Thursday 25th March,200411501العددالخميس 4 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بشأن فرض رسوم على الطرق بشأن فرض رسوم على الطرق
عفواً معالي الوزير تبريراتك غير كافية!!

إن فرضية التطور والنماء والازدهار هي فرضية شمولية يشترك فيها المسؤول والمواطن وفق ما يكفل تحقيق الهدف المنشود بطريقة تحفظ حقوقهما التي تنبثق من خلال التحولات الإدارية والمعيشية للفرد والمجتمع.
ما سبق وددته مدخلاً مناسباً للتعليق حول تبني وزارة النقل لمشروع فرض رسوم مالية لمستخدمي الطرق السريعة في المملكة العربية السعودية، مواطنين كانوا أم غير مواطنين. ودون انفعال أو استباق لتطورات قادمة ينبغي علينا كأفراد قاطنين بهذا المجتمع الطيب أن نناقش مثل هذه المواضيع برويَّة وهدوء، وأن نعطي الفرصة تلو الفرصة للطرف المتبني لهذا المشروع للدفاع عن حقه الإداري - إن صحت التسمية- في رسم استراتيجية مالية تخدم مخططاته المستقبلية، ذوتساعده على بلورة مشاريعه وفق ما يخدم الصالح العام.وحيث إن وزير النقل جبارة الصريصري قد حل ضيفاً عزيزاً على مجلس الشورى لمناقشة هذا المشروع، فقد كانت جلسة المناقشة تحت قبة المجلس فرصة لي ولغيري من المواطنين للتقرب من دهاليز هذا المشروع ومعرفة حيثياته وأبرز جوانبه ومدى قناعة الآخرين بجدوى تطبيقه. وبغض النظر عن المنظر العام للمناقشة؛ حيث أبرز السلبيات من قِبَل أعضاء مجلس الشورى للمشروع والدفاع المستميت من قبل وزير النقل الذي استعان أيضاً بوكيل وزارة النقل للتخطيط والمتابعة الدكتور التويجري، بغض النظر عن ذلك ينبغي أن ندرك أن هناك علاقة وثيقة بين الوطن والمواطن تستوجب نزع القناعات في مراحل لا تحتاج لقناعات معينة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة: هل كانت مبررات وزير النقل لتبني هذا المشروع، والتي أعلنها عبر مجلس الشورى ونقلها التلفزيون السعودي، كافية وشافية ليدفن المواطن قناعاته في سبيل وطنه وفق دارسات وأبحاث تؤكد الجدوى من هذا المشروع؟!
من وجهة نظر شخصية أقول: إن وزير النقل أعطى مبررات غير كافية وغير مقنعة إطلاقاً، سواء لأعضاء مجلس الشورى أو للمواطنين الذين تسمروا خلف الشاشة؛ انتظاراً لما سيسفر عنه هذا النقاش.. ولعلي أوجز أهم النقاط التي ذكرها وزير النقل في معرض دفاعه عن مشروع فرض الرسوم مع الرد عليها من خلال الواقع العام الذي نعيشه حالياً.
ذكر وزير النقل أن في فرض الرسوم خدمة للمواطن!! بل قال: (يمكن أن أتجرأ وأقول: إن فرض الرسوم فيه خدمة للمواطن). وعلل ذلك بأن الأموال المُحصَّلة من المواطنين ستذهب لإنشاء طرق أخرى لمناطق وقرى تحتاج إلى طرق!!. وحقيقة أستغرب من وزير النقل أن يقول مثل هذا الكلام؛ لأن خدمة المواطن تكون بالعطاء لا بالأخذ، ومسؤولية الطرق وخدماتها تقع على كاهل الوزارة التي يجب أن تنظم أولوياتها بعيداً عن جيب المواطن.
ويبدو أن الوزير غض النظر عن الدراسات الاجتماعية في المملكة، وهذا ما يؤكد انعدام التنسيق بين الوزارات في المملكة، وإلا كيف تتبنى وزارة النقل مثل هذا المشروع الذي يمس المواطن دون الرجوع إلى سجلات وزارة الشؤون الاجتماعية أو دون أن تلقي نظرة واحدة على طوابير الانتظار من لدن شبابنا الخريجين!!؟!!
في تعليق آخر، ذكر الوزير أن رسوم الطرق السريعة ستسهل عملية صيانة بعض الطرق، والتي تكلف الكثير على حد تعبيره.. وهذا ما يتنافى مع ما ذكره في الفقرة رقم واحد، إلا إن كان معالي الوزير يرى أن جيوب المواطنين المساكين ستكون على هرم ميزانية وزارته!!! أو أن هذا المشروع وضع وفق مبررات عديدة، وعلى قولتهم: (يا تصيب يا تخيب). وهذا ما يفسد التناقض بين أهداف المشروع الأساسية؛ لأنه من المستحيل أن تتسوفي الرسوم كلا الهدفين السابقين!.
قال الوزير في معرض إجابته عن ظروف المواطنين المالية الصعبة وعدم قدرتهم على تحمل الرسوم، قال: إن ذوي الظروف المالية الصعبة لا يستخدمون الطرق السريعة!! وللأسف لم يظهر لنا معالي الوزير أي دراسة ميدانية أو أخرى تظهر وبجلاء واضح صحة هذا التعبير!.
أوضح الوزير أن هناك بدائل لمَن يستخدمون الطرق السريعة بشكل مستمر. وللأسف لم يكشف الوزير هذه البدائل خلال تعليقه!!.
ذكر الوزير أن فرض الرسوم على الطرق السريعة هو إجراء عالمي، كاشفاً أن ذلك لا يتعارض مع واقع المملكة، ولذلك تم تبنِّيه من الخارج. وهنا أود أن أفتح الباب على مصراعيه لطرح عدة استفهامات أود أن تجد أجوبة شافية وكافية من لدن المسؤولين في وزارة النقل:
أ - إذا كنا نقلد الدول العالمية في مثل تلك الأطروحات التي تمس المواطن، فلماذا لا نقلدهم في جودة الطرق ومتانتها، خاصة وأن بعض الطرق لدينا تعمر لعشرات السنوات، وبعضها ومن أول سنة تحتاج إلى صيانة أو تغيير؟!
ب- هل ترى وزارة النقل أن تكاليف إنشاء بعض الطرق تنسجم مع تكاليف الإنشاءات في الدول الأخرى للكيلومتر الواحد، مع الأخذ بالاعتبار أن جميع المواد الأساسية موجودة لدينا؟!
ج- الدول الأخرى هي في طبيعتها الجغرافية تحتاج للكثير من الجسور والأنفاق، أما لدينا فالطرق السريعة صحراوية ومن السهل إنشاء الطرق فيها، فلماذا لم تراعِ وزارة النقل هذا الاختلاف؟!
قال الوزير: إن خطة التنمية السابقة تسعى لإشراك القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية ومشاريع الخدمات العامة. وبودي أن أسأل معالي الوزير عن مقدار عدد السعوديين العاملين في الشركات الخاصة التي يحالفها الحظ ويرسو عليها أحد مشاريع وزارة النقل؟!
أعتقد أن الجواب معروف، ولننظر إلى خريجي الهندسة وأقسام المساحة وهم يحملون ملفاتهم بدون أي بارقة أمل تحل معضلتهم في البحث عن وظيفة!!
تساءل وزير النقل قائلاً: هل بالإمكان الانتظار عشرات السنين لتحقيق التنمية في مشاريع الوزارة؟!
ويقصد بذلك أن فرض الرسوم سيقلل المدة ويعجل بإنشاء المشاريع. وبودي أن أسال معالي الوزير أيضاً: هل بالإمكان أن تجد بديلاً غير الأخذ من جيوب الضعفاء من المواطنين؟! أم أن مستشاري الوزارة لم تسعفهم الخبرة في إيجاد بدائل أخرى؟!
يقول الوزير: إن الطرق التي ليس لها بدائل لن يُفرض عليها رسوم!. وللمعلومية، إن 90% من الطرق السريعة في المملكة ليس لها بدائل!!.بمعنى أن الرسوم مفروضة جبرياً على المواطن المسكين!!
معالي الوزير.. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نلغي دوركم الجبار ووطنيتكم الأصيلة لمجرد اختلافنا معك كمواطنين يسعون إلى خدمة وطنهم بالغالي والنفيس، إلا أن الواقع يفرض علينا إبداء وجهة نظرنا حول فرض الرسوم على الطرق السريعة.
معالي الوزير.. آمل أن تتقبل رأيي بصدر رحب، متمنياً لك ولزملائك في وزارة النقل مزيداً من التوفيق لهذا الوطن العظيم، ويعلم الله أنني كتبتُ هذا التعقيب لإحساسي الداخلي قبل الدخول في تفاصيل المشروع وتفنيده أن ذلك من شأنه أن يجعل المواطن مُحْبَطاً وهو يرى أنه يسدد للكهرباء والاتصالات والمياه والرخصة والاستمارة والجواز والمطارات وغيرها.وهوذو الدخل المحدود

سلطان براهيم المهوس


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved