Sunday 14th March,200411490العددالأحد 23 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
الأمن في العراق بعد الدستور(2)
جاسر عبدالعزيز الجاسر

الدستور والقانون اللذين يوضحان العلاقة بين الحاكم والمحكوم، هما المرتكز الأساسي للدولة الحديثة، ولكن الدستور ومواد القانون تصبح غير ذات قيمة إذا ما انعدم الأمن، والعراق الجديد، منذ الغزو الأمريكي البريطاني واحتلاله، وقبله يعاني من جملة عوائق وإشكاليات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأمنياً، وإذا كان الأمن على الأقل في بغداد قوياً وواضحاً في وقت حكم صدام حسين، إلا أنه انفلت وأصبح أكبر المشاكل التي يعاني منها العراق الجديد، وبما أن الأمن محرك ودافع لتحقيق ما تحتاجه البلاد، كما أن (الأمن) يتأثر بأي تطور أو إنجاز آخر وبالذات العاملين السياسي والاقتصادي، وإذا كنا قد تناولنا أمس إنجاز الجانب السياسي المتمثل في توقيع الدستور المؤقت، فإنه لا شك سيخلق تأثيراً إيجابياً خاصة وأن بعض فقراته حاولت معالجة عمليات الإقصاء السابقة والتحجيم التي تعرض لها جانب كبير من العراقيين الذين شكلوا مخزوناً بشرياً تورط البعض منهم في تنفيذ أو المساعدة على تنفيذ عدد من الهجمات التي أدت إلى التدهور الأمني الحالي في العراق.
وبوضوح نقول إن محاولات إنصاف أهل السنة من خلال إعطائهم الفرصة للتقارب مع الشيعة بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة، لا بد من أن يضعف أو يخفف من الأعمال الانتقامية التي تتم فيما يسمى بالمثلث السني.
ثم السماح لأعضاء حزب البعث غير المتورطين في جرائم النظام السابق بالاشتراك في الانتخابات القادمة انتخاباً وترشيحاً سيبعد نسبة كبيرة منهم عن الاشتراك في العمليات العسكرية الموجهة ضد الوضع الجديد.
وبما أن تدهور الوضع الأمني في العراق يعود بالدرجة الأولى إلى فئتين:
1- بقايا حزب البعث الذين تضرروا بسقوط النظام السابق حيث فقدوا وظائفهم وبعضهم معرض للقتل فقد انخرط أكثرهم في العمليات الموجهة ضد قوات الاحتلال والمتعاونين مع هذه القوات سواء الأحزاب المشارك رؤساؤها في مجلس الحكم العراقي أو عناصر الشرطة.
هؤلاء البعثيون الذين سيجري استيعابهم وخاصة غير المتورطين في الأعمال الإجرامية المرتكبة ضد الشعب العراقي، فإنهم سيجدونها فرصة للعودة والتأقلم مع الوضع الجديد.. ومع أنه ليس متوقعاً أن يكون موقفهم إيجابياً في هذا الوضع إلا أن تحييدهم سيضعف عمليات المقاومة كثيراً، أما إذا نجحت الأصوات في الإبقاء على استقصائهم وإبعادهم، فإن هؤلاء البعثيين الذين يعدون الأكثر تنظيماً حزبياً وعسكرياً، حيث تاريخ حزب البعث في العراق يتجاوز نصف القرن وهم متغلغلون في جميع محافظات العراق، وأغلب الظن أنهم سيدعمون أو ينضمون إلى حركة الوفاق التي يرأسها الدكتور إياد علاوي الذي لا يخفي مطالبته وحركته باستيعابهم ورفع (الفيتو) عنهم.
تبقى الفئة الثانية المسؤولة عن تدهور الأمن في العراق وهي فئة المتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة أو من لهم روابط مع هذا التنظيم، وهذه الفئة تضم ثلاث فرق، فرقة أبو مصعب الزرقاوي وتضم متطوعين من العرب وغير العرب وبعض العراقيين.
والفرقة الثانية جماعة أنصار الإسلام وهم المتطرفون الأكراد وينفذون عملياتهم في شمال العراق.
الفرقة الثالثة من المتطرفين العراقيين وهؤلاء لا تزال خلاياهم نائمة وإن كانت متغلغلة في محافظات الجنوب.
خطورة هذه الفرق الثلاث أنها تنفذ العمليات الانتحارية التي يصعب وقفها، كما أنها تسقط ضحايا كثراً.
ولكن الوضع الجديد في العراق إذا ما استطاع حكامه الجدد تنفيذ بنود الدستور الجديد وإرضاء أهل السنة بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع وعدم التلاعب في قيد الناخبين من العراقيين الحقيقيين ووقف عمليات التسلل من خارج الحدود، واستيعاب البعثيين غير المتورطين في جرائم النظام السابق يكون قد تم عزل العراقيين عن المتطرفين، خاصة إذا ما أحكمت سلطات الاحتلال أو التحالف أو التنظيمات الأمنية الجديدة إغلاق الحدود مع جيران العراق.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved