Sunday 15th February,200411462العددالأحد 24 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

1 - 4 ذوو الخيلان والشامات 1 - 4 ذوو الخيلان والشامات
عبدالرحمن بن محمد العقيل

لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت764هـ) كتاب بعنوان (كشف الحال في وصف الخال)، وهو - كما هو واضح من عنوانه - تأليف في موضوع من الموضوعات النادرة، وللصفدي اهتمام قديم بهذه الموضوعات، فقد ألّف في العميان والعور، وغيرهما.
وقد قسم الصفدي كتابه إلى مقدّمتين ونتيجة شعرية مرتبة على حروف الهجاء، جمع فيها مقطعات شعرية بلغ عددها 790 بيتًا مما قيل في الخيلان. فجعل المقدّمة الأولى لبيان معاني: (الخال)، و(الشامة)، و(الحسنة) لغة مع الاستشهاد بالآثار والأشعار، والاستطراد بذكر فوائد لغوية. وتحدّث في المقدّمة الثانية عن حقيقة الخال، وسبب وجوده في الأبشار، وكلام أهل الفِراسة عن دلالة وجود الخيلان في أماكن بعينها من الجسد، ثم انتقل إلى الحديث عن أحسن الخيلان موضعًا وشكلاً وحجمًا، وتكلّم على وجود الشَّعر في بعضها وانعدامه في بعضها الآخر، ثم انتقل بالحديث إلى ذكر أهم الأعلام ممن لهم خيلان متميزة في أجسادهم.
ولكن الصفدي شَغَلَ نفسه باستطرادات لغوية وشعرية بعيدة عن موضوع الكتاب، كما فوّت الكثير من التراجم المهمة الداخلة في موضوع الكتاب، مِمّن عُرِفوا بشامات في أجسادهم، وشَغَلَ نفسه بتراجم بعيدة عن الموضوع، مثل ما ساقه - في المقدّمة الثانية - عن أعلام (الشاماتية) المنسوبين إلى (شاماتا).
وقد رغب أخي الأستاذ يوسف العتيق أن استدرك على الصفدي ما فاته من تراجم، فاستدركتُ عليه هنا ما استطعت من ذكر أصحاب الخيلان والشامات - بعد أن نفضت يدي من موضوع حبة الخال - وهو ما يصل إلى نحو ثلاثة أضعاف ما ذكر الصفدي:
(1) شامة أهل الأعراف (مساكين الجنة): في نحورهم شامة بيضاء. وأصحاب الأعراف هؤلاء - كما في حديث حذيفة رضي الله عنه - قوم تكافأت أعمالهم فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة، وقصرت بهم سيئاتهم عن النار، فجُعلوا على الأعراف حتى يقضي الله بين العباد، ثم يستشفعون.
أخرج ابن أبي شيبة في (مصنفه): (حدّثنا وَكِيْع: عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن مجاهد، عن عبدالله بن الحارث قال: أصحاب الأعراف يُنتهى بهم إلى نهر يقال له: (الحياة)، حافتاه قصب ذهب - قال: أراه قال: (مكلل باللؤلؤ) - فيغتسلون منه اغتسالة، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء، ثم يعودون فيغتسلون، فكلما اغتسلوا ازدادت بياضًا.. فيقال لهم: تمنوا ما شئتم، فيتمنون ما شاؤوا. فيقال: لكم ما تمنيتم وسبعون ضعفًا. فهم مساكين أهل الجنة).
(2) ما وَرَدَ في الأخبار عن المَهْدي الذي يكون في آخر الزمان، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَذْهَبُ الدُّنيا حتى يَمْلِكَ العَرَبَ رَجُلٌ من أهلِ بَيتي، يُواطِئُ اسمُهُ اسمي).
والثابتُ في صحيح الأخبار: (أنهُ يكونُ في آخرِ الزمان، يَملأُ الأرضَ عَدلاً، كما مُلِئَتْ جَوْرًا وظُلمًا، وهو أحدُ الخلفاء الراشدين والأئمّة المَهديِّين، وليس هو بالمنتَظَرِ الذي تَزْعُمُ الرافِضَةُ، وتَرْتجي ظُهورَه من سِردابِ سامرّاء، فإن ذلك ما لا حقيقةَ له، ولا عينَ، ولا أثر).
ومن حِلية المَهْدي أنه: أسمر اللون، كَثّ اللحية، أَكْحَل العَينين، بَرّاق الثَّنايا، في خدّه خال.. إلخ.
وقيل: أجلى الجبين، أقنى الأنف، أَزْيَل الفخذين، أفلج الثنايا، بفخذه الأيمن شامة.
وفي (السِّيرة الحَلَبيّة) من حديث ابن عبّاس رضي الله عنه: (وظهوره يكون بعد أن يكسف القمر في أول ليلة من رمضان، وتكسف الشمس في النصف منه، مثل ذلك لم يوجد منذ خلق الله السماوات والأرض، عمره عشرون سنة - وقيل: أربعون سنة - ووجهه كوكب دُرّي، على خدّه الأيمن خال أسود، يخرج في آخر زمان الدجّال، وينزل في زمانه عيسى بن مريم.
وأمّا ما ورد: (لا مَهْدي إلاّ عيسى بن مريم) فلا ينافي ذلك، لجواز أن يكون المراد لا مَهْدي كاملاً معصومًا إلاّ عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام).
وأخرج الطبراني حديث أبي أمامة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيكون بينكم وبين الروم أربع هُدن، تقوم الرابعة على يد رجل من أهل هِرَقْل يَدوم سبع سنين. فقال له رجل من عبدالقيس (يقال له المستورد بن خيلان): يا رسول الله، مَنْ إمام الناس يومئذ؟ قال: مِنْ ولد أربعين سنة، كأن وجهه كوكب دُرّي، في خدّه الأيمن خالٌ أسود، عليه عباءتان قعوايتان، كأنه مِنْ رجال بني إسرائيل، يملك عشرين سنة، يستخرج الكنوزَ، ويفتح مدائن الشرك).
(3) يعقوب عليه السلام: على شَفَته السُّفلى خال. أورد البيهقي في (دلائل النبوة) في باب ما وُجِدَ من صورة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم مقرونة بصور الأنبياء قبله بالشام، عن الحاكم إجازة في حديث طويل يرويه هشام بن العاص الأموي رضي الله عنه عن بعثه إلى هِرَقْل، ومنه: (ثم فتح بابًا آخر، فاستخرجَ منه حريرةً بيضاءَ، فإذا فيها صورةُ رَجُلٍ أبيضَ، مُشْرَب حُمرةً، أقنى، خفيف العارضَيْن، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا. قال: هذا إسحاق، عليه السلام. ثم فتح بابًا آخرَ، فاستخرجَ منه حريرةً بيضاءَ، فإذا فيها صورة تشبهُ إسحاقَ إلا أنه على شَفَته السُّفلى خالٌ، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا. قال: هذا يعقوب، عليه السلام).
(4) يوسف عليه السلام: روي عن ابن عبّاس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: {قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ} سورة يوسف «90» أن إخوة يوسف لم يعرفوه حتى وضعَ التاج عن رأسه، فنظروا إلى علامة بقرنه كانت ليعقوب وسارة مثلها، تشبه الشامة البيضاء.
وجاء في صفته عليه السلام في (الأنس الجليل): (وكان عليه السلام أبيض اللون، حسن الوجه، جعد الشعر، ضخم العينين، مستويًا، غليظ الساعدين والعضدين والساقين، أقنى الأنف، صغير السرّة، بخدّه الأيمن خال، وكان ذلك الخال يزين وجهه، وبين عينيه شامة تزيده حسنًا وجمالاً، كأنه البدر).
(5) إلياس عليه السلام: أخرج الحاكم في (المستدرك على الصحيحين) في ذكر نبي الله إلياس وصفته عليه السلام عن كعب رضي الله عنه: (كان إلياس نبي الله صاحب جبال وبريّة يخلو فيها يعبد ربّه، وكان ضخم الرأس، خميص البطن، دقيق الساقين، وكان في رأسه شامة حمراء، وإنما رفعه الله إلى أرض الشام ولم يصعد به إلى السماء، فأورث اليَسَع من بعده النبوة).
(6) شامة نبي الله موسى عليه السلام: قال ابنُ قتيبة: (وكان في جبهةِ هارون شامةٌ، وفي أرنبةِ أنفِ موسى شامةٌ، وعلى طَرَفِ لسانِه شامةٌ، وهي العُقدةُ التي ذكرَها اللهُ عزّ وجلّ، ولا يُعرَفُ أحدٌ قَبلَهُ ولا بعدهُ كان على طَرَفِ لسانِه شامة).
قيل: إنّ العُقدة هي الشامة على لسانه عليه السلام، كما في الخَبَرِ هنا، وقيل: إنّ تلك العُقدة حدثتْ بلسانه عند مُناجاة رَبِّه، حتى لا يُكلِّمَ غيرهُ إلاّ بإذنه، وقيل: إنها من رُتّة (وقيل: لُثغَة) نشأتْ من جَراءَ إلقاءِ الجمرة إلى فيه يومَ هَمّ فرعون بقتله.
قال الإمامُ الطبريُّ في تفسير قوله تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي} سورة طه «27»: (وكانت فيه فيما ذُكِرَ عُجمةٌ عنِ الكلامِ الذي كان من إلقائِه الجمرة إلى فيه يومَ هَمّ فرعون بقتلِه (.....).
حدّثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عنِ السُّدِي، قال: لَمّا تحرّكَ الغلام (يعني: موسى) أورتهُ أُمّه آسيّةَ صَبيًّا، فبينما هي تُرقّصهُ وتلعبُ بهِ، إذ ناولتهُ فرعون، وقالت: خُذهُ، فَلَمّا أخذهُ إليه أخذ موسى بلِحيَتِه فنَتفها، فقال فرعون: عَلَيَّ بالذبّاحين، قالت آسيّة: {لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} سورة القَصَص «9» إنما هو صَبيٌّ لا يَعقِل، وقد عَلِمْتَ أنهُ ليس في أهل مصر أحلى مِنّي (أي: أكثر مِنّي حُليًّا)، أنا أضعُ له حُليًّا منَ الياقوت، وأضع له جمرًا، فإن أخذ الياقوت فهو يَعقِل فاذبَحهُ، وإن أخذ الجمر فإنما هو صَبيٌّ، فأخرَجَتْ له ياقوتها ووضَعَتْ له طَسْتًا من جمر، فجاء جبريلُ عليه السلام، فَطَرَحَ في يَدهِ جمرةً، فَطَرَحَها موسى في فيه، فأحرَقَتْ لسانهُ، فهو الذي يقول الله عزّ وجلّ: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} فزالَتْ عن موسى من أجلِ ذلك).
ووجود الشامة في اللسانِ مُستبعدٌ جدًّا، كما أنّ الزعمَ بوجودها بلسان موسى عليه السلام - إذا صَحّ ذلك - فلا يُسبِّب رُتّة في النُّطقِ بالضرورة.
(7) عُزير: ورد في قصته - وهي مشهورة - أن ابنه تَعرَّف إليه بعد عودته بشامة سوداء بين كتفيه مثل الهلال.
(8) أفلاطون: جاء في صفته: (كان رجلاً أسمر اللون، معتدل القامة، حسن الصورة، تامّ التخاطيط، حسن اللحية، قليل شعر العارضين، ساكنًا، خافضًا، أشهل العينين، برّاق بياضهما، في ذقنه الأسفل خال أسود، تامّ الباع، لطيف الكلمة، محبًّا للفلوات والصحاري والوحدة).
(9) المسيح عيسى عليه السلام: جاء في صفته في حديث الإسراء: (وأمّا عيسى فرجلٌ أحمرُ بين القصير والطويل، سَبطُ الشَّعرِ، كثيرُ خيلانِ الوجه، كأنه خرج من دِيماسٍ، كأنّ رأسهُ يقطرُ ماءً، وما به ماء، أشبهُ مَن رأيتُ به عُرْوَةُ بنُ مسعود).
وجاء في صفته أيضًا في حديث الضحّاك بن زمل الجهني رضي الله عنه (في رؤياه): (وإذا عن يمينك رجل رَبْعَة تارّ أحمر كثير خيلان الوجه، كأنما حمم شعره بالماء، إذا هو تكلّم أصغيتم له إكرامًا له).
وتعبير الرسول صلى الله عليه وسلم رؤياه بقوله: (.. التارّ الرَّبْعَة، الكثير خيلان الوجه، كأنما حمم شعره بالماء فذاك عيسى بن مريم، نكرمه لإكرام الله إيّاه).
(10) بطليموس (صاحِب المجسطي): وَصَفَهُ المُبَشِّر بن فاتِك في كتابه (مختار الحِكَم ومَحاسِن الكَلِم) أنهُ (كان مُعتدِل القامة، أبيض اللون، تامّ الباع، لَطيف القَدَم، على خدّه الأيسر شامة حمراء، كَثّ اللحية).. إلخ.

يتبع


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved