Thursday 4th March,200411480العددالخميس 13 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ثقافة الأرجل ثقافة الأرجل
(معاً في المُرَبَّع الذَّهبي.. ولا مفرَّ من التَّشجيع) الحلقة الثانية
عبدالله بن عبدالرحمن الزَّيد

أدعي.. ثم أزعم أنِّي أوَّل مَن أطلق هذا (المصطلح) إذا صحَّت العبارة.. أو لأَقُل: إنَّني أنا مَن أطلق هذا العنوان، وذلك قبل ما يُقارب خمسة عشر عاماً في زاويتي في مجلة (اليمامة): (إيقاع التكوين الآتي).. ومَن لديه ما يُخالف هذه الحقيقة فليُقدِّم أدلَّته وبراهينه..!! (الله أكبر.. تصوَّروا لو أنَّ ذلك كان اختراعاً علمياً مثلاً أو إضافة فكرية! ماذا كنتُ سأفعلُ؟!).
المهم.. أنِّي أطلقتُ عبارة (ثقافة الأَرْجُل) وعَنَيْتُ بها ما يتعلَّق بكرة القدم خاصة من بين كل النشاطات الرياضية.. وذلك لما كنتُ أشعر به من (الغيظ) و(الحنق)؛ فقد حقَّق صغار الرياضيين في كرة القدم في سنة واحدة آنذاك ما لم تُحقِّقْه الأندية الأدبية كلها مجتمعة ومَن ينتمي إليها منذ نشأتها وإلى ما الله به عليم!! فقد كانت المهرجانات والاحتفالات وما يترتَّب عليها داخلياً وخارجياً لدى الرياضيين شيئاً خُرافياً لا يُصدَّق، في حينٍ كان فيه الأديب يموت ويحيا قبل أن يحتفل بنشر قصيدة أو مقال، أو يَحْظَى بشرف تمثيل ذاته وفنِّه وأدبه في أُمسية!!
أقول: أطلقتُ عبارة (ثقافة الأرجل) بمُكابرة ثقافية ما كنتُ أُخفيها..
الغريب العجيب.. أنَّه بعد مرور سنوات عدَّة ذابت تلك المُكابرة، ولم يَعُدْ لها وجود، وعُدْتُ أسأل نفسي من جديد: وماذا فيها ثقافة الأرجل؟.. ألَيْسَتْ علماً.. وعالَماً قائماً بذاته..؟ ألَيْسَتْ فناً جميلاً له أصوله وخبراته، وله قوانينه وأوسمته ومواسمه، وله من قبل ذلك ومن بعده عمالقته وعباقرته الذين لا يستطيع أحد أن يقوم ولو بجزء بسيط مما يقومون به أثناء العمل والفعل والإنجاز؟!!
ولعلَّ أخطر العوامل التي جعلت تلك المكابرة تذوب تماماً، ثم تتحوَّل إلى تعاطف، ثم إلى تأمل وإعجاب، أنَّني (استخفيتُ) ذات مساء وتصوَّرتُ أني أمتلك -وبجدارة- ثقافة الأرجل تلك، وأني أستطيع أن أَضْطَلِعَ بما تتطلبه، فاتَّفقتُ مع مجموعة من الفصيلة الأدبية الثقافية أن نلعب كرة القدم، أو بمعنًى أكثر وضوحاً أن نُطبِّق شيئاً من ثقافة الأرجل.. أخذنا الاستعداد، وخرجنا إلى الفضاء المطلوب، ونزلنا إلى الساحة.. وكان أوَّل (إخفاق) نفسي شعرنا به على شكل سؤال فاجأنا بهذه الصياغة: (هل أشكالنا وأجسامنا وأرجلنا .. هل هي مناسبة لهذه المهمة الحيوية..؟!
دعك من الإجابة، وتعالَ إلى المُهِمِّ:
بعد عشر دقائق فقط من ممارسة شيء لم يصل إلى مستوى الركض خلف الكرة.. شعرتُ بما يُشبه الانتحار أو النهاية؛ فقد أحسستُ بأن كل سكاكين الأرض قد مَتَّرَتْ جسدي من أعلى الصدر والرقبة إلى أخمص القدم.. ولكي أحتفظ بشيء من (القيمة) طلبتُ من (الرِّفاق) أن يَقْبَلُوا بي حارساً، وسارعتُ إلى الارتماء بين خشبتي المرمى، ولم أَسْتَعِدْ عافيتي إلاَّ بعد يومين من تلك الممارسة الرديئة..
عنها آمنتُ بأنَّ (ثقافة الأرجل) ليست كما كانت تُصوِّرها المكابرات الثقافية والأدبية، وآمنتُ بأنَّ أولئك الفتية الذين يركضون في الملعب ولا يهدأون ساعةً ونصفَ الساعة، وربَّما تزيد، أنهم خلقٌ استثنائي منحهم الله ما لم يمنح غيرهم من الصفات والاستعداد، وأن كلاًّ مُيسَّر لما خُلق له.. وكفى...!

(يتبع)


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved