Tuesday 16th March,200411492العددالثلاثاء 25 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
الإغراق في الجزئيات (2-2)
د. فارس محمد الغزي

(الإغراق في الجزئيات) عنوان كتيب من تأليف الدكتور سلمان العودة، وقد استعرضت في مقالة سابقة بعض ما ورد في هذا الكتيب من الأمثلة المؤكدة والدالة على شيوع وترسخ ظاهرة الانشغال بالجزئيات على حساب الكليات، وانعدام التوازن والوسطية في التعامل مع فقه المعاملات لصالح فقه العبادات، وأشرت في ختام مقالتي المذكورة إلى أن من ضمن أهم ما استعرضه الشيخ سلمان من الأمثلة ما تمثل في قضية التركيز أو الانشغال بقضايا فرضية - خيالية احتمال تبلورها وتجسدها بعيد جداً. هذا وفي معرض تحليل المؤلف لأبعاد هذه المعضلة ذكر ما نصه: (... هناك كتاب ضخم لأحد الكتّاب، يتكلم فيه عن مسائل فقهية، ومن المسائل التي تكلم فيها وأطال النفس: مسألة احتمال وجود إنسان على كواكب أخرى غير كوكب الأرض. بدأ يبحث في أحكام هذا الإنسان، حكمه من حيث التيمم والصلاة، ومن حيث استقبال القبلة، وكيف يصلي؟ وإذا افترضنا أن امرأة حملت وأنجبت على ذلك الكوكب، فماذا يكون حكمها؟) انتهى.
أما تعليقي على هذه القضية - رغم وضوح أبعاد هذه القضية - فأوجزه مختزلاً بعدة نقاط هي:
1 - انه مثلما يقع الخلل في الفكر فهو يقع أيضا في الخيال الفكري، لا سيما حين يقفز الخيال من واقعية الواقع ليغيب هذا الواقع في رحم جزئيات خيالية.
2 - تخيلوا لو ان مثل هذا الخيال الجامح قد تم تقييده في سياق خيال دنيوي - ديني محوره على سبيل المثال، ماذا يتوجب على المسلمين عمله لتحقيق كافة أسباب النظر في ملكوت السماوات والأرض، ومن ضمن ذلك فرضية وجود بشر على الكواكب الأخرى؟! أقول: لو كان الأمر كذلك.. لتغنى حينها لسان الحال بقول الشاعر: (ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا..).
3 - تقول العرب: (من أفضل العلوم العمل بالمعلوم) عليه فمثل هذا الخيال الوقاد يبعدنا لا شك عن هموم واهتمامات تطبيق ما علمناه.
4 - في الوقت الذي يقف البعض موقفاً رافضاً للجهود المنصبة على مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم تجده لا يمانع مثل هذا الخيال الوارد في الكتاب المذكور.
5 - من وجهة نظر شخصية أقول إن يكن في الكواكب الأخرى مخلوقات بشرية أخرى فسوف يكونون بكل تأكيد على دين مكتشفيهم، وهذا هو قانون التاريخ.. إلا في حال كان للفضاء تاريخ يختلف عن تاريخ الأرض.. وختاماً جزى الله الشيخ سلمان كل خير، وجعل جهده هذا في موازين صالح أعماله.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved