Friday 27th February,200411474العددالجمعة 7 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نقاط فوق الحروف نقاط فوق الحروف
حتى نكون صادقين
عبدالله بن محمد بنجابي (*)

وقفت في مكان عام ذات يوم، فإذا أنا بشاب ما إن رآني حتى بادرني بالتعارف، وأخذ يمدحني ويبالغ في ثنائه، وكأنه يعرفني وصاحبني منذ زمن بعيد وتجاذبنا أطراف الحديث، وكان خلال حديثه يتكلف المدح والثناء، فتعجبت من شأنه، ولكن توقفت في الحكم عليه بأنه من (المتسولين)، رغم إحساسي بذلك منذ البداية، واسترسلت معه في الحديث حتى حان موعد انصرافه، فاستأذن وودعني بحفاوة، ثم عاد وطلب مني مبلغاً من المال، وادعى انه بحاجة إليه، ولم استطع تلبية طلبه فاعتذرت له، ولكن سبب لي بذلك الحرج الشديد، وتأكدت حينها أنه كما توقعت (متسول بلون جديد).
وأخذت أفكر في هذا الموقف بتمعن، كم يتكرر مثل هذا الموقف في مجتمعاتنا اليوم، وعلى جميع المستويات، وربما كان بصورة أخرى قد لا ندركها أحياناً، والسبب في ذلك: أننا نريد أن نضمن بعض حاجاتنا، أو نضمن تلبية بعض رغباتنا ممن نعرفه أو من المسؤولين، فنستخدم نفس الأسلوب، ونسلك هذا الطريق.
فنمدح أحياناً من لا يستحق المدح، ونعلم في قرارة أنفسنا أننا غير صادقين، وكم نمدح بعض لنحصل على شيء ما، وإن كنا لا نستحقه، أو ربما نمدح ونبالغ في مدح شخص ما، خوفا منه أن يسيء إلينا، أو يحرمنا أو حتى خوفاً من أن يظن أننا نعاديه، فلا نستطيع أن ننصحه، فنقابله بالتملق وبالمدح، ونمدحه بما ليس فيه، وربما إذا غاب عنا تكلمنا فيه.
أنا لا أقول ينبغي أن نكون فاضحين، ولكن يجب أن نكون ناصحين صادقين، ومنصفين، وعن المبالغة بعيدين، فأن نسعى أن نكون صادقين خير لنا من التكلف والتملق، ولو استشعرنا أننا لن نكون كاملين على أية حال من الأحوال، مهما حاولنا جاهدين.
واقتدينا بسيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم القائل: (لن يدخل أحد الجنة بعمله.. قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته).
واقتدينا بصحبه الميامين، الذين ضربوا لنا أمثلة عظيمة في الصدق والإخلاص، والاتباع لنبينا الكريم، تعجز عن حصرها الدواوين رضي الله عنهم أجمعين.
لأحببنا الناصحين، وقبلنا منهم الجبين، حتى لو بدا لنا في الوهلة الأولى، انهم غلاظ أو قاسين، فإنهم لنا محبين، وعلينا مشفقين، وبنا رحماء ، ولفهمنا حقاً قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - الصادق الأمين: (احثوا في وجوه المداحين التراب)

(*) الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved