Sunday 22nd February,200411469العددالأحد 2 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
النَّصر قادم
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

أرى في وجوه الشباب، ومن هم في أوائل مرحلة الصبا من أبنائنا علامات استفهام حزينة مضطربة، وهم يرون واقع الحال، وقد سمعت منهم أسئلة كثيرة فيها إلحاح كبير: لماذا كل هذا يجري للمسلمين؟ كيف تستطيع دولة مثل دولة الصهاينة أن تبقى غُصَّةً في حَلْق أمةٍ يصل عددها إلى مليار وثلث المليار من البشر؟ كيف تستطيع دولةٌ مهما كانت دولةً عظمى أن تحتلَّ دولاً إسلامية كبيرةً في أيامٍ قلائل؟
لماذا الهزيمة؟ كيف نستطيع نحن -الجيل الصاعد- أن نعرف موضع أقدام مستقبلنا في هذه الليالي الحالكات، والأحداث المدلهمَّات؟.
يالها من أسئلة دامية اليمة مؤلمة! يا إلهي أسألك أن تفتح نوافذ الوعي في عقول رجال أمتنا ونسائها بالطريق الصحيح للنصر.
أحدهم قال لي -وهو شاب في سنِّ المراهقة-: هل تعلم أنني أقف منزعجاً أمام صورتين متناقضتين أصابتاني بالذهول؛ إحداهما صورة عشرات الآلاف من النساء المسلمات في أنحاء البلاد الأوروبية يطالبن بالحجاب، وبإلغاء القانون الفرنسي الذي يمنع المرأة المسلمة من حجابها، ويرفعْنَ لافتاتٍ تحمل أقوى العبارات وأوضحها، وثاني الصورتين صورة عدد من نساءٍ مسلمات في عالمنا الإسلامي يقفْنَ أمام لاقطات التَّصوير مبتسماتٍ فَرِحَاتٍ بتخلُّصهنَّ من الحجاب.
ياللهول كيف أفهم الأمر، وأجمع بين الصورتين؟ أين الحقُّ، أهو هناك، أم هنا؟ أنقذونا إنْ كنتم تخافون الله فينا.
وحاولت أنْ اهدِّئ من ثورته، وأنْ أنقذه من أسباب حيرته، قلت له: هذا الاضطراب الذي تراه هو نتيجة طبيعية لمرحلةٍ سابقة لم تعرفها، ولم تَرَها، لقد فرَّط أهلك المسلمون فيما مضى، ونشأ ملايين الشباب في تلك المرحلة على مجموعة من المذاهب والأفكار الغربية والشرقية، سرقتهم من صفاء دينهم إلى غَبَش الضلالات والأهواء فكانت مسيرةً مؤلمة قاسية، أنتَ الآن أيها الفتى الحبيب ترى نتائجها، فلا تيأس، ولاتضطرب، واعلم أنَّ أمامك معالم بارزة للعلم النافع، والجدِّ، والإخلاص، وعدم إضاعة الوقت فيما لايفيد، والقراءة المتأمِّلة الواعية لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يجب أن تعلم أن وسائل الإعلام تُفرز أمامك الآن نَتاج تلك الفترة المضطربة من الخلافات الحادَّة، والصراع الثقافي والفكري الساخن، والاتجاهات المتعاكسة بصورة تثير الحيرة والاضطراب، ولاخلاص من ذلك كلِّه إلا بسلوك طريق الخير.
أين طريق الخير؟
أبشرْ، أبشرْ، هو ممتدُّ لم ينقطع منذ أن نزل قوله تعالى في سورة الشعراء (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {194}). وقوله تعالي في سورة يوسف {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف.
هنا أقف لأوجه النداء إلى ولاة أمر المسلمين وعلمائهم ومفكريهم ومثقفيهم، وأصحاب الرأي والكلمة فيهم قائلاً: اتقوا الله في هذه الأَجيال، فأنتم والله مسؤولون عنها أمام ربكم إنَّ العمل مطلوب في كل وقت، ولكنه في هذا الوقت أشدُّ إلحاحاً في الطلب، ولن ينفع -أبداً- الاستمرار في قصد مجاراة الآخرين ومسايرتهم طلباً لرضاهم، وأملاً في إيقاف حملاتهم المسعورة، إنما ينفع برنامج عملٍ حقيقي قويّ واضح ينبثق من عقيدة الأمة ومنهجها مصاحب لما يفرضه الواقع من مجاراة ومسايرة تحول دون استمرار الصائل في صولته.
اتقوا الله في هذه الأجيال ، وأبشروا.
إشارة


لايُقرُّ الرحمن هذا التجافي
فلمن تُخضعون حمر الرقابِ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved