Thursday 11th March,200411487العددالخميس 20 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من أين أتينا؟ من أين أتينا؟
أهدافنا الوطنية.. الصياغة والانتماء
د.عبدالله بن ناصر الحمود (*)

لعله من الممكن الاتفاق حول حقيقة أن الأهداف والغايات أمران ينبغي لهما أن يكونا المقصد الحقيقي لأقوال الناس وأفعالهم. ومن دون ذلك يصبح كل من القول والفعل أمراً عبثاً. والأصل في الأهداف أن تكون واضحة جداً ومحددة بعناية لدى الأفراد والمؤسسات الصغرى على حد سواء. وبالتالي، فإن الأهداف الوطنية العليا ليست - في واقع الأمر - إلا نتاجاً طبيعياً لأهداف فردية ومؤسسية في مجتمع ما. غير أنه من الممكن أن يعوز الأفراد العلم الكامل بالأهداف الوطنية لأنهم قد لا يتاح لهم ذلك حيث يعد تبني الأهداف المجتمعية وصياغتها في هيئة أهداف وطنية من مهمات المؤسسات الوطنية الكبرى وواجباتها الأولية. ولذا، فقد يسوغ القول: إنه من اللازم في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مجتمعنا الكبير، أن تتوجه الجهود لحماية ووقاية (المجتمع) من خلال تحديد الأهداف العليا والغايات التي ينشدها الوطن بشكل عام، هذا من جانب، ومن جانب آخر ينبغي إعلام الناس بتلك الأهداف بشكل كامل ودقيق، وفق منظومة مؤسسية راشدة ومتطورة جداً.
المؤسسات المتاحة اليوم تقوم بدور مهم وجليل في سبيل السعي من أجل الوحدة الوطنية وفق منظومة (أهداف) نبيلة يتم توارثها عبروسائل النقل المعرفي المتاحة، لكن المرحلة الراهنة قد تتطلب مزيداً من التوجه نحو الالتفاف على غايات وطنية أعمق وضوحاً وأكثر تحديداً. وقد يلزم - لذلك - إنشاء مؤسسات جديدة بمفاهيم جديدة ومطورة للعمل الوطني المؤسسي، غايتها أن تكون الأهداف الوطنية العليا معلومة بالضرورة لدى جميع أبناء المجتمع وبخاصة الأطفال والشباب، وفق سلّم معرفي مناسب. وبعد العلم بها - يقيناً وبمختلف الوسائل المتاحة -، قد يلزم اتخاذ مجموعة من التدابير لإشاعة (ثقافة حماية تلك الأهداف) والإعتزاز بها، والسعي لتحقيقها باقتدار، وتجريم كل من يحاول النيل منها، أو يعوق العمل على بلوغها ويمكن أن يتم ذلك عبر (عملية عكسية) من خلال السعي إلى نقل هذه الأهداف من إطارها المجتمعي الوطني إلى الإطار الفردي الشخصي الإنساني والمؤسسي (مرة أخرى) بالقدر الذي يشعر معه كل فرد من أبناء الوطن بأن تحقيق هذه الأهداف يعد تحقيقاً (لأهدافه هو) من العيش في المجتمع والتنعم بخيرات الوطن، وأن النيل من تلك الأهداف إنما يعد تعدياً على (حقوقه وواجباته المباشرة). لو استطاع مجتمعنا المعاصر أن يبلغ هذا المستوى الذي يحمل فيه كل فرد من أفراده همّ الوطن ورسالة الوطن، فقد يصبح من الميسور حماية النشء من كل الدواخل المقيتة على الفكر والثقافة والسلوك. ربما أتينا من شيء من الغياب العام للإحساس بالمواطنة، والمسؤولية الجماعية، في ظل اضطراب معرفتنا الفردية والمؤسسية بأهدافنا الوطنية الكبرى، وفي ظل افتقاد تلك الأهداف للمؤسسات الكبرى القادرة على صياغة الأهداف وإشاعتها وحمايتها بقدر عال جداً من التمام والكمال.

(*) عميد كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved