Tuesday 9th March,200411485العددالثلاثاء 18 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حق الوالدين غير قابل للقسمة حق الوالدين غير قابل للقسمة
محمد بن سعود الزويد / الرياض

قد يجد الإنسان حيرة في تفسير وتحليل تصرفات البشر إذا أخذها بشكل فردي لكل شخص ولكنه حتماً لن يجد في ذلك عسراً إذا علم أن لكل شعب وقوم مفاتيح لكل ما يفعلونه ويقومون به وعلى وجه التحديد إذا تعلق الأمر بالعلاقات الاجتماعية والتعامل فيما بين الفرد تجاه الكل والكل تجاه الفرد، والشعوب في مجتمعاتها تخضع لعدة متغيرات متتابعة مع تقدم الوقت كعامل ثابت ، والسن في الانسان كعامل متحرك كما ان هذه المتغيرات ليست عشوائية كما يظن بل إنها تمثل جزءا من توالي امداد الحياة بنتائج العبث الحي المتحرك متعدد الانماط لوجود الإنسان وتسلسله الخلقي منذ بداية الحياة على الأرض ومنذ خلقة آدم وحتى آخر وليد يصرخ مدوياً معلناً قدومه لهذا العالم بيد ان هذه النتائج تتركز في تأثيرها فقط فيما تتموضع فيه بعد ان تشكل وفق تعاطي البشر معها من حيث النظرة لها فمن جانب شرعي سوف تخضع للجواز او التحريم وما يندرج تحته من متطلبات التقويم الشرعية ومن جهة وعلى ضوء ذلك تتحدد ايجابياتها وسلبيتها ومن جانب اجتماعي سوف تترجم من خلال نسق اجتماعي جديد يضلل طريقة التعامل مع جزئياتها المفصلة حتى تصل إلى حد الشرعية الاجتماعية المتاحة للتطبيق للجميع حتى ولو ارتقت في جانب منها إلى مستوى تعامل نظري بحت يدعو إلى تبني هذا المتغير او المتغيرات او العمل على تطويقها لتتوافق مع اتجاه او سلوك عام محدد على غير المعتاد توافقه معه بصورته الحالية.
وعندما نتحول عن الحديث في العموميات الاجتماعية للبشر يكون لزاماً علينا ان نتحدث بشيء من الوصف لبعض مفردات السلوكيات التعاملية للأفراد في المجتمع وعن مدى ملاءمتها للواقع من حيث التأثير السلبي على العلاقات ومدى تدخلها في رفع او التقليل من قيمة العلاقة بين البعض في الكل. ومن ذلك وهو بيت القصيد التفرد الاجتماعي الذي يتخذ اشكالاً محدودة تتمثل في الانزواء في ثوب اجتماعي محدد الأطوال يكون جامداً في تعامله (اجتماعياً) وغير قابل للتغيير بسهولة وينطبق على شريحة عريضة من البشر والتفرد الاجتماعي الذاتي كان نتيجة لتوالي المتغيرات وما استفاضت به المدنية والمادية معاً في صورة الحضارة على سطح العلاقة بين الناس في مختلف المجتمعات ومن صور التفرد الاجتماعي تموضع العلاقة للأسرة الصغيرة الواحدة فيما بينها فقط مما قد ينتج عنه اهمال واجبات اجتماعية ومتطلبات توافق غاية في الأهمية لأفراد الأسرة فمثلاً قد يحصل ان تقل وتقصر العلاقة بين الأقارب بسبب الانشغال بمتطلبات الحياة ومشاكلها التي لا تكاد تنتهي وهذا امر عليه السواد الأعظم من البشر ولكن قد تتوسع حتى تصل إلى الحد الذي يهمل فيه الوالدان تحت ضغط التفرد والانزواء فتهمل الأم المسنة بعد ان حملت ووضعت وربت وسهرت وقد يهمل الأب بعد ان اطعم وشقى وسهر وكابد العناء لكي يصل ابناؤه إلى ما هم عليه وعندها ما العذر؟
العذر وإن اتخذ اشكالاً عديدة فهو غير بارق او ناصع لأن حقاً كحق الوالدين حق غير قابل للقسمة او التعليل او التقصير فكيف بالجحود والنكران بحجة متطلبات الحياة التي حملت وزراً في قطع الصلة بين الارحام وحتى ولو كانت المدنية والحياة المتلاطمة سبباً للانعزال ولكنها ليست سبباً للعزل والقطع
كيف يمكن أن تتهاوى مشاعر العطف على الكبير المسن او المريض الهرم امام متطلبات الحياة وكمالياتها ؟
كيف يأتي النسيان ليغلب عاطفة البشر بهذه السهولة ويزيد في تصخر وقساوة قلوب الناس على والديهم واقاربهم هؤلاء الذين قد لا يسألون الناس الحافاً ولكنهم يسألونهم السؤال عنهم والمودة لهم كيما يشعروا بوجودهم وبأنهم احسنوا الظن والصنع يوماً من الأيام معا في اولادهم، إن التفرد الاجتماعي الذي تعيشه غالبية الاسر ليس إلا عباءة يسهل ان يرفعها الهواء وينكشف عنها ويسقط في اسبابها فيعود الشاب هرماً وقد لقي الجحود من ابنائه كما جحد هو لوالديه واستهان بحقهما وقدم جملة من الاعذار المرضية والنفسية والمادية هروباً إلى مستنقع المادية وتخفي وتعلل وراء الاعذار في حقهم ورعايتهم وكسوتهم والبحث في اسباب علاجهم وشفائهم والعطف عليهم
انه حق الوالدين ثم ماذا ايضا بعد حق الوالدين {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (الإسراء - 24)


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved