Thursday 18th March,200411494العددالخميس 27 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لجان حقوق الإنسان لجان حقوق الإنسان
د.فوزية أبو خالد

مثلما حدث يوم استجابت الدولة بفضل الله للضرورة الاجتماعية ولمطلب إصدار بطاقة هوية للمواطنات، ومثلما حدث يوم انتدب للاستشارة في بعض اللجان العاملة بمجلس الشورى عدد معين من النساء، ومثلما حدث أيضاً يوم تفضل ولي العهد سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بلقاء عدد من المواطنين والمواطنات مطلع العام الميلادي 2002م وكذلك مثلما تكرر الموقف على إثر شراكة عشر من المواطنات في اللقاء الثاني للحوار الوطني للعام الهجري 1424هـ عاد هاتفي الثابت والجوال يرنان ويلحان في الرنين أو يمتلآن بالرسائل الصوتية والرسائل المكتوبة الخاطفة وعاد بريدي الإلكتروني بل جهاز الفاكس يكتظ بأسئلة الصحفيين والصحفيات ووكالات الأنباء وخاصة الأجنبية.
فعلمتُ من تلك الأسئلة الفضولية بخبر تشكيل لجنة حقوق الإنسان قبل أن تنشر الصحف المحلية تشكيلها وأسماء اعضائها المعينين. وحيث ان بعض تلك الاسئلة الفضولية يأتي محتفظا بفضيلة محاولة الاطلاع وتحري الحقائق أو الرأي فيما يدور على أرضنا من أمور، بينما يأتي بعضها الآخر محملاً بالأحكام المسبقة علينا وعلى ما نفعل، فقد تصبح تلك الأسئلة مثل الأسلاك المكهربة التي علينا أن نتعامل معها بغير قليل من الحيطة والحذر دون أن نلوي اعناقها أو نضطر أن نقف منها موقف التلميذ الغائب.
وقبل ان أدخل في صلب موضوع مقال اليوم وهو حدث تشكيل لجنة أهلية لحقوق الإنسان الذي أصبح حديث الساعة أرى أن أتوقف عند بعض المواقف التي صارت تثيرها مثل هذه الأحداث والقرارات الإيجابية فيلعب نقص المعلومة المحلية بها أو حولها في إرباك الفرح بها وفي تبطيء استيعابها والمشاركة في تفعيلها مع أن حرية تحرك المعلومة هي أحد حقوق الإنسان طالما أن الشيء بالشيء يذكر..
وفي هذا الصدد فعلى الرغم من أن مثل هذه الاتصالات الصحفية والإعلامية الخارجية المتعلقة بالحدث الداخلي التي صارت تلاحق المواطن في مواقعه المختلفة سواء كان اكاديميا، مختصا, صحفيا, كاتبا, مسؤولا رسميا أو سواهم لم تكن تحدث بمثل هذا الإلحاح والكثافة والتكرار إلا بعد أن تحول مجتمعنا وقراراتنا المحلية وأحلام الإصلاح أو بوادره إلى محط لأنظار العالم الخارجي. فإن مثل هذا السيل من الاتصالات والاستفسارات الصحفية والإعلامية تكاد تصير عادة على الموسومين منا بالاشتغال والانشغال بقضايا الرأي والمجتمع ومشاغل الشأن العام وهاجس الوطن تحمل أمانة ومسؤولية بل وأعباء وتبعات قراءتها قراءة تحليلية موضوعية في إطار السياق الاجتماعي لبنية ومسار تطور مجتمعنا السعودي بالقدر الذي يتاح لنا لمعرفة تلك الأحداث والأخبار التي قد لا يعرف بها بعضنا إلا من تلك الأسئلة الصحفية نفسها.
وفي مثل هذا الموقف الذي تفاجئنا فيه المعلومة عما يجري في مجتمعنا بمجيئها من الخارج يقتضي منا الأمر التريث والاستعلام من المصادر الوطنية ذات الشأن ومن المعني منها بأمر القرار فيما يصلنا عنها من أسئلة واستفسارات صحفية أو طلب تعليق أو رأي قبل أن نخوض فيها. هذا فيما لو تيسر تأكيد أو نفي المعلومة من مصدر داخلي. أما في حال تعذر ذلك كما يحدث في أحيان لا يستقل بها ولم يكن متاحا أو ممكنا التأكد من صحة خبر ما نسأل فيه رأيا أو تعليقا أو تحليلا فإن من الأفضل لتحري الموضوعية وليس فقط لطلب السلامة أن يفتى بلا أدري. أو هذا على الأقل ما أحاول أن افعله طلبا للأمرين معا. وذلك ريثما يستكمل بناء أو استصلاح جسور الثقة والمشورة بين اصحاب الكلمة وبين اصحاب القرار لتصلنا المعلومة من مصادرنا الوطنية الموثوقة قبل ان نفاجأ بها من مصادر الإعلام والأخبار الخارجية. وبناء على هذا الموقف الذي لا يخلو من تحفظ قد يكون مبالغ فيه فقد أسقط في يدي عندما كنت أتلقى سيل الاتصالات الذي أشرت إليه إلا أنني وطنت النفس على الا أسقط كمواطنة وكاتبة حقي وواجبي في الكتابة عن الموضوع بعد أن من الله علينا بتحول الحلم الذي طالما سالت دماء اصابعنا في الكتابة عنه وله وفيه إلى حقيقة واقعة.
وفي هذه الوقفة عند هذا الحدث الهام -حدث إقرار إقامة أول لجنة أهلية لحقوق الإنسان بالمملكة الذي اصبح حديث المواطنين في المجالس الخاصة والعامة كما أصبح محل حوار في الصحافة المحلية والعربية والخارجية- أود طرح عدد من الآراء وهي مما كنت قد أشرت لبعضها وإن على عجل في مشاركتي التلفزيونية في القناة الأولى من البث المحلي في ضيافة برنامج (مع الأحداث) الذي أداره بالكثير من الكلف والإخلاص الوطني أ.محمد العوين مسلطا الضوء مع عدد من ضيوف تلك الحلقة وكان منهم من المكلفين بالعضوية في اللجنة د.بدر الحجار ود.عبداللطيف الغامدي. وأ.نورة الجميح على عدد من الأسئلة التي تشغل بال المواطن في التعريف والتوعية بأهمية هذا القرار الحضاري من جانب الدولة وبدور الجانب الأهلي في إنجاح العمل داخل لجنة حقوق الإنسان وتوسيع قاعدة الالتفاف حولها. وما أتناوله هنا يتمثل في النقاط التالية:
- نظرا لجدة التجربة ونظرا لأن عضوية مجلس الإدارة بهذه اللجنة جاء بتكليف رسمي فقد التبس على البعض من المتابعين في الداخل والخارج أن هذه اللجنة هي لأحد الأجهزة الرسمية من الجهاز الحكومي.. ولذا فلابد في اللائحة التأسيسية لهذه اللجنة من التوضيح لصفتها الاعتبارية كواحدة من المؤسسات الأهلية للمجتمع المدني التي يؤمل أن تسهم في بلورة بنائه وإعطائها دور الشراكة الاجتماعية في التعبير عن القضايا المجتمعية وفي إدارة المجتمع.
- وللوصول إلى هذا الهدف فإنه يتعين على هذه اللجنة من خلال عملها مع الناس وبالناس مواطنين ومقيمين أن تتوصل إلى وضع خطة عمل ببعدين استراتيجي ومتوسط تعبر عن هويتها المدنية سواء في طبيعة القضايا التي يراد التعبير عنها أو في آليات العمل ومنها الاعتماد على الأسلوب الديموقراطي في ترشيح وانتخاب اختيار العضوية داخلها لتكون لمختلف تكوينات الطيف الاجتماعي والسياسي بالمجتمع.
- إن قرار الدولة بالتصريح لإقامة هذه اللجنة لحقوق الإنسان يتطلب قرارات شجاعة تؤازر هذه الخطوة وهذا يدعو للتفاؤل بإدراك القيادة لضرورة فسح المجال لإقامة لجان حقوقية أخرى تحمل المواطنين أمانة مسؤولية القيام بواجبهم الوطني في خدمة أحيائهم وقراهم ومدنهم ومواقع تواجدهم وعملهم المختلفة بما يجعلنا نكف عن ذلك السلوك الاتكالي على الحكومة في كل شيء دون ان نكلف دفع أي ضريبة من ضرائب المواطنة حتى لو بالعمل التطوعي للمساهمة في أبسط الخدمات.
- إن مسألة الحقوق لا تختزل في حق المشاركة السياسية فذلك الحق على أهميته وعلى مشروعيته لا يقوم وحده وبدون دربة اجتماعية على المشاركة في العمل الجمعي العلني. فهناك حقوق المواطن البيئية -الطبية -التعليمية -الثقافية -الفكرية - الأمنية بما فيها حق الاختلاف. وكذلك الحق في العمل الشريف، في تساوي الفرص وفي الاعتبار الاجتماعي، في التقاضي، في الدفاع وفي الامتثال للقانون. كما ان هناك حقوق الطفل وحقوق المعاق، حقوق النساء وتحديداً تمكينهن من الحقوق الشرعية التي كرمهن بها الإسلام.
وحقوق المواطنة لجميع المواطنين ممن يحتاجون إلى كفالة ما هو مقر من حقوقهم في أنظمة البلاد وإلى تشريع أو على الأقل اقتراح تشريع ما هو غائب أو معطل منها. ولعل أول الغيث قطرة.. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved