Thursday 18th March,200411494العددالخميس 27 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
د. فؤاد فارسي.. في مواجهة التيارات..
خيرية إبراهيم السقاف

لا أحسب رجلاً مسؤولاً مُشْبعاً بهَمٍّ جَمْعي في الوقت الراهن أكثر من الأخ العزيز معالي وزير الإعلام الدكتور فؤاد فارسي وزملائه في الوزارة، وعلى وجه التحديد في هذا الوقت الذي رفعت الأقنعة عن وجوه لاعبي (السيرك) الإعلامي العالمي, وبدأت تتحرك حبال مسارحهم بدُمى دراماتهم وقصصهم وأنغامهم وألوانهم.. ثُمَّ من وجه آخر بعد أن أُنيطت به مسؤولية الثقافة, في الوقت الذي أسفرت وأبانت الوقائع عن التَّباين والاختلاف والتنوع, وتعددية الأنماط الفكرية, إلى جانب اختلاف المشارب, والأفكار, والتوجهات المألوفة عند المتعاملين مع الإعلام.
ولئن كان عناء المربِّين في تناول احتياجات الإنسان وفق فروقه الفردية التي تمايز بين واحد وآخر.. في مراحل نموٍّ قابلة للتشكيل, فإنَّ هذه الفروق غير قابلة للتشكيل في الأفراد الذين يتعامل معهم هذا الوزير الهادئ الجاد الذي يعمل وقد يُشكر وقد يُنقد..
ولئن كان رضاء الناس غاية لا تدرك كما تردد الألسنة!
فإنها مع جميع التَّيارات (الإعلامية) الرَّاهنة قد تكون مستحيلة لن تُدرك البتة هذه الغاية, فلا رضاء مطلقاً..
ففي هذا الخضمِّ هو إذن البحَّار الذي يُجدف ليس ضدَّ ولا مع التيَّار, وإنَّما عليه أن يكون صاحب سواعد فولاذية كي يحرك مجدافيه مع الشَّد والجذب, والمدِّ والجزر, ومع وضدَّ, ويخرجُ من البحر في منجاة من التيَّار.
هذه المسؤولية الكبيرة تحتاج إلى إنسان صبور، وهذا ما ندعو به لوزيرنا العزيز ووزارته.
ولئن كان الإعلام واجهةً وضوءاً يلهثُ له الناس بطباعها.
فإنَّ مَن يقف على سدَّته وزيرٌ لا يستخدمُ ضوءه وراءه, ولا أمامه إلاَّ في ضرورة تَقْضي.. ولذلك فإنَّه يحتاج إلى دعاء مخلص وتعاون جادٍّ.
الدكتور الفارسي لم يكن ذات يوم محور كتابتي, ذلك لأنَّني إن أردت الخوض في لجج وزارته فلن أخرج إلى الشاطئ, وأنا أحتاج إلى أن أكون معه في جديَّة مسؤولية القلم, وأمانته، وتجرُّده, وصدقه.. وتلك لعمري (المواساة) الصادقة لمسؤولي (الإعلام) في الزمن الحاضر! فكلُّ مسؤول إعلامي يحتاج إلى مواساة تتناسب ووضع مجتمعه, وبيئته, وما تقدمه صناعة مؤسسته لمجتمعه.. وفي مجتمعنا فإنَّ مؤسسة الإعلام عندنا مناطة بها أمور بالغة التَّفرد والخصوصية؛ إذ هو إعلام مجتمع يحكِّم شريعة الله سياسة ونظام حياة، لذلك فهو إعلام في مؤسسة تواجهها التحديات الكبرى التي تفوق كاهل حقيبة رجل واحد مسؤول عن أمانة أمَّة في دولة تضطلع بحماية ثوابت هذه الأمَّة وتتصدَّى بمفردها لمواجهة التَّحديات.ففؤاد فارسي ممثِّل لهذه الأمَّة في هذه الدَّولة، والعكس صحيح..
حفَّزني لقاؤه الذي كاشف فيه عن هموم وزارته, وعن تطلعاته لها, وعن مشاريعها, وأمانيها, وأحلامها في أجندتها التي بسطها في لقائه بمجلس الشورى لأنْ أقف عند نقطة محورية تؤكِّد على أنَّ مسؤوليته بدأت تواصل كفاحها المضاد عندما كشف عن أمر الاتفاق الذي عقدته وزارته مع وزراء الإعلام على عدم السماح لأي قناة تبثُّ على القمر العربي (عربسات) -الجزيرة, ص 35، الجمعة 21-1-1425هـ- إلاَّ بعد الاطلاع على خطة القناة البرامجية. والهدف الذي حدده الفارسي هو لكي تتماشى مع القيم التي تخص الدول المسلمة. وهو هدف لعمري أساس, يحتاج تحقيقه إلى مزيد من الكفاح.. ومواجهة سطوة التَّيارات وليس التَّيار الواحد. الأمر الذي يجعلنا نقف في صفِّه وندعو له بقوة لأن يكون لمجدافيه عنوة المرور في سلام ونجاح بما يعزِّز تفرُّد هذه المؤسسة لتفرُّد خصوصيتها, فليوفِّقه الله تعالى.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved