Tuesday 23rd March,200411499العددالثلاثاء 2 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

فنان العرب أوصل الرسالة - كعادته - كما ينبغي: فنان العرب أوصل الرسالة - كعادته - كما ينبغي:
عبدالرحمن بن مساعد يدخلنا دوامة الأسئلة والذهول عبر (مذهلة)

  * كتب - إبراهيم المعطش:
مدخل..
(مذهلة) اسم جميل ومطلع أجمل لأغنية تغلغلت بكلماتها.. ولحنها.. وأدائها إلى القلوب هي وبصراحة لم تعجبني في البداية.. ولكن حين تستمع لها مرة.. وثانية.. وعاشرة.. وتتعمق في كلماتها أكثر وتتشرب اللحن والصوت.. بالتأكيد ستصبح (مذهلة).. وتثير فضولك كي تحبها.. وهذا ما أراده الشاعر.
الآن أقول:
الأمير عبدالرحمن بن مساعد هو الشاعر الوحيد في الساحة الذي يجبرك على ان تفكر في كلماته (لتفك) رموزها وتفسر كل كلمة وتربطها بالأخرى..
إذاً فهو شاعر لا يحب الروتين ولا المعتاد.. إنه شاعر مجنون بالإبداع سخر مفرداته ليتلاعب بخلايا الأذهان حتى تتحرك قليلأً ويجعلك تحفظ قصيدته رغماً عنك.. وربما أعجبه كلما كبرت علامات الاستفهام حول رأسك وازددت فضولاً.
(شاعر الفقراء).. أو شاعر المجتمع.. أو شاعر البسطاء أو شاعر المتناقضات عبدالرحمن بن مساعد أهدى لنا مذهلة مغلفة والأسئلة بصوت فنان العرب محمد عبده الذي أراد بلا شك من خلال صوت الأصالة ان يصل النص لمبتغاه فكان له ما أراد.. وكانت الحيرة تسكننا حول هذه القصيدة المذهلة..
مذهلة..


ما هي بس قصة حسن
رغم ان الحسن فيها بحد ذاته مشكلة..

ومن بداية النص أراد عبدالرحمن بن مساعد ان يدخلنا في الدوامة (مبكراً) ليخبرنا ان هذه المذهلة.. ليست مذهلة في حسنها فقط فالحسن قد يصبح بحد ذاتعه (مشكلة) ولكن..
كل شي فيها طبيعي.. ومو طبيعي أجمل من الأخيلة..


طيبها قسوة جفاها
ضحكها .. هيبة بكاها
روحها.. حدّة ذكاها
تملأك بالأسئلة..

إنها مذهلة متناقضة هكذا أراد الشاعر بان وصفها بانها طبيعية وطبيعتها تتمثل في تفسير طيبتها بانه قسوة جفاها وان ضحكها به هيبة البكاء.. وروحها الجميلة بها حدة ذكاء تملأ العقل بدوامة الأسئلة ليدخل المستمع الدوامة مبكراً.
نعود لفنان العرب الذي بدأ الدوامة هو الآخر بموال فَرَدَ له كلمة (مذهلة) بصوت عالي وكأنه يستنجد بنا للتفسير معه هو الآخر.. أو كأنه يبحث عنها مستنجداً بنا.. ثم يبدأ في طرح المعاناة بشيء من الهدوء.. والتناسق في الوصف شيئاً .. فشيئاً.
حتى تدخل الموسيقى ويبدأ الغناء.. طيبها قسوة جفاها.. ضحكها هيبة بكاها..
وقبل ان يختم المذهب الأول يكرر (مذهلة).. ليعود (وينهيه) كما بدأه بصوته العالي المستنجد (مذهلة).. وكأن شيئاً لم يكن.
مواصلة الغموض
هنا.. ما زال عبدالرحمن بن مساعد يواصل (الغموض) اللذيذ ليبدأ رحلة جديدة من علامات الاستفهام التي تتكاثر شيئاً فشيئاً مذهلة..


هي حقيقة أو خيال..
هي ممكنة وإلا محال.
هو سهلها صعب المنال
أو صعبها.. تستسهله

هنا.. بدأنا ندخل في منطقة شائكة من الأسئلة التي رماها الشاعر في ملعبنا وحاول فنان العرب ان يرميها هو الآخر وربما اتفق (الاثنين) على ان هذه المذهلة أذهلتهما لتذهلنا جميعاً معهما.
فيتساءل .. هل هذه المذهلة حقيقة أم من ضرب الخيال وهل الوصول إليها ممكن أم من المحال وان سهولتها وبساطتها صعبة المنال.. أم أنك تعتقد ان صعبها سهل لحظة..
أراد الشاعر ان يعبّر في الشطر الأخير عن شيء (بتساؤل) هو ان من يعرف هذه (المذهلة) بان كل سهل فيها صعب الوصول إليها عبره.. وهي بذلك ليست سهلة بل أنها صعبة.. صعبة.. صعبة !!
ليعود مختتماً.. (مذهلة.. تملأ بالأسئلة)
وأضيف.. والخيرة.. أيضا..
ليعود متسائلاً باستسلام ومسلماً بالأمر الواقع:


ليه كل معجز مر هذا الكون فيها له صلة
ليه كل شيء فيها تظن أنك تعرفه تجهله
ليه كل لا معقول فيها.. ورغم هذا تجهله

مذهلة.. مذهلة..
هنا ازدادت الأمور تعقيداً وتشابكاً فالشاعر يتساءل ان كل ما هو معجز في هذا الكون الفسيح له علاقة بهذه (المذهلة) التي ألهبت مشاعره ومؤكدة عجزنا فهمها بأننا كلما اقتربنا من فهمها فاننا نجهلها وان كل لا معقول فيها نجهله أيضا.
حتى فنان العرب وهو يؤدي هذا (الكوبليه) يبدأ بشيء من الأمل في لحنه حتى يصل للتساؤل الأهم بشيء من الاستسلام الذي أقحمه فيه الشاعر وأقحمنا معه..
الشاعر يخاطب مذهلة
حين علم الشاعر ان لا فائدة من مخاطبتنا استجمع قواه وتصدى لها على الرغم من كل ما سبق وصرخ عالياً:


يا بدايات المحبة.. يا نهايات الوله
هالحسن سبحان ربه.. ظالم وما أعدله
أعذب من الأمنيات..
عالم من الأغنيات..

يا أجمل الشعر البديع.. من آخره لين أوله..
هذه المذهلة.. هي بدايات الحب منذ الأزل هي آخر مراحل العشق والهيام.. حسنها يجمع الظلم والعدل ويمزج بينهما.. ولأول مرة أعلم ان الأمنيات (عذبة) وهذه المذهلة الظالمة عالم فسيح وواسع من الأغنيات العذبة المرتبطة بالأماني انها أجمل ما قاله الشعراء من أولهم وحتى آخرهم في رسالة واضحة ان أجمل ما كتب وسيكتب على مر العصور كان (فيها).. وسيكون.
من هنا عاد الأمل.. وسمعناه واضحاً في صوت فنان العرب الذي ملأ الدنيا عذوبة..
كان أبو عبدالرحمن هنا فنانا عاشقا يملأه الأمل بعد رحلة من العناء.. والتساؤلات التي أقحمه فيها الشاعر عن (قصد)..
اكمل:


ليه عمري ما لقى بعوده دفا إلاّ دفاك
وليه انا عيني تشوف.. وما تشوف إلاّ بهاك

نيابة عن نفسه يتساءل الشاعر ويسألها وحدها في صقيع العمر لم يجد دفئاً سوى دفئها.
ورغم كل ما تراه عيناه لا يرى سواها وسوى بهائها وجمالها الذي غرق في بحوره المتلاطمة الأمواج.. والأسئلة.


يا أجمل من الأخيلة..
هذا جواب الأسئلة..
كي تكوني في عيوني..
ومن حنيني.. وبس فيني
ومو بدوني مذهلة.
مذهلة.. مذهلة..

هنا مربط الفرس وهنا أصبح الشاعر أكثر (أنانية) من قبل..
يناديها بأنها أجمل من الأخيلة.. ذاك ما سبق إجابة على كل الأسئلة التي سكنت رأسه وأسكنها رؤوسنا حتى تصبح في عينيه وحده ومن حنينه تخرج.. فقط له وبه.. ومنه.. ومذهلة به وحده دون سواه..
خاتمة..
عبدالرحمن بن مساعد يتلذذ بالأسئلة الغارقة في الإبهام يعشق المتناقضات..


يسبح في بحر الشعر بعيداً..
حتى وإن غرقنا معه..

فإنه يرفض تعليمنا السباحة.. حتى لو وصل معه القليل فإن هذا يكفيه..
ولكن حدث ما لم يحسبه الشاعر..
فالجميع وصلوا معه.. وتعلموا السباحة جيداً.. وكان له ما أراد.. فالأسئلة أجاب عليها.. والجماهير تعمقت في المعاني..
و(مذهلة) أصبحت تعانق كل محبي الشاعر والفنان وأصبحنا نغني جميعاً..
مذهلة.. مذهلة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved