Tuesday 24th February,200411471العددالثلاثاء 4 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
زينبُ بنتُ حُدَيْر وشُرَيْحٌ القاضي
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

قال شُريح: انصرفتُ من جَنَازةٍ ذاتَ يومٍ مُظهِراً، فمرَرتُ بدارٍ لرجلٍ من تميم، فإذا امرأةٌ جالسة على وسادة في سقيفة، وأمامها فتاةٌ لها ذُؤابةٌ على ظهرها، فاستسقيتُ، فقالت: أيُّ الشراب أعجب إليك؟ قلتُ: ما تيسَّر، فأمرت لي بقدح من اللبن، فشربت اللبن، ثم قلت لها: من هذه الفتاة؟ قالت: ابنتي، قلتُ: ومِن أيِّ البيوت هي؟ قالت: هي زينبُ بنتُ حُدَيْر من تميم، قلتُ: أفارغةٌ هي أم مشغولة؟ قالت: بل فارغة، قلت: أتُزوِّجِنيها؟ قالت: إن كنت كفؤاً لها فنعم، وإنَّ لها عمّاً في مكان كذا فاقصده.
قال شُريح: فتركت القيلولة، واتجهت مع بعض أصحابي إلى عمّها، فرحَّبَ بنا أجملَ ترحيب، وذكرت له حاجتي فقال: ما بها عنك رغبة، ولا بك عنها مقصر، وإنك لنُهْزة، فزوَّجني وباركَ لي، ثم نهضنا.
فلما بلغت منزلي نَدِمتُ على العَجَلة، وقلت: ويْحِي، لقد تزوَّجت من أغلظ العرب وأجفاها، وهممت بالطلاق، ثم عزفت عنه، وأقبلوا بها إلي بعد أيام، فلما ذهب الناس قلت لها: إن السُّنّة أن نصلي ركعتين ونسأل الله خير ليلتنا، ونعوذ به من شرها، قالت: نعم، ثم قالت: يا شُريحُ أنتَ عني غريبٌ لا أعرف أخلاقَك، فأخبرني بما تُحِبُّ وما تكره، فعظمت في نفسي.
قال شريح: والله ما مرَّ بي يوم إلا وهو معها أفضل من سابقه، وقد رأيت أثر ذلك جلياً في تعاملي مع الناس، وما حصل بيننا خلاف يذكر، إلا أنني عاتبتها ذات يوم حينما وضعتُ إناء على عَقْربٍ وقلت لها: لا ترفعيه حتى أعود من صلاتي فأقتلها، فرفعت الإناء فلدغتها العقرب، وقد سمعت جاري يضرب زوجته ذات يومٍ، فَعَجِبتُ لذلك وغضبتُ وقلت:


رأيتُ رجالاً يضربون نساءهم
فشَلَّتْ يميني يوم أضربُ زينبَا
أأضربُها في غير جُرمٍ أتتْ به
إليَّ، فما عُذري إذا كنتُ مذنباً؟
صدمتني أخلاق المسلمين

أهمُّ ما جذبني إلى الدين الإسلامي العظيم أنني رأيت المسلمين لا يتركون دينهم وإن تركوا أخلاقهم الإسلامية وأهملوا، في الوقت الذي لا يجد أي مسيحي فيه حرجاً من ترك دينه كلياً، وهذا ما شجعني على القراءة المكثفة عن الدين الإسلامي، حيث وصلت إلى قناعة تامة أنه الدين الصحيح، وبدأت أجرِّب الإسلام عملياً، وانضممت إلى جيراني المسلمين في صيام شهر رمضان المبارك، واختزلت من استهلاكي للكحول ولحم الخنزير، ولبست الحجاب، وقد رأيت معظم زملائي المسلمين يبدون اندهاشهم لذلك، ويثبِّطون همتي بحجة أنهم في أوروبا.
وإني أحمد الله أنني عرفت الإسلام واقتنعت به، قبل أن أعرف تلك الأخلاق السيئة عند بعض المسلمين، من الحسد، والغيبة، والنميمة، وارتكاب بعض الكبائر، وإلا لصرفني ذلك عن الإسلام.
إنَّ كثيراً من المسلمين في ألمانيا، وأوروبا وأمريكا، لا يعبِّرون عن الإسلام تعبيراً جيداً في سلوكهم وأخلاقهم.
لقد صدمتني أخلاق المسلمين، وعرفت أسرار ضعفهم بعد أن أسلمتُ.
هذا ما قالته المسلمة الألمانية (آنيا زويتا) في لقاء طويل أجرته معها مجلة (المستقبل الإسلامي) الصادرة عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
هل نتساءل: لماذا يحدث هذا من بعض المسلمين، أو من أكثرهم، كما يرى بعض المتابعين لحالتهم في العالم العربي والإسلامي، وفي أنحاء العالم الأخرى؟
وإذا تساءلنا لمعرفة الجواب الموضوعي الهادف، فمن الذي سيجيب؟
يقول تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، أي لا يُنقصكم من أعمالكم شيئاً، بل يحفظها لكم، ويجزيكم بها أوفى الجزاء في الدنيا والآخرة، إنها طاعة الله ورسوله، فهي المنقذ من حالة الضعف.
إشارة


الله يملك أمر الناس فاتّجهوا
إليه يدفعكم عزمٌ وإصرارُ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved