Thursday 4th March,200411480العددالخميس 13 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في محاضرة ألقاها بمنتدى شومان في عمان في محاضرة ألقاها بمنتدى شومان في عمان
هويدي: الولايات المتحدة تسعى لتفكيك الوطن العربي وإعادة تركيبه بما يخدم مصالحها وإسرائيل

*عمان - الجزيرة - خاص:
قال المفكر والكاتب فهمي هويدي إننا إذا اقتربنا أكثر من خرائط الواقع فإننا نلاحظ أن العالم بالنسبة إلينا هو الغرب وأننا أسقطنا الشرق من حسابنا.
وأضاف هويدي في محاضرة (العالم اليوم) في مؤسسة شومان أن نتيجة ذلك كان الوقوع في محذورين حيث استفرد الغرب بنا خصوصا بعد انتهاء الحرب الباردة وخسرنا اصدقاءنا وحلفاءنا حتى ان بعضهم اصبح يقف في مربع اعدائنا مثل الهند او قريبا منه (روسيا والصين).
واوضح اننا لسنا وحدنا الذي خسرنا بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي ذلك ان وجود قطب آخر كان مصدراً للتوازن في الساحة العالمية ولم نكن وحدنا من استفاد من الظهير السوفياتي، ولكن اوروبا ايضا فقد كانت في وجود الاتحاد السوفياتي اكثر منها في غيابه من حيث الحضور والنفوذ حتى في مواجهة الولايات المتحدة التي تعاملت مع اوروبا باستعلاء وازدراء شديدين في مسألة غزو العراق.
وأشار إلى انه وبعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي اختل ميزان النظام الدولي لصالح الولايات المتحدة التي احتكرت صدارته وخسرنا نحن العرب والمسلمين كما خسرنا اوروبا ايضا.
واكد هويدي ان نتيجة ذلك ان اصبحت الولايات المتحدة هي زعيم الغرب ورأسه مشيرا إلى ان العالم بالنسبة إلينا هو الغرب واننا أسقطنا الشرق من حساباتنا فخسرنا دعمه وتأييده وتحقيقه لتوازن القوى في العالم.
واوضح هويدي ان اوروبا ادركت حقيقة الخلل ووعت حقيقة القوة المتنامية للولايات المتحدة فانتهجت سياسة تقوم على احتشادها لكي تدافع عن كيانها ومصالحها ضد الهيمنة الامريكية وحرصت على الدفاع عن نفسها في مواجهة الولايات المتحدة واحتفظت بعلاقات ايجابية مع العرب لاسباب تاريخية واقتصادية شريطة ألا يؤدي ذلك إلى اصطدامها مع الولايات المتحدة واذا حدث تعارض فإنها ستقف مع الولايات المتحدة مشيرا إلى ان الاوروبيين حريصون في قولهم انهم ليسوا مستعدين للتضحية بمصالحهم مع الولايات المتحدة من اجلنا، وموقف اوروبا الذي اعترض على بحث قضية الجدار العازل في محكمة العدل الدولية دليل على ذلك.
ولفت هويدي إلى أن انهيار الاتحاد السوفياتي فتح شهية البعض في امريكا للدخول فيما سمي القرن الامريكي وهو ما تزامن مع تنامي التيار الاصولي الانجيلي في امريكا، فالاولون أرادوا بسط هيمنة امريكا على العالم والآخرون ارادوا دعم إسرائيل أملا في تحقيق نبوءاتهم التي تحدثت عن معركة هرمجدون والصراع بين الخير والشر وعودة المسيح حيث التقت مصالح الطرفين على هذه المبادىء.
وقال هويدي ان التحالف (الامبراطوري الصهيوني) دعم جورج بوش الذي نجح في الانتخابات الرئاسية عام 2000 حيث كانت الخطط وافكارها جاهزة وجاءت احداث 11 ايلول لتوفر الفرصة للجميع للتحول من التنظير إلى الانقضاض والعمل باختطاف السفينة الامريكية لتولي تسييرها لبلوغ اهدافهم بالتمكين لامريكا في العالم والتمكين لاسرائيل في المنطقة.
حيث كانت افكار التمكين موضوعة قبل احداث ايلول من حيث الهيمنة على منابع النفط إلى قمع وازالة الانظمة المتمردة في المنطقة العربية والاسلامية سوريا، العراق، ايران، باكستان باعتبار ان وجود تلك الانظمة يشكل عقبة تحول دون تحقيق التمكين المنشود مشددا على ان احداث 11 ايلول كانت مجرد ذريعة وحجة لا أكثر.
وأكد هويدي ان اختطاف السفينة الامريكية تزامن مع ظهور شارون بما يرمز اليه في الافق الاسرائيلي الامر الذي جعل هناك تناغما في سياسات البلدين خاصة بعدما نجحت السياسة الاسرائيلية في اقناع الامريكيين بأنهم يواجهون عدوا واحدا وحدوث اتفاق اساسي بين الطرفين الامريكي والاسرائيلي تمثل في ضرورة القضاء على الارهاب عبر تفكيك العالم العربي واعادة تركيبه من جديد، بحيث يصبح اكثر انسجاما وتوافقا مع المصالح الامريكية والاسرائيلية لافتا هويدي إلى ان التفكيك يعني اسقاط بعض الانظمة وتهديد اخرى ثم الضغط باتجاه هدفين نزع العروبة واضعاف الاسلام ولم يعد الامريكيون والاسرائيليون يخاطبون العرب كأمة بل كدول وشعوب وقبائل شتى.
واضاف انهم وفي الوقت ذاته تدخلوا لتشجيع العلمانية وتغيير المناهج واعادة تأهيل النخب في المجالات المختلفة في ظل شعارات مثل المجتمع المدني والليبرالية والقبول بالآخر (اسرائيل).
وبين ان فكرة التفكيك مطروحة لدى الامريكيين والعرب يعيشون حالة من الضعف والترهل تجعلهم في وضع اقرب ما يكون إلى ما يسمى القابلية للتفكيك وكان الجسم العربي مؤهلا للاختراق ومستسلما له وارتفع صوت العلمانيين المتغربين هناك علمانيون وطنيون في الداخل وظهر جيل من التكفيريين الجدد الذين ادانوا كل اصيل في المجتمع العربي والاسلامي، حيث جرحوا العروبة والاسلام والمقاومة والاستقلال وسخروا من النضال والصمود والتصدي واعلنوا اشمئزازهم من العمليات الاستشهادية مشيرا إلى انه وفي الوقت نفسه فقد وجهت حرب ثقافية إعلامية بشرت بالنموذج الامريكي وبالتصالح مع اسرائيل مثل فضائية الحرة واذاعة سوا ومجلة هاي.
وقال هويدي ان الدول العربية تصرفت بانبطاح وخوف من الاجتياح الامريكي فرفعت الدول العربية شعار (نحن اولا) وجرى تكريس القطرية وتوترت العلاقة بين السنة والشيعة في العراق وتم فتح ملفات مثل الاقباط والمسلمين في مصر وانفرط العقد وحدث التفكيك وجاء دور اعادة التركيب في ظل مشروع (الشرق الاوسط الكبير) الذي اعتبرت تركيا نموذجا له لانها تغربت وتحالفت مع امريكا وتمسكت بالعلمانية التي اضعفت الاسلام وهي اي تركيا مقطوعة الصلة بالعروبة وجسورها ممدودة مع اسرائيل.
واكد ان الانظمة العربية مهيأة لاعادة التركيب والانصياع لانها تستمد في أكثرها شرعيتها من الولاء للامريكيين وليس من الشعوب لذلك فهي ترى ان استمرارها مرهون بانصياعها. ولفت هويدي إلى ملاحظة فريدة حيث اصبحت الانظمة العربية شديدة الانصياع للخارج ومستقوية في الداخل وادركوا ان مصيرهم مهدد فلاحظنا مبادرات عربية موجهة إلى الخارج ولم نر أي مبادرة للتصالح مع الداخل.
واكد هويدي انه وفي هذه الاجواء فان الامل الاخير في وقف الانبطاح والانصياع هو المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان حيث ان المقاومين وحدهم الذين أصبحوا يحولون دون اصدار شهادة وفاة الأمة واندثارها.
وشدد هويدي في ختام محاضرته بأن المطروح علينا الآن هو ان نكون او لا نكون في ظل محاولات الاقتلاع التي يراد لها ان تستعجل عملية التفكيك الحاصلة مشيرا إلى أن الانظمة العربية لن تصمد الا اذا تصالحت مع شعوبها.
وقال هويدي ان البديل عن المقاومة هو الركوع ولم يعد امام الشرفاء والوطنيين من خيار سوى القبض على الجذور والتمسك بالثوابت والاعتماد على شعوبنا وعلى الوحدة الوطنية وبذلك نستطيع مواجهة التحديات والاجتياح والتركيع.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved