Tuesday 24th February,200411471العددالثلاثاء 4 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بسبب كتاب (عميد الرحالين) بسبب كتاب (عميد الرحالين)
المشوح يختلف في بعض النقاط التي تناولها أبو حمراء

سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك
اطلعت على ما كتبه الأخ الصديق الباحث محمد بن ناصر أبو حمراء في جريدتكم الغراء بالعدد رقم 11448 وتاريخ 10-12-1424هـ حول كتاب (عميد الرحالين محمد بن ناصر العبودي - حياته، إسهاماته، جهوده).
ولقد سعدت باطلاع الزميل محمد على الكتاب وتخصيصه وقتاً لقراءته والتعليق عليه.
إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون لي رأي مخالف لما أبداه الأخ محمد أبو حمراء حول عدد من النقاط التي لم ترتقِ إلى مستوًى من الطرح العلمي العميق الذي كنا نأمله منه، والذي أوجزه بالآتي:
أولاً: ما ذكره من تعليقه على عنوان (عميد الرحالين) ومقارنته بين رحلات الآباء والأجداد على ظهور الدواب وبين رحلات معالي الشيخ محمد العبودي، فتلك مقارنة مع الفارق، ولو أن الأخ محمد أظهر مقارنة واقعية مع بعض الرحالين العالميين لكان أولى وأجدى، مع أن هذا الضيق الذي أبداه الأخ محمد تجاه العنوان لا يحمل معه تبريراً واقعياً علمياً.
ذلك أن الآباء والأجداد الذين سافروا ورحلوا رحلاتهم -أيها الأخ العزيز- كانت محدودة تتناسب مع قدراتهم وحاجاتهم لتلك الرحلات، وكانت لبلاد معروفة، خصوصاً لدينا نحن أهل العقيلات (أهل القصيم). أما رحلات معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي فقد حملت معها هماً دعوياً إسلامياً؛ حيث يتحسس أحوال المسلمين ويتفقد أوضاعهم بنفَس عميق طويل لا يحمل معه ضجراً أو مللاً لما يستحضره إن شاء الله من نية حسنة في هذا المسلك النبيل.
ثم مَن قال لك: إن الشيخ محمد العبودي كانت رحلاته خلواً من المصاعب والمتاعب، والتي كادت أن تودي بحياته مرات عديدة لولا عناية الله وحفظه. وليس عليك سوى أن تراجع وتقرأ تفاصيل رحلاته لتحكم عن علم لا عن جهالة.
ولك أن تتصور رجلاً ذهب إلى مجاهيل العالم ووصل إلى الدنيا من أطرافها، أليست تلك ذاتها مشقة وتعب والسفر وحده قطعة من العذاب؟!
أما عمادته وعنونة ذلك فليس مبالغاً فيه، بل إن ثروته العلمية، وخصوصاً في الرحلات التي تجاوز عددها 106 كتب مطبوعة في الرحلات فقط وأكثر من ستين كتاباً أيضاً في الرحلات جاهزة للطبع، كافية لاستحقاقه العمادة بلا منازع. فلم تعرف الإنسانية حتى اليوم أحداً كتب مثل هذا الكم الهائل من الرحلات. وكنت آمل منك، وأنت الكاتب الباحث الذي يدرك أهمية الوقت وعناء البحث، أن تكون لك عين رضا وحمد وتقدير لشيخنا محمد العبودي وجهوده وبحوثه، وأن تطالب بمزيد من التكريم والاحتفاء؛ لتحتذي به الأجيال وتقتفيه الناشئة في وقت أحوج ما نكون فيه إلى القدوة الحسنة والنماذج الحية الحاضرة والتي ترسم لنا صوراً مشرقة من الحقائق لا من المثاليات.
وإني أجزم لو أن شيخنا كان لدى غيرنا لَوَجَد من الاحتفاء والتقدير أضعاف ما لقيه.
لقد طاف الدنيا ولم يترك جهة في أغوار سيبريا ومقاطعات الصين وولايات الهند والاتحاد السوفيتي السابق وجزر المحيط الهندي والأمريكتين وأوربا وجزر المحيط الهادي وغيرها كثير زارها بلداً بلداً، بل إنه زار أكثر من عدد الدول التي تحت قبة مبنى الأمم المتحدة.
بل أزيدك معرفة أنه زار البلدان ذاتها طرفاً طرفاً ومقاطعة مقاطعة كما فعل في أمريكا والبرازيل والصين والهند وإندونيسيا وغيرها من الدول الكبرى ذات المساحات الشاسعة الواسعة.
أليست تلك بلاد مختلفة الأجواء متعددة الأذواق متباينة الآراء استطاع وخلال أكثر من خمسين عاماً من التجوال والترحال أن يقدم صورة حسنة للسعودي المسلم المعتدل المتسامح في وقت شوهت فيه صورتنا في رحلة واحدة من قبل البعض؟!
فعلى رسلك يا ابن حمراء، وعمادة العبودي لا تحتاج إلى رأيك.
1- أما حديثي عن بريدة، وأنها قاعدة القصيم وسنامه، فلا أعتقد أن هذا يخفاك وأنت الباحث في أحوال البادية والمطلع على نزوح القبائل وما تحتضنه بريدة العاصمة الإدارية للمنطقة من تنوع في ذلك، والتي أحيلك إلى الإحصاءات الدقيقة لسكانها ونحوها، ويسبق ذلك زيارة منك لها لتعرف وعن قرب حقيقة ما أشرت إليه. وهذا لا يغمط مدن المنطقة الكبرى حقها، إلا إذا كنت تعتقد أن أطراف ونواحي ومحافظات عاصمتنا الرياض أكبر من المدينة ذاتها.
2- أما أرض القصيم التي احتضنت خزاز وجبلة وحرب داحس والغبراء وحرب البسوس فلعلك لم تطلع بعد على بعض الكتب المتخصصة والتي تحكي تاريخها؛ مثل معجم بلاد القصيم للشيخ العبودي، وطريق الحج العراقي وأثره على منطقة القصيم للدكتور صالح الوشمي - رحمه الله- والذي سبق أن أثنيت عليه، فلقد ذكروا تلك الحقائق التي غابت عنك آنذاك واستذكرتها اليوم!
3- ما ذكرته عن الأسوار فليس بدعاً؛ فالأسوار عرفت في كافة مدن الجزيرة العربية قبل وبعد توحيدها، فسور الرياض وشقراء والدرعية وغيرها معروفة لا تخفى على أي باحث!!
وليس ثمة ضير أن تحمي بريدة نفسها من هجمات أهل القرى والبلدان المجاورة التي كانت جزيرة العرب قبل توحيدها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حيث كان الناس في شتى الأطراف يذوقون مرارة الفوضى وغياب الأمن.
4- أما حديثك عن النهضة العلمية، فليست الكلمة فضفاضة كما ذكرت، فالنهوض أعظم وأقوى ما يكون حين يتعلق بالشأن الديني الشرعي؛ لأن به نتوصل إلى الغاية التي خلقنا من أجلها، وهي عبادة الله. وما رُزِئَت أمة الإسلام اليوم إلا حين همشت الأصول، وغيبت بالهوامش، وصارت صنواً لأمم أخرى مظهراً، فلا بالدنيا لحقوهم، ولا بعلوم الدين تمسكوا واحتفظوا. ولا يُفهم من هذا تغييب العلوم التطبيقية الأخرى التي لا تتعارض مع ديننا، بل جاء الحث عليها وعلى تعلمها بعد تعلم العلوم الشرعية الأصل.
5- أما حديثي عن الشعراء العوام، فهو لكثرتهم لا لعدم وجود غيرهم، وقد غاب عن أبي حمراء أسماء عديدة ورد ذكرها في الكتاب وكانوا من شعراء الفصحى.
6- أما ما أشار إليه من كلمة شيوخه الواردة في الكتاب، فهي أفصح وأبلغ، وقد أخطأ في قول: جمع شيخ مشائخ (بالهمز)، بل هذا خطأ فاحش لم يقله أحد من علماء اللغة، ولم يذكره أي معجم من معجماتها، وقد ذكرت بعض المعجمات مشايخ (بلا همز) على أنها جمع لكلمة شيخ، وقد أنكر بعض اللغويين كابن دريد، وقال عنه آخرون: لا أصل له في كلام العرب، وقال بعضهم: إن مشايخ هي جمع الجمع، وليست جمع شيخ. وها أنذا أسوق لك جمع شيخ من كتاب لسان العرب لابن منظور؛ فقد قال في مادة (شيخ): الشيخ.. والجمع: أَشْيَاخ، وَشِيخَان، وشُيُوخ، وشِيَخَة، وشِيخَة، ومَشْيَخَة، وَمِشْيخَة، ومَشْيُوخَاء، وَمَشَايخ، وأنكره ابن دريد (أي أنكر مشايخ جمع شيخ).
وقال مرتضى الزبيدي في تاج العروس: الشيخ: جمعه شُيُوخ بالضم على القياس، وشِيُوخ بالكسر لمناسبة التحتية، وأَشْيَاخ، وشِيَخَة، وشِيخَان، ومَشْيَخَة، ومَشْيُوخَاء، ومَشَايخ، وأنكره ابن دريد. وقال القزاز في الجامع: لا أصل له في كلام العرب. وقال الزمخشري: المشايخ ليست جمعاً لشيخ، وتصلح أن تكون جمع الجمع.. وقيل: مشايخ جمع شيخ لا على القياس، والتحقيق أنه جمع مَشْيَخَة كمَأْسَدة، وهي جميع شيخ، (أي مشيخة).
وذكر العدناني في معجم الأخطاء الشائعة صفحة 137 المشايخ: لكلمة شيخ عدة جموع؛ منها: شُيُوخ وأَشْيَاخ ومَشْيَخَة، ويجمعون تلك الجموع على مشائخ (وهو خطأ) والصواب مشايخ. إذن مشايخ هي جمع الجمع، وليست جمعاً لشيخ، وأما مشائخ بالهمز فهو خطأ فاحش.
7- ما أشار إليه الكاتب من ملاحظات مطبعية أخرى هامشية، فأشكره عليها وأتمنى أن يتم تجاوزها في الطبعات الأخرى.
لكني في الختام أشكر زميلي وصديقي الأخ محمد أبو حمراء على قراءته للكتاب وثنائه عليه؛ مما أعتبره حافزاً ومشجعاً لمزيد من التقدير والاحتفاء لشيخنا العلامة محمد بن ناصر العبودي الذي نذر وقته وجهده وعمره للعلم وخدمة المسلمين فحسب، والذي يحظى بالمحبة والتقدير من كل محب للعلم وأهله، وأن تكريم معاليه في المهرجان الوطني للتراث والثقافة مبادرة مهمة تسجل في سجل صفحات دولتنا المباركة التي ترعى العلماء وتحفظ حقهم.
مع رجائي من الكاتب أن يتم عرض تلك النقاشات العلمية بروح علمية جادة منصفة بعيدة عن الإخلال بالمضامين الأدبية اللازمة في أي حوار.كما أهمس في أذن أخي وزميلي الأستاذ محمد أن يبتعد الكاتب، خصوصاً من أمثاله، بالخوض في النيات والبحث في الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله.
وأن نربأ بأقلامنا عن إثارة الشحناء والنعرات المقيتة التي لا تزيدنا إلا وهناً، ولا يزال الأخ أبو حمراء يدندن حولها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

محمد بن عبدالله المشوح


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved