Sunday 15th February,200411462العددالأحد 24 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في انقطاع الوشائج.. في انفصام العرى
د. فارس محمد الغزي

العرب بكل تأكيد أمة اجتماعية.. تفر من العزلة والوحدة إلى الاختلاط وتهرب من السكون والصمت إلى ضوضاء أو أضواء النطق والمساجلات والمعلقات والإنشاد والتجمعات والمنتديات.. وغير ذلك من فنون الخطاب ووسائل التخاطب. فالنزعة (الاجتماعية) في العرق العربي أصيلة إلى درجة أن الفرد القديم منهم إذا لم يجد من يتواصل أو يتسامر معه من بني جنسه لجأ إلى التقول على ألسنة الحيوان والطير والجمادات. باختصار فالعربي يقتات على التعايش اجتماعياً مع غيره واسألوا في ذلك منتديات عكاظ وسجلات المعلقات ووقائع المربد وغيرها من أيام العرب السالفة. والسؤال قياساً هو: ماذا عن هذه النزعة الفطرية لدى عرب قروننا المتأخرة؟ كما يبدو ففطرة كهذه قد انحرفت أو بالأحرى تلاشت كلية لاسيما لدى عرب هذا القرن.. عرب العولمة. وهناك بالطبع العديد من المؤشرات المؤكدة لهذه الفرضية والتي من ضمنها المفارقات السريعة التالية:
1-اتسمت النزعة الاجتماعية لدى أوائلنا بسمو وسموق وتواصل سامٍ بحثاً عن المعلومة أياً كانت أغراضها حتى لو كانت لمجرد المرح والمتعة .بينما تتسم هذه النزعة في منتديات ومؤتمرات واجتماعات عرب هذا الزمان بالمشاحنات واستعراض العضلات والتتنقيب عن السلبيات وغير ذلك من مؤتمرات الغيبة وغباء المؤامرات.
2- من سمات النزعة الاجتماعية لدى الأوائل الشمولية فقد ضمت مختلف الطوائف والفئات والألسن.. لتضم الغني المترف مع الصعلوك الفقير المعدم.. والأعرابي الجلف مع المديني المتحضر.. والتقي مع الفاسق.. والعالم مع الطالب.. بينما تبدو هذه النزعة لدى العرب الأواخر وهي مكبلة بكماشة (الانكماشية) والانطوائية والانتقائية والشللية وغير ذلك مما يتدرج تحت :(إذا انت لست معي فأنت ضدي).
3- النزعة الاجتماعية لدى الأوائل أصيلة.. متجذرة تبدو وكأنها تبدأ من نطاق الأسرة الصغيرة لتمتد عبر كافة شرايين المجتمع الكبير كما توضح ذلك ملاحم تراثنا الطارف.. فكما أنك تجدها في أعلى المستوايات الثقافية على المستوى الجمعي تجدها أيضاً بين الرجل وإخوته وزوجه وأبنائه وبناته.. ولهذا تمثلوا بالقول: (الرجل طفل في بيته) بل أكدوا ذلك تمثلاً بالقول :(من الأدب ترك الأدب) ويقصدون بذلك بين الإخوان.. حيث من المفترض أن تسقط حواجب التصنع والمجاملة (والثقل) المصطنع بين أبناء الرجل الواحد وبالقياس فهذه النزعة لدى عرب العولمة ليس للمرأة أو البنت أو الأخت أو الأخ مكان فيها.. فكل له عالمه وكل يغني على ليلاه.. بل تجد أن لقاء الأخ بأخيه أو إخوته وقد أضحى زمننا هذا عسيراً وشاقاً على النفس حيث لا تعدم التململ والجدية المصطنعة والنقد اللاذع والنصائح الميكانيكية وانعدام البهجة والمتعة والفكاهة.
ختاماً.. يازمان العجايب وش بقى (ما اختلف)...؟!
مع الاعتذار هنا للشاعر على ماتم تحريفه وتقويسه منها..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved