Tuesday 9th March,200411485العددالثلاثاء 18 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إيجابيات فاقت التوقعات إيجابيات فاقت التوقعات
فصول التربية الخاصة بالمدارس فكرة رائدة

* أبها - محمد سعيد الخيري:
ما بين جدل طال مداه بين وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية حول قضية الطالب المعاق، والتي ظلت على مدار سنوات مضت في عزلة تامة مع ممارسة الحياة الطبيعية. وفي خطوة ايجابية جريئة قامت وزارة التربية والتعليم في مطلع عام 1419هـ بدمج هؤلاء الطلاب (القضية) مع أقرانهم الأسوياء في التعليم العام في تجربة غير مسبوقة، لتحقيق الهدف المنشود من نجاح هذه الخطوة، والتي أثمرت نتائج جيدة، وفي مقدمتها على الطالب المعاق، حيث استفاد بعض السلوكيات الجيدة، ومحاكاة الطلاب الأسوياء في العديد من المواقف التربوية الجيدة في الطابور الصباحي وفي أوقات الفسح وأوقات الصلاة، وكذلك انعكست على الطالب السوي والمعلم والأسرة والمجتمع المحلي.
وفي استطلاع ل(الجزيرة) عن هذه التجربة تحدثنا مع بعض المتخصصين في هذا المجال عن جوانب هذه التجربة الإيجابية والسلبية.
*****
بداية مشجعة
عن هذا الموضوع تحدث مدير مدرسة شمسان عبدالله محمد المقيدي حيث قال: صدر قرار مدير عام التعليم بمنطقة عسير د. حمد بن محمد الشقرود في 7-6-1419هـ بفتح فصلين للتربية الخاصة بمدرسة شمسان الابتدائية بأبها، وبهذا القرار قامت المدرسة بفتح فصل تهيئة أول بعدد (10) طلاب ومعلم واحد، وفتح فصل تهيئة ثان بعدد (10) طلاب ومعلم واحد أيضاً. وفي العام الدراسي 1420هـ اعتمد فتح فصل دراسي أول بعدد (11) طالباً ومعلم واحد. بدأ هذا المشروع والذي يهدف إلى دمج الطلاب أصحاب الإعاقة (التربية الفكرية) بإخوانهم الأسوياء، حتى يتعود الطلاب الأسوياء المعايشة معهم ويتعلموا كيف يتعايشون، وحتى لا يكون ذلك الأمر عائقا لمسيرة الطفل المعاق، بل على العكس وجدنا هناك تعاونا من اخوانهم الاسوياء. وايضا اكتسب التلاميذ المعاقون بعض التصرفات والسلوكيات الحميدة وهذا ما نرجوه.
أقول بدأ يحقق نجاحات كبيرة، ففي عام 1421هـ اعتمد فتح فصل دراسي ثان بعدد (11) طالبا ومعلم واحد، ليكون اجمالي الفصول الملحقة للتربية الخاصة اربعة فصول، وبعدد اثنان واربعون طالبا من ذوي الاحتياجات الخاصة تم دمجهم مع الطلاب الأسوياء.
وقد كان لهذا الدمج الأثر الطيب في نفوس الطلاب أولاً، وفي نفوس أولياء أمورهم ثانيا،ً مع ملاحظة انه يصرف لكل طالب سعودي مكافأة مالية مقدارها (300) ريال. أما عدد المعلمين المتخصصين فهم خمسة معلمين، إضافة إلى معلم عيوب النطق، ومعلم للتربية البدنية، وآخر للتربية الفنية. وقد أصبح عدد الفصول خمسة فصول، وهي تهيئة أولى وتهيئة ثاني وفصل أول وثاني وثالث. ونحن نواصل بذل الجهد معهم حتى نصل بهم إلى أعلى المستويات.
أما المشرف المقيم لبرنامج التربية الخاصة علي سويد القحطاني فقال:
بدأ البرنامج التربية الخاصة في مدرسة شمسان عام 1419هـ، ويوجد كذلك في البرنامج عشرة مدرسين منهم، مدرس تربية فنية، ومدرس تربية رياضية، واخصائي قياس، ومدرس عيوب نطق، ومشرف مقيم للبرنامج، وخمسة مدرسين آخرين من مدرسي فصول التربية الفكرية، بالإضافة إلى المدير والوكيل والمرشد وامين المكتبة الذين يتعاملون مع الطلاب الملتحقين في البرنامج، ويستمتع الطلاب في هذا البرنامج بتعامل حسن من جميع أفراد المدرسة، وحيث ان طلاب التعليم العام هم وطلاب التربية الفكرية اندمجوا مع بعضهم، ولم يلاحظوا وجود فوارق، حيث استفادوا من تحسين لغتهم وسرعة الاستجابة، بحيث يسعى المعلمون إلى الحصول على كل جديد يعود على الطلاب بالفائدة في حياتهم العلمية والعملية، ومتابعة جوانب القوة وجوانب الضعف، وعمل المشرف المقيم حلقة وصل بين البيت والطلاب والطلاب والمعلمين لمتابعة مشاكل الطلاب ومعالجتها.
تفاهم وصداقات
وقال أحمد خلاف عاشور أول معلم افتتح الفصول في مدرسة شمسان: عند فتح الفصول في المدارس كان الطلاب في بداية الأمر خجولين يبتعدون عن الطلاب الأسوياء، ومنهم من يحب العزلة والانطواء، وكان عامل الخوف وعدم الاطمئنان وكيفية التعامل مع الطالب السوي، وكان الطالب السوي يخاف من أي طالب معاق. وعندما اندمج الطلاب المعاقون بجهود المعلم وإدارة المدرسة استفاد الطلاب من الناحية التعليمية والثقافية والاجتماعية، وبذلك ذهب الخوف والخجل من نفوس الطلاب المعاقين، وبازدياد الاندماج أصبح الطلاب المعاقون لهم أصحاب من الطلاب الأسوياء، يلعبون معهم، ويسألون عنهم إذا تغيب أحد منهم، ويشاركون معهم في الأنشطة، مثل طابور الصباح والأنشطة المسرحية والرياضية والفنية، مما أدى إلى ازالة التوتر لدى الطلاب جميعاً، ولأن الطلاب يحتاجون للعطف والرعاية الخاصة والمساعدة التي تجعلهم يشعرون بأنهم موضع اهتمام من إدارة المدرسة ومن هيئة التدريس، لايجاد الجو المناسب، مما زرع الثقة في نفوسهم من خلال وجودهم مع زملائهم من الطلاب في التعليم العام، وأصبح أسلوب التقليد لديهم سمة بارزة حيث اكتسبوا وتعلموا بعض العادات الحسنة عند مشاهدتهم لها يوميا من طلاب التعليم العام، واثناء تعاملهم في جميع الأنشطة.
المعلم أمان عبدالله تحدث عن هذه التجربة وقال: إن التعامل مع هذه الطبقة والنوعية من الطلاب يحتاج إلى الكثير من الخبرة، وفكرة دمجهم مع الطلاب الأسوياء ساعد في استفادتهم كثيرا من الأنشطة، وخصوصاً الرياضية، حيث انهم يشاركون زملاءهم التدريبات الصباحية،وبعض الأنشطة الرياضية والمسابقات، وكذلك القيام بزيارة بعض المواقع الرياضية،وايضا الحدائق والمنتزهات التي يتوفر فيها الألعاب،وهذا يساعدهم في الخروج من الوحدة والاندماج مع الواقع المحيط بهم حتى لا يكون أحد العوائق في الأيام القادمة. ونحن نحاول ان نوجد بعض الألعاب التي يستطيع التلميذ ممارستها،وحث الأسرة على مشاركته في تلك الألعاب داخل المنزل،وهذا يساعد الأسرة للتخفيف عنها ومساعدتها في التعايش مع مثل هذه الحالات.
وتحدث أحد أولياء أمور الطلاب المعاقين فقال: في بداية هذا القرار الذي اتخذته الوزارة كنا في غاية الدهشة ورافضين لهذه الفكرة..
ولكننا وبعد ان طُبقت الفكرة عمليا بالتحاقهم مع الطلاب الأسوياء،لمسنا التبديل الكبير في نفوس ابنائنا،وانعكاسه عليهم في التعامل النفسي داخل البيت،ومع المحيطين بهم في المجتمع، وأصبحوا يحاكون تصرفات الطلاب الأسوياء سواء في الذهاب إلى المسجد، أو في قطع الطرقات، والمشي على الأرصفة، والتي تأتي بتصرف شخصي محض وبعيدا عن مراقبتنا أحيانا، والتي كنا نعاني منها أيام النظام السابق.
برنامج القراءة
وأشار الأستاذ أسعد علي الصعيدي عن تعليم القراءة للمتخلفين عقليا إلى ان هناك عدة اعتبارات يجب اخذها عند وضع برنامج خاص في تعليم القراءة تتناسب وقدرات الطفل المتخلف عقليا، حتى يمكنه ان يستفيد من هذا البرنامج في تعليم القراءة وأهمها: يجب ان يدرك واضع البرنامج ان طفل السادسة من عمره المتخلف عقليا يكون عمره العقلي من 3 - 4 سنوات، وعليه فيجب وضع البرنامج بما يتناسب مع عمر التلميذ العقلي وليس الزمني.
ان تسير طريقة تعليم القراءة بخطى بطيئة ومتدرجة، حتى تصل بالتلميذ إلى التمكن من القراءة وتعلمها، مع تجنبه الفشل والاحباط.
ان يوضع في الاعتبار ان حصيلة التلميذ المتخلف عقليا اللغوية ضيئلة وغير كافية لتعلم القراءة بسهولة، ولذا يجب تزويده بالخبرات اللازمة التي تؤهله لتعلم القراءة، وتعوضه عن النقص في حصيلته اللغوية.تهيئة التلميذ المتخلف عقليا لتعلم القراءة وتدريب حواسه، وخاصة ما يتعلق بالادراك السمعي والبصري وتكوين اتجاهات ايجابية نحو تعلم القراءة من خلال التشجيع والتعزيز.
ان تسير الخطة التعليمية للبرنامج ببطء شديد وبتدرج حتى النهاية، مع مراعاة الدقة والاتقان في تنفيذها.
تعلم الكتابة عن طريق ربطها بالصورة، والقيام بأنشطة والعاب تساعد على تنمية اللغة.
تعلم الكلمة عن طريق القصص والحوار المتبادل.
التركيز على تعلم قراءة الأشياء الضرورية في حياته اليومية والتي تتكرر بصفة مستمرة، كقراءة الأسماء والعناوين واللافتات وغيرها.
البدء بالطريقة الكلية - الجشطلت - في تعليم القراءة.
تشجيع الطفل على القراءة الجهرية الحرة لتنمية حصيلته اللغوية.
تزويد الطفل بمواد سهلة ومثيرة ومشوقة لمساعدته على النجاح وتشجيعه على الاستمرار في القراءة.
المعلم سعيد علي القحطاني كان له رأي آخر حيث قال: إن دمج الأطفال المعاقين عقليا مع أقرانهم الأسوياء لها عدة أبعاد وفوائد، لعل من أهمها انتشال هؤلاء الأطفال (المعاقين) من أمور نفسية يمرون بها، وخاصة عندما يرون غيرهم من الأسوياء يستطيعون فعل ما يريدون، فبدمج هؤلاء الأطفال نستطيع ان نخرج منهم أشياء كثيرة، ولكن الأهم هو جعلهم يدخلون في المجتمع من أول وجديد ونريحهم من الأوهام التي يمرون بها، ونجعلهم بذلك أطفالا أسوياء نوعا ما، ولا يحسون بأي شيء غريب، وخاصة انهم يعانون من تلك الاعاقات..
ما أريد ان أصل إليه هو ان دخول ودمج هؤلاء بغيرهم من الأسوياء سيكون له شأن آخر.
كما تحدث المعلم محمود قمر الدولة عن اضطرابات النطق فقال: تعد اللغة العامل الحيوي والمهم لعملية التفاعل والتواصل مع الآخرين، وباكتسابها يحدث تغيير كبير في عالم الطفل في ضوء ما يحرزه من تقدم عند حديثه مع الكبار، فاللغة وسيلة التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا وذواتنا، ويتأثر النمو اللغوي بعوامل كثيرة، منها ما هو عضوي يرتبط بالحالة الصحية للطفل ونضج الأجهزة والأعضاء الحية المرتبطة بعملية الكلام والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والنفسية والعقلية، وقد يتعرض الفرد في أي وقت من حياته لاضطرابات في الكلام تؤدي إلى اعاقته عن التواصل مع الآخرين، مما يؤثر على حياته النفسية والاجتماعية..
وتتعدد أسباب اضطرابات النطق والكلام ومن أهم هذه الأسباب:
اسباب تتعلق بمرحلة الاستقبال وتتمثل في: أ: العوامل البيئية ب: الاعاقة السمعية.
وأسباب تتعلق بمرحلة المعالجة وإصابات الجهاز العصبي المركزي ويتمثل في: أ: الاعاقة العقلية ب: الشلل المخي أو الشلل الدماغي.
وأسباب تتعلق بمرحلة الارسال وتتضمن ما يلي:
أ: إصابة الجهاز التنفسي ب: إصابة الجهاز الصوتي ج: إصابة أجهزة الرئتين. د: إصابة أجهزة النطق (مشكلات اللسان وتشوهات الأسنان، الفكين، شق الحلق، شق الشفاه). لحمية الانف.
ولاضطرابات النطق والكلام انواع أهمها:
اضطرابات النطق (مخارج اصوات الكلام) (ابدال - قلب - تشويه - إضافة) اضطرابات الصوت وتشمل:
أ: اضطرابات نغمة الصوت وتتضمن الهمس - والصوت الخشن أو الغليظ أو الصوت المبحوح.
ب: اضطرابات رنين الصوت وتتمثل في (الخنق).
3 - اضطرابات طلاقة الكلام وتتمثل في اللجلجة.
وعن علاج اضطرابات النطق والكلام قال: يختلف كل نوع حسب نوعه، فهناك ما يحتاج إلى التدخل الطبي ويصل إلى الجراحي، وهناك نوع يحتاج العلاج النفسي وتتمثل في الدراما النفسية والتحصين التدريجي، وهناك ما يحتاج إلى العلاج باللعب، وهناك أساليب تعديل السلوك وتتمثل في تدريبات الاسترخاء والممارسة السلبية، أيضا هناك العلاج الكلامي وتصحيح مخارج الحروف، وكذلك تدريبات التنفس والفكين واللسان والشفاة والنفخ والتثاؤب، وكذلك تدريبات المص والشفط - استخدام الوسائل المساعدة.
كل ذلك يكون وفق منهج وضعه العديد من المتخصصين، وينفذ داخل الفصول الدراسية التي وضعت لمثل هذه الحالات، ومنها الفصول التي توجد بهذه المدرسة لكي نخرج التلميذ من المجتمع الذي وضعه لنفسه ودمجه مع مجتمعه الجديد.قال المعلم علي مبارك الدوسري: لعل دمج هؤلاء الأطفال المعاقين عقلياً مع غيرهم من الأصحاء سيكون له أثر كبير على نفسية وطبيعة هؤلاء الأطفال.. فبدمجهم يستطيعون ان يخالطوا غيرهم ويتعلموا الكثير، وأيضا يكون عندهم الجرأة التي يمكن ان تكون أحد أساليب علاجهم..
ما أقصده ان بدمجهم بالطلاب الأسوياء يستطيعون ان يمرحوا معهم ولا يحسوا أبدا بشيء غريب عليهم، وكذلك نعيد ادخالهم في المجتمع.. أرجو ان نتخيل الأشياء الايجابية حيال دمجهم، فهم الأطفال المعاقين عقلياً ستكون حالتهم النفسية جيدة وكذلك حالتهم ومرحلتهم التعليمية ستتحسن أيضاً.
مؤشر مهم
أما المعلم إبراهيم إمام متولي فقال: نادى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بحسن معاملة الضعاف منا ومساعدتهم وعدم السخرية منهم.كما ان الله سبحانه وتعالى أمرنا في كتابه العزيز بقوله تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمَْ}.
وان المؤشر الحقيقي لرقي أية أمة والمقياس على تقدمها هو مدى اهتمامها بهذه الفئة من المعاقين.وان اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني بهذه الفئة لهو دليل حي على التقدم الحضاري الذي نتلمس خطاه من استقامة الدرب الإسلامي، فالمسلم اخو المسلم، ولا غرابة من مجتمعنا الذي نشأ وترعرع على مبدأ إسلامي نبيل على مبدأ التكامل الاجتماعي.حفظ الله حكومتنا لما توفره لهذه الفئة،فهي لم تبخل بأي جهد في سبيل الرقي بهذه الفئة من فلذات أكبادنا.
عزيزي القارئ ولمزيد من هذا الجهد المتواضع نلقي الضوء على أهداف ومميزات التربية الخاصة لتضيف بسمة على مستقبل هذه الفئة.
*فتح معاهد لجميع فئات التربية الخاصة.
فتح فصول ملحقة بمدارس التعليم العام (دمج).
*تجهيز هذه المعاهد والفصول الملحقة بالمعلمين المتخصصين.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved