Sunday 28th March,200411504العددالأحد 7 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الاستيراد الاستهلاكي نزيف اقتصادي خاسر الاستيراد الاستهلاكي نزيف اقتصادي خاسر
د. محمد بن علي آل خريف

لقد نجح بعض تجارنا ورجال أعمالنا ببراعة متناهية في جعل بلادنا مرتعاً خصبا لكل سلعة رديئة ومغشوشة ، ابتداء من الدواء والغذاء ومرورا بسيل جارف من الكماليات الهائلة خاصة ما يتعلق بالمرأة والطفل، كمستلزمات التجميل والاكسسوارات والالعاب وغيرها مما لا يمكن حصره مما تعج به أسواقنا في تسابق محموم نحو الكسب السريع في ظل استغلال قاس لوباء اجتماعي مفرط نحو الترف الشرائي العبثي دون ادنى تفكير واع في جدوى هذا السلوك وضرورته في تحقيق رفاهية حقيقية.. إنه ليطول بنا العجب من هذه الفوضى التجارية في استيراد ما هب ودب دون أدنى ضابط يحمي اقتصادنا من هذا الاستنزاف الخطير، ينبغي أن يستشعر الجميع خطورة هذا الوضع وما يمثله هذا التوسع الاستهلاكي العبثي من مآلات لا تحمد عقباها.
لابد أن نسارع بجد لحماية مجتمعنا من الانغماس في هذه السلوكيات المرضية التي ستكون مآلاتها ولابد خسارة اقتصادية واجتماعية مؤكدة ، ينبغي أن يكون للجهات الرسمية المختصة يد فاعلة في معالجة هذه الظاهرة وألا نترك الوضع بدعوى حرية التجارة لأن ذلك يتنافى مع أبسط السياسات التجارية الرشيدة فمهما كانت حرية التجارة واسعة ومرنة فهي ليست حرية مطلقة وإلا تحولت إلى مافيا تجارية إن صح التعبير, خاصة ونحن في زمن تهب فيه رياح العولمة على كل الأرض مما يحتم علينا الاستعداد المبكر والواعي لمواجهة هذا الواقع الجديد والتعاطي معه بكل مهارة واقتدار.
لابد من دراسة هذه المشكلة دراسة مركزة تتناول جميع جوانبها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية ، ومن ثم الإجتهاد بصدق في إيجاد الحلول والمعالجات المناسبة لها بعيدا عن تأثير المصالح الشخصية الضيقة التي ينبغي ألا تطغى على مصلحة الوطن مهما كان حجم الإغراء وإلا قل على الأمة السلام.
لا أبالغ إن قلت إننا أصبحنا حالة فريدة في نمط الاستهلاك الترفي العشوائي حتى أن صروح المصانع الصينية والتايوانية والكورية وغيرها ادركت هذا المرض المتفشي في مجتمعاتنا فسخرت تجارنا لاستغلالنا دون هوادة، فصارت تتنافس بشكل متسارع لابتكار وتصنيع أي سلع ترفيهية وكمالية تخطر على البال، هذه السلع التي في الغالب لا تتوفر فيها ادنى مواصفات الجودة سوى جاذبية الشكل الخارجي إمعاناً في الخداع ثم تشحنها لنا ليتم بثها في ربوع بلادنا فتتلقفها أيدي عابثة لا يتعدى تفكيرها نهم الرغبة الجامحة في الشراء ليس إلا.
وطالما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع الخطير فإننا نطلق صيحة مدوية لعلها تسمع من به صمم ، فحواها أنه قد آن الأوان لأن تتدخل السلطات المختصة لإيقاف هذا العبث في الاستيراد والشراء وفق خطة شاملة تعالج هذه الظاهرة ليس على المستوى الداخلي فحسب بل وعلى المستوى الإستيرادي الخارجي كونه المحور الرئيس للمشكلة، فإذا استطعنا التحكم في قنوات الاستيراد وضبطها كان بوسعنا ترشيد السلوك الاستهلاكي لدى المواطن عن طريق التوعية الإعلامية المستمرة ، ينبغي لخبرائنا الاقتصاديون أن يتصدوا لرصد ومتابعة هذه المشكلة وإيضاح أخطارها الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة ومن ثم الوصول إلى معالجات فعالة تقي اقتصادنا من هذا الاستنزاف المتواصل الذي ينذر بتدهور قد يصعب تدارك آثاره، إن دوري في هذه المقالة يقتصر على التذكير والتحذير من مغبة ترك هذا الوضع على حاله وإلا فإن استعراض المشكلة وتوصيف حجمها واقتراح المعالجة الواقعية لها يحتاج لجمع كافة المعلومات الضرورية لأي باحث حتى يكون لديه تصور واضح يمكنه من التحليل والدراسة، إلا أن المشكلة من الوضوح والانتشار بقدر لا يمكن لأي شخص يهمه حماية وطنه من كل ضرر يهدد بنيانه أن يكون بوسعه تجاهل ذلك أو السكوت عنه ولو بالإشارة إذا عز البيان المفصل.. والله الموفق.

ص ب 31886 الرياض 11418
فكس 4272675


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved