Tuesday 24th February,200411471العددالثلاثاء 4 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

كُنت.. سأبكي إلا أنني أعرفك كُنت.. سأبكي إلا أنني أعرفك
أنور عبدالمجيد الجبرتي

* المشروع الأمريكي ل(الشرق الأوسط الكبير) مشروع عِنِّين، يشبه إلى حد كبير (خريطة الطريق) المأسوف على شبابها، منذ أن وُلدت مجهضة من أصلاب وترائب فاسدة، ومتحيزة.
* مشروع (خطة الطريق) يتحدث عن دولة فلسطينية، مستقلة، وخطة طريق للوصول إليها، ولكن صاحب المشروع أسير لرؤيا إسرائيلية متطرفة، رهين لسياسة انتخابية منحازة، ضد الحق والعدل والحرية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ممثل في (فيلم) تعزف موسيقاه التصويرية، الدبابات والجرَّافات والطائرات الإسرائيلية، ويلعب دور البطولة الفلسطينيون المظلومون المهدرة إنسانيتهم وحقوقهم، ويقوم بدور (الكومبارس)، عصابة المحافظين الجُدد الملتفَّة حول الرئاسة الأميركية التفاف السوار بالمعصم.
* وهكذا مشروع (الشرق الأوسط الكبير).
* كلمات حق جميلة لا يختلف عليها الكثيرون ولكنها وُلدت في أكناف الباطل، ويمشي الباطل بين يديها، ومن خلفها.
* من الذي يستطيع المجادلة مع المفهوم المطلق للحكم الصالح، والمشاركة الشعبية، ومجتمع معرفي متطور، وإعلام منصف متحرر،ومبادرات منطلقة للمشاريع الصغيرة، ودعم لها مالاً ومشورةً، إلى آخر ما جاء في الوثيقة العجيبة، مصدراً وتوقيتاً وطريقة إخراج؟
* محتوى الوثيقة جميل ولطيف إلا أنه ليس جديداً أو طريفاً.
* معظم مؤتمرات الفكر العربي، وندوات الفضائيات تتحدث عن حلول لمشاكل النهضة العربية، على نحو أكثر شمولاً، وبتناول أعظم عُمقاً، وبلهجة أكثر إخلاصاً.
* ولو كان القارىء من الأكاديميين المعتادين على تقييم الأبحاث لوجد أن المشروع الاميركي لا يتجاوز مستوى ورقة بحث فصلية، تم اعدادها على عجل قبل نهاية الفصل الدراسي، وقام الطالب بتجميعها من الأبحاث السابقة والتقارير والأخبار الصحفية.
* لا يحظى العالم العربي من الولايات المتحدة الأميركية بمجهود بحث بدرجة مقبول، لأن السياسات الايديولوجية الدوغمائية، غالباً ما تكون انتقائية وتلفيقية، وذات نظرة عوراء متعجلة ولاهثة.
* وعلى كل حال فإن المشروع يتخلى عن الجغرافية القومية العربية، لتمييع العالم العربي في شرق أوسط كبير، تذوب في انحائه قضايا العرب ومظالمهم، وأهمها القضية الفلسطينية، والأراضي العربية المحتلة في لبنان والجولان.
* من السَّهل والرخيص والمفيد انتخابياً أن تتحدث الإدارة الاميركية الحالية عن المعاني الجميلة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والمجتمع الشرق أوسطي النهضوي المعلوماتي، الحر، اقتصادياً وإعلامياً.
* ومن الصعب والمكلف والمناقض لأيديولوجية المحافظين الجدد واليمين المسيحي الصهيوني النافذ، أن تتحدث الإدارة الأميركية بنزاهة وصدق عن مشكلة العرب الجوهرية مع الولايات المتحدة الأميركية في إنحيازها المطلق والمخجل غير المسبوق مع الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والممارسات الإسرائيلية اللانسانية وغير القانونية ضد الشعب الفلسطيني.
* يذكر (المشروع ) في مقدمته شهادة مؤسسة (بيت الحرية) عن إسرائيل، بأنها الدولة الحرَّة الكاملة، وهناك وفقاً للتقرير، أنْصافُ أحرار وأرباع احرار في المنطقة، وهذا ما تفتقت عنه الموهبة التسويقية الأميركية للترويج للمشروع بين العرب، الذين يمصمصون شفاههم ويتساءلون عن نعم هذه الدولة الحرة وبركاتها في منطقتهم، وتأكيد هذه الدولة لنفسها على أساس عرقي وديني، ودلالات ذكر هذا النموذج في الوثيقة الأميركية، ويندهشون أكثر لهذا الغباء أو ذلك العماء المطلق الذي تتعامل به الإدارة الأميركية مع قضايا المنطقة والرأي العام فيها.
* ويأتي هذا التفسير بالديمقراطية والحكم الصالح والمجتمع المعرفي في وقت تتراجع فيه مساحة الحرية وحماية القانون في الولايات المتحدة الأميركية خاصة تجاه العرب والمسلمين، ويجد الطلاب العرب صعوبة في الحصول على تأشيرات دراسية للالتحاق بجامعاتهم الأميركية أو حتى العودة لمتابعة الدراسة، ويعاني المرضى دون سن الأربعين تأخيراً مكلفاً للحصول على تأشيرات الدخول، ويقبع معتقلو (جوانتنامو) في فراغ قانوني وحقوقي غير مسبوق.
* في الوقت الذي تبشر فيه الإدارة الأمريكية بقيم الحرية والعدالة والمساواة، ننظر فنرى أمريكا التي عشنا فيها سنوات طويلة جميلة ومثمرة ونحتفظ عنها بذكريات عذبة، يتم اختطافها وتشويه وجهها وسمعتها بممارسات ومواقف جاهلة وخاطئة ومناقضة للقيم الأميركية نفسها.
* لقد جاء في الوثيقة كلام جميل قديم لا تحتكره الولايات المتحدة، وقد سبقت اليه، بل ويكفيها ذنباً أن تكون قد اساءت إلى الأقوال الجميلة بالمواقف السيئة والقدوة المعطوبة والسجل الرديء تجاه قضايا العرب الكبرى.
* نحن نتأثر بالكلام الجميل وتأسِرُنا الكلمة الطيبة، ونصعد عالياً عندما نسمع نثراً مسبوكاً وشعراً محبوكا،ً لكننا نتأزم ونغتم عندما نفتح اعيننا ونتمعَّن في عيون الناثرين والقائلين فنتذكر أننا نعرفهم على حقيقتهم.
* صعد الواعظ إلى المنبر فألقى موعظة مؤثرة ارتجت بها أنحاء المكان وبكى لها الحضور، وعندما نزل من المنبر أخذه صديقه جانباً وقال له: لقد كانت موعظة بليغة وجيدة وذات وقع مؤثر، وأصدقك القول: إنني كنت على وشك البكاء لولا أنني، اعرفك يا صديقي جيِّداً.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved