من 11 سبتمبر إلى 11 مارس

اختلطت تداعيات المذبحة الإسبانية مع الأجواء السياسية لبلاد مشغولة بالانتخابات العامة, ورأى البعض, ومنهم حزب الحكومة والحكومة ذاتها تحميل منظمة داخلية هي (ايتا) مسؤولية الانفجارات الدامية, لكن الحقائق على الأرض قلبت الأماني والتوقعات رأساً على عقب حيث زادت القرائن على تورط تنظيم القاعدة في التفجيرات, ومن ثم تحول التعاطف مع الحكومة إلى حنق وغضب عليها لأنها حاولت تفادي المؤثرات الخارجية ربما لحسابات تتعلق بالانتخابات.
ومن أقوى هذه المؤثرات الحرب في العراق, وهي حرب وقفت الجماهير الإسبانية وقفة مشهودة ضدها, حيث انفردت تلك البلاد بخروج الملايين من أبنائها ضد الحرب وضد مشاركة بلادهم إلى جانب الولايات المتحدة في العمليات الحربية.
والآن تأتي هذه التفجيرات وفقاً للجهة المشتبه بها بارتكابها وهي القاعدة رداً, على تلك الحرب ما يعني تحميل حكومة رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ازنار المسؤولية عشية الانتخابات.
ومهما كانت الحسابات الإسبانية فإن ما يهم المسلمين عامة ألا يتم الزج باسمهم في واحدة من أفظع المذابح في تاريخ الإنسانية بينما يجهد المسلمون لتبرئة ساحتهم من الاتهامات بالإرهاب وإقناع العالم بأن هناك قلة محسوبة على الإسلام هي التي لا تفتأ تشوه سمعة الإسلام والمسلمين من خلال ارتكاب مثل تلك الفظائع, ومازالت تداعيات هجمات سبتمبر ماثلة أمام الانظار.
وإلى أن تنجلي الحقائق كاملة ويتم تحديد الجهة المتورطة بدقة فإن الناخب الإسباني سيدير وجهه عن حكومة ألقت به في أتون حرب لا يريدها مما توجب عليه أن يدفع هو ثمناً فادحاً, فقد صدم الشعب الإسباني بشدة وهو يرى نعوش بعض من أبنائه الذين قتلوا في العراق, وها هو يعايش فجيعة أخرى أشد مأساوية لأنها تعصف بذات أولئك الناس الذين رفعوا أصواتهم منددين بتلك الحرب.
هذه الأحداث تؤكد ضرورة المعالجات الهادئة للشأن الدولي, وفي الذهن دائماً الحالة الحربية المتفاقمة في العراق التي تحتاج إلى تسوية تنهي هذا الاحتلال وتعيد الاستقرار وتكفي العالم شرور انعكاسات الأزمة.