اختبار للعرب

قال العرب والمسلمون كلمتهم في الجريمة البشعة التي ارتكبتها إسرائيل باغتيال الشيخ المجاهد أحمد ياسين, ولأن الحدث جلل والأمر عظيم والاستهداف ينفذ إلى العمق. فإن التوقعات ترقى إلى رد فعل يوازي الفعل, على الرغم من تفاوت الإمكانيات لدى الجانبين. لقد شملت ردود الفعل الغاضبة حتى العالم الغربي, ورأينا هناك تصريحات متناثرة تستنكر هذا العمل الجبان، ومع ذلك فقد ابتعدت العواصم الكبرى, حليف إسرائيل, عن ادانة حكومة شارون بل رأيناها وهي تبرر العمل الجبان باطلاق تصريحات تندد بالشيخ ياسين وبحركة حماس.
هذا الموقف شكل صدمة للعالم العربي والإسلامي, ففي غمرة الحزن والغضب كان يكفي هذه الشعوب ما هي عليه بدلاً من سماع تبرير للجريمة وتنديد بالقتيل وبحركته في تكرار ممجوج لادعاءات إسرائيل. لقد جاءت الجريمة لتشكل نقطة فارقة في تطور القضية الفلسطينية, وفي ظروف دولية وإقليمية تؤكد هيمنة المعسكر الأمريكي وإسباغ المزيد من الرعاية على إسرائيل ما يطلق يديها لارتكاب المزيد من الحماقات. ومن الواضح ان شارون يدفع الأوضاع إلى حافة الهاوية ليرى كيف يتصرف الطرف الآخر, ومن المؤكد انه يهيىء لجريمة أخرى ربما أكثر بشاعة, وربما مذبحة كبرى من ذلك النوع الذي اعتاد على ارتكابه, وليست مذبحة صبرا وشاتيلا ببعيدة عن الأذهان.
وهكذا فإن شارون يضع الفلسطينيين والعرب عامة أمام اختبار جديد, وقد كان رد الفعل الأول على اغتيال الشيخ ياسين قوياً. غير أن المهم هو: ماذا بعد التنديد والاستنكار؟. والسؤال ليس ماذا ستفعل إسرائيل أو ماذا يريد شارون لكن ماذا سيفعل العرب إزاء هذا التحدي؟
بالنسبة لشارون فهو يستطيع في كل مرة أن ينجو بجريمته, فليست هناك عقوبات تطال إسرائيل, ولا ضغط دولي يجبرها على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية أو يجعلها تكف أيديها عن قتل وقمع أهل فلسطين.
ومن الواضح أن شارون يسعى أو يتصور أنه يستطيع توجيه ضربة أخيرة وحاسمة. ومن المهم أن يتم تذكيره بأنه ليس صاحب القرار أو صاحب المبادأة. فيما يتصل بفلسطين. إن فعلاً قوياً وحاسماً من قبل الفلسطينيين, المسنودين بجبهة عربية فاعلة, سيكون الرد المناسب على شارون وسيعيد مفاتيح الحل إلى من يستحقونها وهم أصحاب الأرض.
إن التعاطف الدولي النسبي الحالي ينبغي استثماره لتعزيز العمل العربي والفلسطيني الذي يتعين أن يكون حاسماً وفاعلاً ومقنعاً بحيث يستطيع ان يلجم الانفلات القمعي الإسرائيلي, وأن يشكل خطوة في استراتيجية التحرير والانعتاق من حالة السكون إلى مرحلة تستطيع أن تكون منطلقاً لصحوة كاملة شاملة تستنهض كل القوى العربية لإفشال المؤامرات ضدهم.