قال العلامة الأندلسي الشهير ابن حزم بعد أن عدَّد بعض الكتب والمؤلفات الجديرة بالقراءة والمطالعة، قال: وإنما ذكرنا التآليف المستحقة للذكر، والتي تدخل تحت الأقسام السبعة التي لا يؤلف عاقل عالم إلا في أحدها، وهي إما شيء لم يُسبق إليه يخترعه، أو شيء ناقص يتمه، أو شيء مستغلق يشرحه، أو شيء طويل يختصره دون أن يخل بشيء من معانيه، أو شيء متفرق يجمعه، أو شيء مختلط يرتبه، أو شيء أخطأ فيه مؤلفه يصلحه.
كم هو رائع كلام ابن حزم هذا؛ فهو يحدد المؤلفات التي لا يؤلف عاقل عالم إلا فيها، وكأنه يشير إلى طائفة (من غير العقلاء أو العلماء!!) استهوت التأليف والكتابة لمجرد التأليف والكتابة وحب الظهور وثناء الناس في أمر لم يقم به هو.
وابن حزم من العلماء الذين كتبوا فأبدعوا، وبحسبك من كتابه الفقهي الشهير المحلى، أو كتابه ذائع الصيت طوق الحمامة، وغيرهما من كتب أصبحت عمدة ومرجعاً لكل باحث في الدراسات الإنسانية.
ولو قُدِّر لهذا العالم الأندلسي أن يشاهد الكثير من الكتب التي خرجت في وقتنا هذا، فكثير منها (ولا أقول كلها)، فتجد أنها كتب قائمة على النقل وحشو الكلام دون تحقيق أو تدقيق. وكم من مرة تتشوق أنفسنا لرؤية كتاب أعلنت الصحف وغيرها عن قرب صدوره، وبعد الصدور تجد أن هذا الكتاب لا يستحق قيمة الورق الذي طُبع عليه.
ولعل هذا المشهد المؤسف من تهجم مَن لا يحسن التأليف على الكتابة والتأليف جعل المؤلفين المقتدرين والكتاب المبدعين يبتعدون عن ساحة التأليف؛ حزناً على ما أصاب الكتاب العربي من أوضاع متردية جعلته لا يسترعي انتباه الآخر.
لكن ما تقدم من كلام نفيس لابن حزم لا يعني تشاؤمية، بل هناك العديد من الكتب والكتَّاب يستحقون الاحترام والتقدير، لكنهم ضاعوا في معمعة الكتب المتواضعة والركيكة.
موادكم وصلت
الأستاذ عبدالله الحقيل والأستاذ خالد النزر.. موادكم الكتابية وصلت، وهي في طريقها للنشر بإذن الله.
للتواصل
|