Sunday 29th February,200411476العددالأحد 9 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إن لم تكن معي فأنت ضدّي إن لم تكن معي فأنت ضدّي
عبد الكريم النقيدان

كنت أظن أن النفوس الغربية خلاف الشرقية، ونسيت أننا من طين واحد، وغلب على ظني أن مقولة (إن لم تكن معي فأنت ضدي)، لا يجيدها ويجوّدها إلا الغربيون، بنزعة الفتوة والطاغوتية المتكبرة، فتأملت أنفس الناس، وخصوصاً أفاضلهم، فوجدت أن النفس لا ترغب إلا بمن يألفها ويوافقها، وإن كسرت رغبتها واتّباعها آخر نترته وامتعضته، إن استطاعت.
إذن فكل نفس يدب في جوانحها قلب تقول بمقولة الغرب البغيض (إن لم تكن معي فأنت ضدي)، فوجدت هذه المقالة في المدرسة وفي البيت والعمل والشارع بل والمسجد، في كل ركن وزاوية، ومنها ما هو ظاهر ومنها ما هو باطن.
عجيب أيما العجب أيتها النفس الناقصة، تحب العلو وهي دنية، والفخر وهي وضيعة، تحب الخير وهي أمارة بالسوء، تحب الحرية وهي مقيدة، تحب غيرها وهي أنانية فردية.
وكلٌّ يتصف بهذا الوصف، وإن لم يكن جله فبعض منه.. فالفردية التي أعنيها، أستثني منها الدين والخلق والعادات الكريمة، وخلاف هذه الأمور من الأولى بالنفس إذا وجدت من يخالفها بها، ألاّ تغضب وتستثير، وتمج وتقصي كل من يخالفها. وأعتقد أن ذلك لسببين:
الأول: حب الذات، والأنانية في التفكير والأخذ والرد. والآخر: كراهية الهزيمة، فإذا بغى الخصم على النفس أن يوقعها، سارعت إلى إي مسلك تتعلق به حتى لا تهزم، ولو كان على طريق الضدية، والعداوة.
فمنكر عليَّ يقول: إن النفوس كلها لا تستقيم على مقالتك هذه، فأقول: إن لم تظهر بكل نعت أو عمل فهي خفية حتى بالأكل والشرب، والنبس والتأوه. فمن الناس من لا يوقن بها، وهي كامنة في نفسه لا يدري عنها، خفية عنه لا يعلم مستقرها ومستودعها، ومنهم من يجهر بها ويجأر لها، وهذا صنف من البشر جريء لا يخفي ولا يستتر.
هي شنشنة إن قلبتها عن يمين رأيت بها الحسن، وإن قلبتها إلى الشمال رأيت القبح فيها، فالحسن منها، اتباع المألوف بموافقة القرين والصاحب، إذ لا يمكن إن يرافق المرء غيره، وهو مخالف له، بعيد عنه، والوجه القبيح فيها، أن المخالفة تكون بمن لا يوجب المخالفة، وهي يسيرة، غير خارجة عن معقول العقل ولا مألوف القلب، ومثاله:
أن يكون الخلاف وعدم موافقة آخر لك برأي يحتمل الأمرين في الخير، فإذا أراد أن يسلك طريقاً، وأردت أن تسلك غيره، وكلا الطريقين يوصل إلى الغاية، فعند ذلك من الحمق إن تزول المودة بخلافكما من أجل أمر كهذا، وتصبح الصحبة عداوة لفقد المعية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved