Sunday 29th February,200411476العددالأحد 9 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
بكى في المسجد.. من شدة العقوق..!!
عبد الرحمن بن سعد السماري

قبل أن أدخل في صلب الموضوع.. دعوني أسرد عليكم بشيء من الاختصار.. قصة ذلك الرجل المسن.. الذي وُجِّه له داخل المسجد.. سؤال فأجهش بالبكاء الشديد.. وخرج من المسجد ولم يعد لهذا المسجد.. لأنه ترك الحارة كلها ورحل.. لأن السؤال.. كان محرجاً للغاية.. ولأنه لا يملك إجابة.. ولأن السؤال.. أصاب فيه معاناة طويلة ومزعجة.
** هذا الرجل المسن.. دوماً في روضة.. يعرفه الجميع بهدوئه وصمته.. وبحرصه الشديد على الفروض والنوافل.. ومشهود له.. بالخير والصلاح وحب الآخرين..
** يحبه كل جيرانه.. شخص عُرف بأفضل الصفات وأجمل وأتم الأخلاق..
إنه إنسان محبوب.. ولهذا.. كان السؤال.
** السؤال.. هو: هل لديك أولاد؟ وأين أولادك؟
** فقط.. لم يتعدَّ تلك الكلمات القصيرة الصغيرة.. حتى انفجر المسكين بالبكاء الشديد.. لأنه فهم معنى السؤال.. فتذكر أولاده القساة العاقين.. وتذكرصنيعهم به.. وتذكر ما قدَّم لهم وكيف قابلوه بالجحود والنكران.
** هذا المسكين.. غادر المسجد.. لأنه لم يستطع تحمل البقاء بعد هذا السؤال القاتل.. الذي لا يملك له جواباً..
** هل يقول.. نعم.. لي أولاد؟
** سيقولون.. أين هم؟ أو (وينهم؟!!).
** هل يكذب ويقول.. ليس لي أولاد؟
** مستحيل.
** السؤال بدون إجابة.. والبركة في هؤلاء العصاة القساة.
** السؤال.. كان صدمة.. بل.. لطمة عنيفة جاءت على وجه هذا (الشَّايب) المسكين ولكن.. كل من كان في الصف الأول.. سمع شهقات هذا الشَّايب المسكين وهو ينحب ويصيح لا شعورياً.. منفجراً من داخله.. لأن أولاده (فشَّلوه.. قْطَعَوْا وجهه).
** هذا الصنف من الأبناء مع الأسف الشديد.. يتعب عليه الآباء.. ويربونه ويعلمونه ويسهرون عليه الليالي والأيام المتواصلة.. من أجل أن يتحول إلى ابن عاق.
** هذا الشَّايب المسكين.. له أولاد فوق العشرين عاماً ولكن.. أين هم؟
** هم (همل) هم عاقون.. هم عصاة.. هم قساة.. هم بعض شباب اليوم.
** بعض الأبناء اليوم.. لا يعرف والديه.. وبعضهم مع الأسف.. تحول إلى شوكة في نحر والديه.. ولم يكف حتى شره عنهم.
** نحن عايشنا خلال الأيام الماضية.. كيف أن بعض الأبناء.. مع أنه يدَّعي التدين.. كيف أنه هجر والديه سنتين وثلاثاً وخمساً.. ولا يعرفون عنه شيئاً.. حتى ظهر اسمه في قائمة المطلوبين أو المقتولين أو في أي بلد آخر.. يدَّعي الجهاد.. مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :(ففيهما.. فجاهد) يعني والديك..
** بعض شباب اليوم.. لا يعرف لوالديه قدراً ولا قيمة.. بل هو ابن نفسه كما يقال..
** وبعضهم.. بمجرد زواجه.. يُنهي شيئاً اسمه.. والديه.. وقد (يزْرقهم) في الشهر مرة.. وقد يستكثر ذلك.
** وبعض الناس.. تجده في رغد من العيش.. وتجد والديه في ضيق مادي.. وقد يتصدق عليهم الناس.. والابن.. موسر وأموره جيدة.
** وبعض الناس.. يمرض والده و(يطيح) في المستشفى لعدة أشهر.. وقد يقف عليه مرة أو مرتين.. وقد لا يدري أنه مَرض.. إلا إذا خرج من المستشفى.. أو قيل له: (تعال صلّ على أبوك.. تراه مات).
** وفي زمن الفضائيات والإنترنت و(ستار أكاديمي) و(على الهوا سوا) و(خْلِيْطِيَّةْ الخسيسات مع الخساس) وأمور أخرى.. انتظروا ما هو أشرس وأسوأ وأقبح.. نسأل الله العافية والسلامة.
** انتظروا جيلاً تربَّى على موائد غريبة عجيبة كلها سوء.. جيل (نانسي) و(بلاي ستيشن) وأسواق دبي.. و(الجسر) وخلوها مستورة.
** إن قصة هذا الشايب المسكين.. تعكس وضع بعض الأبناء مع والديهم.. وتعكس حالة ضياع هؤلاء.. وحجم عقوقهم وقساوة قلوبهم تجاه والديهم والله المستعان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved