Friday 27th February,200411474العددالجمعة 7 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وسطية أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء وسطية أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء
أحمد بن جزاع الرضيمان

إن من السمات البارزة في عقيدة أهل السنة والجماعة الوسطية بين الجافي والغالي، فكما أن الإسلام وسط بين الأديان، فكذلك أهل السنة والجماعة وسط بين سائر الفرق.
و (مسألة الولاء والبراء) من المسائل التي تتضح فيها وسطية أهل السنة والجماعة، فهم وسط في هذه المسألة بين أهل الغلو الذين افرطوا في هذا الجانب، وجاوزوا الحد في البراءة من الكفار، فوقعوا في الظلم والاعتداء والتفجير، باسم الولاء والبراء -كما زعموا - ، وبين أهل التفريط الذين فرطوا في هذا الجانب، وألغوا دلالات النصوص الشرعية في الولاء والبراء بالتأويلات الفاسدة، بل ودعوا إلى مودة الكفار وموالاتهم، ونادوا بحذف الولاء والبراء من المقررات الدراسية، وهذا التفريط هو رد فعل لذلك الإفراط.
والحق وسط بين هذا وذلك، فالاعتداء على الكفار المعاهدين والمستأمنين منكر وجريمة، وإنكار الولاء والبراء، وهو أصل من أصول ديننا منكر وجريمة، ولا تعارض بين الولاء والبراء، وبين التعامل مع الكفار، وعدم ظلمهم والاعتداء عليهم.
وأحسب أن عدم العمل بجميع النصوص الشرعية هو سبب التطرف، (فالخوارج) مثلاً أخذت بنصوص الوعيد، وتركت نصوص الوعد، فكفَّرت المسلمين، (والمرجئة) اخذت بنصوص الوعد، وتركت نصوص الوعيد، فوقعت في الإرجاء وجرأت الناس على ترك شريعة الله.
وهكذا الشأن في الجبرية والقدرية، ولله در شيخنا صالح الفوزان حفظه الله، فقد مثل الوسطية التي عليها كبار علمائنا وفقهم الله، حيث أنكر الاعتداء على الكفار المعاهدين والمستأمنين، وحذر من الظلم والبغي بغير حق، وفي الوقت نفسه أنكر التقليل من شأن الولاء والبراء، الذي هو أوثق عرى الإيمان، فأعمل جميع النصوص الشرعية.
وليعلم من يتحدث عن الولاء والبراء، أن الذي اجاز التعامل مع الكفار، وأباح نكاح المرأة الكتابية المحصنة، هو الذي نهانا أن نتخذ اليهود والنصارى اولياء، ولا يمكن أن تتعارض النصوص الشرعية، وإنما يتوهم التعارض من قل حظه من العلم، وتزبب قبل أن يتحصرم، وبالغ قبل أن يبلغ، يؤثر عن علي رضي الله عنه قوله:( العلم نقطة كثرها الجاهلون)، وقال الحسن البصري رحمه الله: ( اللهم نشكو إليك هذا الغثاء), وقال ابن حزم رحمه الله:( لا آفة على العلوم واهلها، اضر من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها، فانهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدرون انهم يصلحون).
وفي الختام أنصح إخواني الذين يجعلون انفسهم نداً لشيخنا صالح الفوزان، انصحهم أن يتأدبوا مع العلماء، فليس من المعقول أن يقرر الشيخ مسألة عقدية هامة كالولاء والبراء، ثم يأتي كاتب أو مبتدئ في العلم، فيخطيء الشيخ، بدون علم، أفكلما أحسن الإنسان الجمع بين كلمتين استطال على منازل العلماء؟ لقد أحسن الشيخ بكر ابو زيد حفظه الله عندما قال عن المتعالمين (فهذا القطيع حقاً هم غول العلم، بل دودة لزجة، متلبدة اسرابها في سماء العلم، قاصرة من سمو اهله، وامتداد ظله، معثرة دواليب حركته، حتى ينطوي الحق،ويمتد ظل الباطل وضلاله، فما هو الا فجر كاذب، وسهم كابٍ حسير) وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved