Sunday 29th February,200411476العددالأحد 9 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أطفالنا في المتحف الوطني أطفالنا في المتحف الوطني

إن الاستثمار في الثروة البشرية هو أهم عنصر لتنمية وقوة وتماسك أي مجتمع، والأطفال هم ثروة المجتمع المتجددة، والتي يقاس تقدم المجتمع بكيفية إعدادها.
لقد تعددت وسائط التربية والتنشئة الاجتماعية في العصر الحديث، وبرز دور المتحف كوسيط تربوي وحلقة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وبين الثقافات والشعوب، فالمتاحف حافظة التاريخ، وذاكرة كل أمة، وحلقة الوصل بين الأجيال المتعاقبة عبر الزمان، والجسر الذي يمتد بين الشعوب لتعميق الأبعاد الثقافية والاجتماعية لها عبر المكان(1).
عند تناول دور المتحف في التربية تطرح تساؤلات عديدة، مثل: لماذا تعتبر زيارة المتحف شيئاً مملا بالنسبة للأطفال؟ وهل يمكن إقناع الطفل بزيارة المتحف؟ وإذا زار الطفل المتحف هل سيطلب العودة إليه مرة أخرى؟
ونظراً لأهمية دور المتحف من جهة وعدم تفاعل الأطفال عموماً مع المتحف (التقليدي) من جهة أخرى، فلقد اتجهت الجهود إلى تعديل أهداف المتاحف وتعديل وظائفها، وظهر علم التربية المتحفية. والتربية المتحفية تهدف إلى تفعيل دور المتحف في نقل الخبرات والمعلومات للأطفال من خلال تعدد وسائط التعلم، وبالاعتماد على عمليات التفكير المتعددة كالملاحظة والاستقصاء والاستنتاج، وإتاحة الفرصة للطفل للتجريب وتمثيل الأدوار واستثمار وقت الفراغ بالاختيار الحر للتعلم. وهكذا لم تعد العلاقة مع المتحف تقتصر على الزيارات المدرسية التي تعتمد على المراقبة عن بعد والاستماع إلى شرح دليل المتحف، والذي بوسعنا أن نتخيل إلى أي مدى يمكن أن يكون مملا للأطفال، بل اصبح أسلوب التربية المتحفية الحديث يمكن الطفل من إنتاج المعلومة بنفسه من خلال سلسلة من عمليات التفكير المتتالية، ومن ثم يستطيع الطفل أن يحتفظ بالمعلومات عن طريق الفهم لا التذكر فقط، وبذلك فهو يستخدم أسلوب التعلم النشط وهو الذي يتناول موضوعا ما من خلال جمع الأفكار والتساؤلات والاقتراحات والمشاركة في التوصل إلى الإجابات والحلول، وهو أسلوب يجعل من عملية التعلم متعة يقبل عليها المشاركون من الكبار والأطفال، ويكسبهم مهارات التفكير النقدي مع احترام الفروق الفردية والروح الجماعية للعمل. وهكذا فإن العلاقة مع المتحف أصبحت علاقة تربوية، وتجربة ممتعة تحقق أهداف المجتمع في تأكيد الهوية والأصول الثقافية للطفل، ومد جسور التواصل بين الزمان والمكان، والتواصل مع البيئة والعالم المحيط، ومع الذات من خلال تنمية الفكر والمعرفة.
المتحف الوطني في مدينة الرياض يعمل على تفعيل دوره في المجتمع من خلال العمل على تطبيق أسس التربية المتحفية، ويفتح أبوابه للأطفال والأسرة وكل فرد في المجتمع.

د. هند خالد الخليفة
أستاذ مساعد الدراسات الاجتماعية، دراسات طفولة، جامعة الملك سعود.
(1) أ.د. عبلة عثمان (2002)، التربية المتحفية وثقافة الطفل العربي، مجلة الطفولة والتنمية، العدد (6).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved