوان العالم عليه بل العزلة عن بعضه البعض وعزلته عن العالم. فالتماسك القديم وتبادل العادات وترسيخها بدأ يفقد قوته أمام عوامل العزلة التي أنتجتها الفضائيات والتكنولوجيا والتي اسس لها ودعمها نمط العيش الذي صممه مهندسو الطفرة. فالبيت السعودي هو أفضل وسيلة لعزل الناس عن بعضها. فالذي يقرأ مفرداته سيلاحظ أنه مصمم ليعيش فيه أهله بعيداً عن الناس ودون مخالطة أحد وكأنه سفينة تشق طريقها في بحر الظلمات.
عندما نشتكي من رسائل الجوال التي أصبحت بديلا لحميمية اللقاء ففي واقع الحال نحن نشتكي من عادت رسخناها سهلت عمل رسائل الجوال في هذا الاتجاه ولكننا لا نريد أن نبحث فيها لاننا لا نريد ان ننظر إلى استراتيجية المرحلة بروح منفتحة. نحن نتكلم عن الفضائيات بصورة أسطورية لا بصورة واقعية. حسب متابعتي لم أقرأ لأحد يحلل الفضائيات إلى جزيئاتها وإلى طبيعة برامجها وإلى الناس الذين يديرونها وإلى امكانياتها الحقيقية في التأثير الخ. لو قرأناها بصورة مجزئة وعقلانية لتوصلنا إلى أن الفضائيات أقل بكثير من هذا الرعب الذي يخيفنا. ما الذي سيحدث للفضائيات لو أننا فوتنا عليها استغلال عنصر المرأة بصفة خاصة والجنس بصفة عامة. لا أستطيع الآن أن أحدد اسم قناة فضائية معينة وأحلل معطياتها ولكني أستطيع أن أقول ان تسعين بالمائة من عوامل جذبها يعود للجنس بغض النظر عن المدى الذي تذهب فيه. في ظني هناك مشكلتان مع الجنس: الأولى الحقيقة القائمة التي يستغلها ملاك الفضائيات، والاخرى الوهمية التي تضخمت في دالخنا بسبب قوانين العزلة المتنوعة. فلو نظرنا للبيت في الماضي والبيت الحديث تلاحظ ان هناك اوهاما كثيرة احاطت بانشاء البيت الحديث لا تمت للعادة القديمة بصلة وعكست هذه الأوهام نفسها على نمط وسلوكيات العيش حتى طالت كل شيء في الحياة. وهذه العزلة جعلت السعودي غير حاضر في أي مركز من مراكز التأثير. بدأ التلفزيون السعودي بثه قبل أكثر من أربعين سنة تقريبا سابقا الكثير من الدول العربية التي تسيطر الآن على البث الفضائي. ولكن هذا السبق لم يكن له تأثير بسبب ما يعانيه التلفزيون من قيم العزلة في الثقافة العامة. فالسعودي لا يمكن أن يكون أكثر من متفرج وإذا تواجد ليس أمامه إلا ثلاث فرص اما أن يكون مداخلاً عبر الهاتف أو مفتيا دينيا أو معلق كرة. هذه الوظائف الثلاث التي تركت للسعودي. أما الانتاج الدرامي وصياغة الأخبار وبناء البرامج المختلفة ووضع الاستراتيجيات فهذا أمر غير وارد. أتذكر أن قناة الام بي سي وظفت عدداً من المذيعين السعوديين ولكنهم لم يستمروا أكثر من أشهر دون أن نعرف السبب. ولم يحس احد أن هناك مشكلة حدثت. طويت القضية ونسيت تماما ولم تعد الام بي سي أو أية قناة أخرى إلى التجربة مرة أخرى. إذا جزء كبير من القضية ليس خارجيا بل داخلي. وهذا ما يجب البحث فيه. لا أقصد البحث المباشر في ما يمكن أن نسميه الغزو الخارجي بل البحث في الداخل لبناء معايير جديدة تتعامل مع هذا الغزو الذي يبدو أنه غول سيلتهمنا وهو في الواقع ليس كذلك. قال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة). وهذا لن يكون بدون البحث في قيم القوة التي نملكها وعرضها على الناس بدلا من الترهيب والتخويف وسحب الناس خارج المعركة الكبيرة التي تخوضها البشرية هذه الأيام.

فاكس:4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved