Saturday 20th March,200411496العددالسبت 29 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من أين أتينا؟ من أين أتينا؟
نظام الإيرادات والمصروفات.. في جريمة الإرهاب
د.عبدالله بن ناصر الحمود*

لله المثل الأعلى من قبل ومن بعد. في مداخلة اليوم, سوف أستند قليلا إلى منطق رياضي حاسوبي يتم استخدامه بكثرة في برمجيات المحاسبة التي باتت مرتكزا مهما جدا من مرتكزات العمل في المؤسسات الربحية بشكل خاص. فمن المعلوم لكل مهتم بشؤون الحاسبات - وبخاصة استخداماتها المحاسبية - أنها تقوم على أساس بسيط جدا تتولى عناصره الرئيسة إجراء عمليات حسابية كثيرة تصل بالمستفيد إلى خلاصة مفادها (حساب الإيرادات, وحساب المصروفات, ومعادلة ناتج الحسابين سلبا أو إيجابا). وتتيح هذه الخلاصة تحديد الموقف المالي للمؤسسة, حيث يتم بناء على هذا الموقف التعرف على مستوى السلامة والأمان في واقع المؤسسة ومستقبلها. فإما أن يكون الموقف إيجابياً . فيستبشر المعنيون بالأمر ويفرحون, أو سلبياً تحتاج معه المؤسسة إلى عمليات إنعاشية معينة. وذلك على الرغم من أن المؤسسة في حالة سلبية موقفها المالي قد لا توفق في عملية الإنعاش تلك. ولنا - بعد هذه الخلاصة - أن نتخيل دور المسؤول على مدار الأعوام المتتابعة, حيث من اللازم لقيامه بمهمات وظيفته (للحفاظ على مؤسسته), أن يعمل على رفع سقف الإيرادات في مقابل المصروفات. وهي الغاية من عمل أي مسؤول عن منشأة ربحية. وعبر حوار جمعني بأحد المعنيين بهذا الشأن المحاسبي, خطرت في ذهني خاطرة مفادها أن أعمال الناس في هذه الحياة الدنيا, إنما هي (قريبة الشبه) بنظام الإيرادات والمصروفات. فحيث يسعى الناس إلى رفع درجاتهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة, فهم يعمدون إلى توريد كثير من الأقوال والأفعال المحمودة المأجورة لصالح حسابهم وسجلهم عند ربهم تبارك وتعالى, في حين يسعون - بالمقابل - إلى تخفيض إنفاقهم من المعاصي بالقول أو الفعل. والغاية من هذه المقابلة - في نهاية المطاف - هي ان تتحقق السعادة في الدارين, وأن تثقل موازين الخير والصلاح عند المرء, في ارتفاع ظاهر جدا لصالح إيراداته من الحسنات في مقابل مصروفاته من السيئات, ليلقى المرء ربه آخذا كتابه بيمينه, فرحا بالربج الأعظم والأكبر والأجلّ. جعلنا الله وإياكم ممن يربحون كتبهم بأيمانهم. تبرز هذه (المقابلة بين حالين) بروزا ظاهرا, عندما نطالع ونسمع ونعيش أعمال العنف والإرهاب والتطرف والغلو. وعندما نشاهد أناسا - من المحسوبين علينا - قد غرتهم الأماني, ليفسدوا في الأرض ويقطعوا الحرث والنسل رافعين - بذلك - حجم مصروفاتهم في مقابل حجم الإيرادات, وليكون أمرهم من قبل ومن بعد إلى الله تعالى. والمفارقة العجيبة هنا, هي أنه في حال كانت عاقبة الليالي الدنيا لم تخطر ببالهم. أو أنهم لا يعبؤون بها, فهل هم - فعلا - يستحضرون يوما تفتح فيه الحسابات, ويوضع فيه الميزان, وتقام فيه المعادلات الحق, ليعرف الناس (كل الناس) خلاصة حساباتهم, وأنهم رابحون أو خاسرون..؟ ربما أتينا من أن من بيننا من يقول ومن يفعل دون أن يستحضر - حقا - أن مِن حوله (كراما كاتبين), وأن الله قد أحصى كل شيء وعدّه عدّا.

* عميد كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved