|
|
|
عندما ينقل القلم شعور المعاناة والألم، ويسطرها على الورق، فإن هذا يجسد بجلاء الرغبة الأكيدة لترجمة أحاسيس تنبض عطفاً وحناناً، عبر المساهمة الخيرة واستشعار ما يكابده الآخرون في ظل ضيق ذات اليد، وحينما تضيق بالإنسان الحيلة مفتقدا الوسيلة في تحسين ظروفه، فإن الأسى يقتحم شعوره ويعتصر الألم قلبه، ويقض الهم مضجعه، ويقفل هذا الضيف الثقيل ألا وهو (الفقر) مخارج الابتسامة، والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قولته المشهورة (لو كان الفقر رجلاً لقتلته) مستشعراً رضي الله عنه وأرضاه معاناة اليتامى والمساكين، فيجوب الدروب ليلاً يبحث عن طفل يصرخ وأم تنتحب، ويحمل كيس الدقيق على كتفيه، وهو المبشر بالجنة، إلا انه عمق الإيمان وجسامة الأمانة، وعندما يقتحم الفقر المنازل سواء أتى على حين غرة أو صاحب الفقير البائس، فإن المولى جلت قدرته يقيض لهذا الضعيف من يجبر كسره، ويشد أزره ويعينه على نوائب الدهر، نعم يقيض اللطيف الخبير لهؤلاء الضعفاء قلوباً رحيمة عطوفة حنونة، تنضح بالمحبة والعطاء بلا منة أو عرفان، واحتساب أجر هذا العمل عند العزيز الرحمن ليثقل ميزانها يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً، وفي هذا البلد الطيب المبارك، أدام الله عزه ورزقنا شكر نعمه وظلل علينا أمنه وأمانه، تجد من تصل يده الكريمة إلى هؤلاء الضعفاء ويجود بعطائه قبل أن يستقر المال بحسابه، وهذا لعمري نبل الأخلاق وسمو الروح ورقة المشاعر، مؤصلا بذلك روح التكافل في نسق بديع يجسد المعنى المتكامل لصفاء القلب ونقاء السريرة وبُعد النظر إلى زيادة الرصيد في الحساب الثابت والمستقر من الأجر والمثوبة، وما عند الله باق قال تعالى: {...الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى* وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى* إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى}، وتتجلى في مواقف الخير هذه وهي ولله الحمد كثيرة، الأبوة الحانية، والأخوة الصادقة، فحينما يشعر المسلم بأنه ساهم في مسح دمعة يتيم فقد أحد والديه أو أسرة فقدت عائلها فإنه بقدر ما يمنح هذه الأسرة الإضاءة ويعيد إليها الابتسامة بقدر ما يضيء الله قلبه الصافي النقي، والألسن تلهج بالدعاء له في جوف الليل، نعم هذا البلد الطيب المبارك وأهله الكرام لم يتوقفوا عن عمل الخير ولن يتوقفوا عن فعله، والتكافل بين أبناء هذا الوطن سمة بارزة، وتفعيل دور التكافل يكمن في التواصل، ويتطلب منا جميعاً البحث عن هؤلاء والعمل على مساعدتهم كل حسب استطاعته، والمجالات متعددة في هذا النطاق، فإذا كنت لا تملك المال لتعطيهم فإنك تملك القدرة على مد يد العون لهم، سواء بالبحث عن عمل لأولادهم يقيهم ذل السؤال، أو أن تكون حلقة وصل لتنقل معاناتهم إلى من يستطيع ان يعينهم، وهذا بلا ريب سلوك نبيل واستشعار فذ لسمو المشاعر (والدالّ على الخير كفاعله)، وأود الإشارة بهذا الصدد إلى وسائل الإعلام وهي تحمل على عاتقها هموم المواطنين الشرفاء مشكّلة بذلك جسراً يسهل من خلاله عبور هذه المساعدات لتصل إلى مستحقيها في حس وطني بديع ولفتة إنسانية كريمة، سيجد كل من يساهم في هذا العمل الجليل ما عمل من خير محضرا يوم الوقوف أمام الباسط القابض سبحانه. |
![]()
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |