Thursday 4th March,200411480العددالخميس 13 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يا خوفي من أن يقودنا إلى الهاوية يا خوفي من أن يقودنا إلى الهاوية
فلنبتعد عن هذا النفق المظلم
طيف أحمد - الوشم / ثرمداء

كم خدعتنا المظاهر في هذا العصر الذي لا ابالغ حين اسميه عصر المظاهر والتفاخر بين الناس، وكأننا عدنا الى عصر الجاهلية الا ان اولئك يتفاخرون بالاحساب والانساب، ونحن نتفاخر باشياء من نوع آخر.
اصبحت المظاهر ديدننا، فهذا يفاخر ذاك بما عنده، وذاك يحمل نفسه ما لا طاقة لها به حتى يصل الى مستوى الآخرين.. واولئك يغرقون في بحور الدَّيْن من اجل المظاهر.. نعم.. انها المظاهر ولا غير.
ولكن دائما ما يقفز الى ذهني سؤال: هل تلك المظاهر هي السعادة الحقيقية لنا؟ وهل لا بد من ابرازها لنصل الى اعلى المستويات؟
قد تختلف الاجابة من شخص لآخر، فالبعض يرى ان تلك المظاهر ضرورية وخاصة في هذا العصر عصر التقدم والانترنت والفضائيات وعصر الذرة.. وعصر الحضارة، هؤلاء خدعتهم المظاهر البراقة فاجمعوا على التمسك بها ونسوا ان الحضارة لا تقاس بذلك، وانما تقاس بمدى عمق جذورها في عمر الزمن، وتقاس بمدى ما انجبته من رجال عظماء.
والبعض الآخر يرى ان تلك المظاهر ما هي الا قشور لا تلبث ان تطير وبعدها يظهر الانسان على حقيقته ويرى نفسه على صخرة الواقع بعد ان كان لاهثا خلف تلك المظاهر السرابية.
والبعض الآخر -وهو القليل في هذا الزمن- يكره تلك المظاهر بل يمقتها بشدة، ويربأ بنفسه من السقوط فيها؛ لأنها بالنسبة له تمثل الهاوية، ويعرف انه لن يحصد منها سوى الاوهام فقط. وهناك العديد من الامثلة التي تؤكد لنا ان المظاهر قد طوقت اعناقنا فلازمتنا الى الابد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: كثرة العمالة الوافدة علينا، تلك العمالة التي لا نستغني عنها بتاتاً، وأخص بالذكر عاملات المنازل، فالكل يحضر عاملة سواء احتاج لها أم لم يحتج، فهي من اجل المظاهر فقط!!
وأحياناً قد يحمّل الانسان نفسه ما لا تحتمل، وقد يستدين من اجل احضار تلك العاملة وكأنها فرض عين، وكل هذا من أجل التفاخر والمباهاة.
ثانياً: من أمثلة تلك المظاهر ما يحدث بين النساء من تفاخر في الملبس، فهن يتسابقن الى احدث الموديلات وآخر الصيحات، ولو كلفهن ذلك الكثير، المهم ان تصل الى درجة فلانة، وان تلبس افضل من علانة، وكل ذلك من أجل المظاهر.. ولو دققنا في حال بعضهن لوجدنا ان الغالبية منهن قد حملن انفسهن ما لا طاقة لهن به، وحملن اباءهن وازواجهن الديون، كل ذلك من اجل اشباع رغباتهن وارضاء ميولهن، وحتى لا يصبحن على حد قولهن.. مضغة في افواه الكثير من النساء من زميلاتهن.
لقد تناست هؤلاء النسوة ان الجمال الحقيقي في الجوهر وليس في المظهر، فالجوهر ما هو الا حلي رائعة تزين بها المرأة جيدها، بل هي اعظم وأجمل بكثير من الحلى الحقيقية والمجوهرات الذهبية.
ولكن هيهات، لا حياة لمن تنادي.. الكل يؤكد انه على حق، وأنه لم يفعل شيئاً مغضباً، وتناسوا قول الحق سبحانه: {.. وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}.
ونسوا قول الحق حاثّاً على التوسط: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}.
وبعد ذلك فالأجدر بنا ان نبتعد عن تلك المظاهر التي قد تسيء لنا، وان نبتعد عن ذلك النفق المظلم الذي قد يقودنا الى الهاوية.
وأخيراً لا فض فوك يا (لارشفوكور) حين قلت: (خير لنا ان نظهر في ثوبنا الحقيقي من ان نتبختر في حلة مستعارة) فمتى نعي ذلك!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved