Tuesday 23rd March,200411499العددالثلاثاء 2 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

11-6-1391هـ - الموافق 3-8-1971م - العدد 354 11-6-1391هـ - الموافق 3-8-1971م - العدد 354
من الأعلام
العلامة عباس العزاوي

عباس العزاوي علم من أعلام الأدب العربي الحديث طواه الموت قبل أيام بعد حياة امتدت الى التسعين كانت حافلة بالجهاد والعمل المتواصل في سبيل خدمة الفكر والأدب العربي، وقد كان العزاوي حتى وهو على فراش الموت يناقش زائريه في قضايا أدبية وتاريخية مشيراً الى المصادر التي من الممكن الرجوع اليها للتوسع في تلك القضايا.
وقد ظل يكتب ويبحث حتى آخر أيامه، ومن اخر ما نشر له دراسة قيمة عن (الخط العربي في إيران) احتلت الصفحات من 177-217 من مجلة سومر العراقية (المجلد 25، سنة 1969م) هذا الى جانب دراسات أخرى أعدها وأعلن عنها ولكن حال الموت دون ظهورها.
ومن يقرأ العزاوي يجد نفسه أمام باحث منقب لا تفوته شاردة ولا واردة يعتمد في أبحاثه على مصادر قل من سمع بها او عرف عنها أي شيء، وقد امتاز - رحمه الله - بالعنف في نقده، وقد سبب له عنفه هذا عداء مجموعة كبيرة من الأدباء حاولت النيل من مكانته الأدبية، ومن صفاته الصراحة في إبداء الرأي، لا يداهن ولا يجامل فعندما طلب منه ان يكتب دراسة عن ابن عربي لنشرها ضمن كتاب (الكتاب التذكاري محيي الدين بن عربي في الذكرى المئوية الثامنة لميلاده) قال رأيه الصريح في الرجل فهاجمه رغم ان الكتاب صدر لتكريم ابن عربي واحياء ذكراه، فمما قاله (حاول ابن عربي بث دعوته، وسمم أفكار الناس بما زوقه من قول، وقام بما زاغ به عن الاسلام فأدى ذلك الى نتائج خرجت بالناس عن الإسلام وجاء على نهجه ابن سبعين وصدر الدين القنوي.. (محيي الدين ابن عربي في الذكرى المئوية الثامنة لميلاده ص 148) وختم العزاوي مقاله عن ابن عربي بقوله: (ولما كان اتباع هذا الرجل قد تكاثروا فلا نهمل اقواله بلا جواب لئلا يظن فيها انها اسلامية فتنال مكانة في النفوس فالمسلون لا يتحملون ان تثبت عقائد زائفة تعلن بين المسلمين فنحن لا نصبر على هؤلاء ولا نقبل ان يذيعوا ما عندهم، بل من حقنا ان نجيب على أقوالهم اوالحرية مهما كانت واسعة المدى فلا تقبل ما يشوش العقيدة، ويفسد عليها أمرها، فالجواب ضروري، كما ان الدليل اذا طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال وتنظيم البحوث في النقد ضروري) (محيي الدين ابن عربي في ذكراه ص 149) وهذا الرأي الصريح الذي قاله العزاوي في ابن عربي استمده من عقيدته السلفية التي كان يتبعها ويناصرها.
وقد ألف العزاوي مجموعة كبيرة من الكتب أغلبها ذات صلة بوطنه العراق لكنه كثيرا ما يشير ويتحدث عن نجد والاحساء عندما يعرض لموضوع يتصل بهما.
ومن مؤلفات العزاوي:
1- تاريخ العراق بين احتلالين، يعد هذا الكتاب من أهم المراجع المتصلة بتاريخ العراق في العصور المتأخرة، وقد حشد فيه معلومات ضخمة استمدها من كتب ووثائق نادرة ويقع هذا الكتاب في ثمانية مجلدات.
2- عشائر العراق: يبحث في قبائل العراق العربية وانسابها ومواطن هذه القبائل ومنازلها ويقع في اربعة مجلدات.
3- تاريخ الأدب العربي في العراق، يقع في مجلدين، وقد عرض فيه للحياة الأدبية في العراق منذ سقوط بغداد سنة 656 هجرية الى سنة 1335 هجرية، وقد ترجم فيه لعدد كبير من أدباء وعلماء تلك الفترة، مورداً نماذج من انتاجهم، ذاكراً مؤلفات كل منهم، وقد جمع العزاوي في كتابه هذا معلومات لم تتوفر لغيره.
4- تاريخ علم الفلك في العراق وعلاقاته بالاقطار الإسلامية والعربية في العهود التالية لأيام العباسيين، وقد حصر في كتابه هذا اسماء مجموعة كبيرة من الفلكيين المسلمين مع ذكر ما ألفه كل منهم في مجال علم الفلك وفي الكتاب تراجم لفلكيين من الجزيرة العربية فمن نجد والحجاز ترجم لمجموعة من الفلكيين منهم الترمذي المتوفى سنة 885 هجرية، وأحمد بن ماجد، وجمال الدين المكي، وعبدالرحمن مرشد الدين العمري، وابن عفالق المتوفى سنة 1164 هجرية، وابن سلوم، وغيرهم، والواقع ان الكتاب يعد مرجعا مهماً لتاريخ علم الفلك في المملكة العربية السعودية ايضا الى جانب كونه مرجعا مهماً لعلم الفلك في العراق وبعض الاقطار العربية والإسلامية الأخرى، ولأهمية هذا الكتاب فقد نشره المجمع العلمي السوري بدمشق سنة 1955 ميلادية، ونشره المجمع العلمي العراقي في بغداد سنة 1959 ميلادية.
5- التعريف بالمؤرخين صدر منه الجزء الول وهو عن المؤرخين في عهد المغول والتركمان (601-941) وهو كما جاء على غلافه يتضمن أشهر المؤرخين وتواريخهم المعروفة وأثرها وقيمتها العلمية.
6- الموسيقى العربية في عهد المغول والتركمان، دراسة في الموسيقى العربية وما حدث فيها من تطورات في العراق وذكر العلماء والمؤلفات، وقد ألحق به ثلاث رسائل هي:
1- الملاهي للمفضل بن سلمة.
2- اللهو والملاهي لابن خرداذية.
3- ارجوزة الانغام للبدر اربلي.
7- الكاكائية في التاريخ، دراسة في تاريخ هذه الفرقة وعقائدها.
8- تاريخ اليزيدية وأصل معتقداتهم.
9- كتاب النخل في العراق.
10- تاريخ الضرائب العراقية من صدر الإسلام الى آخر العهد العثماني، يشمل كما جاء على غلافه: ضرائب الأموال التجارية وضرائب المنتوجات المحلية ويعد صفحة كاشفة من مالية العراق لمختلف العصور.
11- تاريخ النقود العراقية لما بعد العهود العباسية من سنة 656 الى سنة 1335 هجرية.
12- ذكرى أبي الثناء الألوسي.
الى جانب المؤلفات حقق المرحوم العزاوي مجموعة من الكتب القديمة من بينها:
1- منتخب المختار، او تاريخ علماء بغداد تأليف أبي المعالي محمد بن رافع السلامي.
2- النبراس في خلفاء بني العباس لابن دحية الكبي.
كما قام بترجمة بعض الكتب عن الفارسية والتركية منها:
1- يعقوب بن اسحاق الكندي، وقد ترجمه عن التركية.
2- رحلة المنشى البغدادي وقد ترجمه عن الفارسية.
والى جانب هذه المؤلفات الموسوعية نشر العزاوي رحمه الله عشرات المقالات في الصحف العراقية والعربية وهي أيضاً مثل كتبه تتصل بتاريخ العراق وأدبه ونواحيه الاجتماعية والثقافية.
وقد أُخِذ عليه - رحمه الله - عدم التركيز في أبحاثه وضعف الأسلوب، ولكن الناقد المنصف يجد أن طبيعة الأبحاث التي طرقها العزاوي كانت تتطلب الاستطراد أحياناً وعدم التنميق في أسلوب كتابتها، ورغم كل ما يقال فإن العزواي من الرجال الذين أخلصوا للبحث وأفنوا حياتهم في خدمة الفكر والأدب والتاريخ العربي.
وإذا ما تركنا العزاوي الأديب والكاتب جانبا وبحثنا عن العزاوي الإنسان لوجدناه رجلاً يوحي لك مظهره بالصلابة والقوة وتستشف وأنت أمامه انك بين يدي رجل غزير المعرفة، لطيف المعشر، حاضر البديهة، لا يخلو حديثه من دعابة أو طرافة.
لنترحم على هذا الرجل الجليل ولندعو الله ان يشمله بعفوه ومغفرته فقد كان مخلصاً للمهام التي نذر نفسه لها.

بقلم: الأستاذ يحيى جنيد الرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved