Sunday 28th March,200411504العددالأحد 7 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

محاولة للغوص في فكر مؤسس مدرسة المؤرخين الجدد «2-2» محاولة للغوص في فكر مؤسس مدرسة المؤرخين الجدد «2-2»
بني موريس:المشكلة تكمن في الإسلام.. فهو لا يعطي لحياة الإنسان أي قيمة!!
العرب سيقبلون بوجودنا حين يدركون أنهم غير قادرين على هزيمتنا!
الشعب الفلسطيني كالحيوان المفترس.. ويجب وضعهم في قفص لكي تأمن شرهم!

  في الجزء الأول من هذا العرض سلطنا الضوء على (بني موريس) المؤرخ الإسرائيلي الذي يتم تسويقه على أنه أحد نماذج (التيارات المعتدلة) داخل إسرائيل, وكشفنا من خلال آرائه التي أدلى بها كيف أنه يستند إلى قاعدة فكرية تبرر الطرد والقتل وجرائم الحرب, مع رش الضباب الكثيف حول هذه الرؤى بما يجعل النظر إليها مشوشاً ليمكن تمرير الجرائم والعنجهية والتطهير العرقي حينما يتم ممارستها من دولة إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الجزء الثاني والأخير يواصل (بني موريس) حديثه مع محرر (ها آرتس) الذي يكشف عن عقلية المثقفين داخل الكيان الإسرائيلي يساراً ويميناً, والذي نشرته مترجماً وكاملاً مجلة (مختارات إسرائيلية) التي تصدر عن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام في عددها رقم 110 بتاريخ فبراير 2004م.
* أنت لست متشدداً فقط وإنما متشائم جداً أيضاً. لم تكن دوماً على هذا الحال..؟
- (نقطة التحول عندي جاءت بعد عام ألفين. كما أنني لم أكن قبل ذلك متفائلاً جداً. والواقع أنني دوماً كنت أصوت للعمل أو ميرتس أو شلي وفي عام 88 رفضت الخدمة في المناطق وأودعت السجن، ولكن على الدوام كانت عندي شكوك في نوايا الفلسطينيين. وحولت أحداث كامب ديفيد وما جاء في أعقابها هذا الشك إلى يقين. وعندما رفض الفلسطينيون اقتراح باراك في يوليو عام 2000 واقتراح كلينتون في ديسمبر عام 2000 أدركت أنهم غير مستعدين للقبول بحل الدولتين. إنهم يريدون كل شيء اللد وعكا ويافا).
* إن كان الأمر كذلك فإن كل عملية أوسلو كانت خاطئة وثمة فشل أساسي في كل فلسفة حركة السلام الإسرائيلية..؟
- (كان يجب تجربة أوسلو. ولكن ينبغي أن يكون واضحاً اليوم أنه من وجهة نظر فلسطينية كانت أوسلو خديعة، عرفات لم يتغير للأسوأ، عرفات ببساطة خدعنا. وهو لم يكن أبداً على استعداد لتسوية ومصالحة).
* هل يريد عرفات إلقاءنا في البحر..؟
-(إنه يريد إعادتنا إلى أوروبا إلى البحر الذي جئنا منه. وهو حقاً يعتبرنا دولة صليبية ويفكر في السابقة الصليبية، ويخطط لنا نهاية صليبية. ولي ثقة أن لدى الاستخبارات الإسرائيلية معلومات جازمة تثبت أن عرفات في أحاديثه الداخلية يتحدث بجدية عن خطة المراحل. ولكن المشكلة ليست عرفات وحسب. فكل النخبة الوطنية الفلسطينية تميل للنظر إلينا كصليبيين وتتحرك وفق خطة المراحل. لذلك فإن الفلسطينيين ليسوا على استعداد للتنازل صراحة عن حق العودة. وهم يحتفظون بهذا الحق كأداة يهدمون بواسطتها الدولة اليهودية عندما يحين الوقت. وهم لا يتحملون وجود دولة يهودية ليس على ثمانين في المائة في الأرض ولا حتى على ثلاثين في المائة. وفي نظرهم فإن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على كل أرض إسرائيل).
* إن كان الأمر كذلك فلا أمل في تحقيق الحل المتمثل في دولتين. وحتى إن جرى التوقيع على اتفاق سلام فإنه سينهار خلال وقت قصير..؟
-(من الناحية الأيديولوجية أؤيد الحل المتمثل في دولتين. فهذا هو البديل الوحيد لطرد اليهود أو طرد الفلسطينيين أو الدمار الشامل.ولكن من الناحية العملية في الجيل الحالي فإن هذه التسوية لن تصمد. وعلى الأقل 30-40% من الجمهور الفلسطيني وعلى الأقل 30-40% من قلب كل فلسطيني لن يقبلوا بها. وبعد هدنة قصيرة سيعود الإرهاب وتستأنف الحرب).
لا حل حالياً
* تشخيصك قاسٍ جداً..؟
- (وهو صعب عليّ أيضاً. في الجيل الحالي لن يحل السلام. ولن يكون هناك حل. وقدرنا أن نعيش حالة حرب دائمة. وأنا كبير السن ولكن بالنسبة لأولادي هذا أمر بائس على وجه الخصوص. ولا أعرف إن كانوا سيرغبون في مواصلة العيش في مكان لا أمل فيه. وحتى لو لم تدمر إسرائيل فإن الحياة الكريمة والطبيعية لن تتحقق هنا في العقود المقبلة).
* أقوالك ليست رداً مفرطاً على ثلاث سنوات قاسية ومليئة بالإرهاب..؟
- (إن التفجيرات في الحافلات والمطاعم هزتني فعلاً. لقد دفعتني لفهم عمق الكراهية نحونا. لقد دفعتني لأفهم أن العداء الفلسطيني العربي والإسلامي للوجود اليهودي هنا يقودنا إلى حافة الخراب. ولا أرى في العمليات أفعالاً فردية. إنها تعبر عن الرغبة الدفينة للشعب الفلسطيني. وهذا ما يريده معظم الفلسطينيين. إنهم يريدون أن يحدث لنا جميعاً ما حدث للحافلة).
* ولكن مسؤولية هذا العنف وهذه الكراهية ملقاة أيضاً على عاتقنا. الاحتلال، الحواجز، الحصار، وربما النكبة ذاتها..؟
- (لستَ بحاجة لأن تقول ذلك لي. لقد أجريت أبحاثاً في التاريخ الفلسطيني. وأنا أفهم جيداً أسباب الكراهية. الفلسطينيون اليوم ينتقمون منا ليس فقط بسبب حصار البارحة وإنما كذلك بسبب النكبة. ولكن هذا ليس تفسيراً كافياً. لقد تم قمع شعوب أفريقيا على أيدي القوى العظمى الأوروبية بشكل لا يقل عن قمعنا للفلسطينيين ومع ذلك أنا لا أرى إرهاباً إفريقيا في لندن وباريس وبروكسل. لقد قتل الألمان منا أكثر مما قتلنا نحن من الفلسطينيين ومع ذلك لا نقوم بتفجير الحافلات في ميونيخ ونيرنبرج. وهكذا فالأمر هنا مختلف وهو أعمق ومرتبط بالإسلام والثقافة العربية).
المشكلة في الإسلام!!
* هل تحاول الزعم ان الإرهاب الفلسطيني ينبع من مشكلة ثقافية عميقة..؟
- (هناك مشكلة عميقة في الإسلام. فهو عالم ذو قيم مغايرة. عالم ليست فيه لحياة الإنسان القيمة ذاتها الموجودة في الغرب، حيث ان الحرية والديموقراطية والانفتاح والإبداع أمور غريبة لديه. إنه عالم يحلّ دم كل من لا ينتمي إلى معسكر الإسلام. كما أن مسألة الانتقام هامة هنا. والانتقام يحتل مكانة مركزية في الثقافة القبلية العربية. لذلك ليست للناس الذين يقفون في مواجهتنا وللمجتمع الذي يرسلهم أية روادع أخلاقية. وإذا حصلوا على سلاح كيماوي أو بيولوجي أو نووي فسوف يستخدمونه. وإذا نجحوا في ذلك فإنهم سينفذون أيضاً عملية إبادة جماعية).
* أنا أُصر. إن قسماً كبيراً من المسؤولية عن الكراهية التي يكنها لنا الفلسطينيون ملقى على عاتقنا أيضاً. وأنت نفسك أظهرت لنا أن الفلسطينيين تعرضوا لنكبة تاريخية..؟
- (صحيح. ولكن عندما يأتون للتعامل مع سفاح لا يهم كثيراً البحث عن سبب تحوله إلى سفاح. المهم هو اعتقال القاتل أو إعدامه).
* أوضح لي هذا التشبيه. من هو السفاح هنا..؟
-(البرابرة الذين يريدون قتلنا. الناس الذين يرسلهم المجتمع الفلسطيني لتنفيذ العمليات وبشكل ما أيضاً المجتمع الفلسطيني نفسه. حالياً هذا المجتمع هو بمثابة سفاح. إنه مجتمع مريض جداً من الناحية النفسية ويجب التعامل معه كما يعامل السفاحون الأفراد).
* ما معنى ذلك.. ما العمل صباح الغد..؟
- (يجب محاولة معالجة الفلسطينيين. ومن الجائز أنه مع مر السنين ستساعد إقامة الدولة الفلسطينية في هذا العلاج. ولكن في الوقت الحالي وإلى أن يتم إيجاد العلاج ينبغي احتواؤهم حتى لا يمكّنوا من قتلنا).
لندخلهم في قفص!
* إحاطتهم بسياج.. فرض الحصار عليهم..؟
- (ينبغي أن نقيم لهم شيئاً مثل القفص، أنا أعرف أن هذا يبدو فظيعاً. وهذا فعلاً وحشي. ولكن ليس هناك خيار آخر. هناك حيوان مفترس يجب احتجازه بطريقة أو بأخرى).
محاربة البرابرة
* بني موريس هل تحولت إلى يميني..؟
-(لا لا. ما زلت أحسب نفسي يسارياً. وما زلت أؤيد، من حيث المبدأ، دولتين لشعبين).
* ولكنك لا تؤمن بأن هذا الحل سوف يدوم. إنك لا تؤمن بالسلام..؟
- (حسب تقديري لن يكون هناك سلام).
* إذن ما الحل عندك..؟
- (في هذا الجيل، وكما يبدو، ليس هناك حل، يجب الوقوف على أهبة الاستعداد وحماية الدولة قدر الإمكان).
* الجدار الحديدي..؟
- (نعم. الجدار الحديدي هو وصف جيد. الجدار الحديدي هو السياسة الأكثر معقولية للجيل القادم. إنه ما اقترحه جابوتينسكي وتبناه بن جوريون. وفي الخمسينيات كانت هناك مناظرة بين بن جوريون وشاريت. وزعم بن جوريون أن العرب لا يفهمون سوى لغة القوة، والقوة وحدها هي التي ستقنعهم بوجودنا هنا. وكان على حق. وهذا لا يعني أنه لا حاجة إلى الدبلوماسية. تجاه الغرب وتجاه ضميرنا ايضاً من المهم أن نتطلع إلى حل سياسي. ولكن في نهاية الأمر ما ينتزع استعدادهم لقبولنا هي القوة وحدها. فقط إدراكهم بأنهم غير قادرين على هزيمتنا).
* كيساري أنت تبدو لي يمينياً جداً..؟
- (إنني أحاول أن أكون واقعياً. وأنا أعرف أن هذا لا يبدو دوماً كاستقامة سياسية، ولكنني أظن أن هذه الاستقامة السياسية تسمم التاريخ. إنها تشوش قدرتنا على رؤية الحقيقة. وأنا أيضاً ألبير كامي. لقد كان يعتبر يسارياً وأخلاقياً ولكنه في تعامله مع المسألة الجزائرية وضع أمه قبل الأخلاق. وبالنسبة لي فإن المحافظة على شعبي أكثر أهمية من المفاهيم الأخلاقية الكونية).
* هل أنت محافظ جديد.. أم أنك تقرأ الواقع التاريخي الحالي بمفاهيم هنتنجتون..؟
- (أعتقد أن القيم التي ذكرتها آنفا هي قيم البرابرة. التعامل مع الديموقراطية ،الحرية، الانفتاح.. والنظرة إلى حياة الانسان. ومن هذا المفهوم هم برابرة. والعالم العربي بصورته الحالية بربري).
* وحسب رأيك هل هؤلاء البرابرة الجدد يهددون فعلاً روما عصرنا..؟.
- (نعم. إن الغرب أشد قوة ولكن ليس من الواضح إن كان يعرف كيف يصد هذه الموجة من الكراهية. إن ظاهرة تغلغل المسلمين بجموعهم في الغرب والاستيطان فيه تخلق تهديداً داخلياً خطيراً. وقد مرت روما بمسيرة مشابهة فقد سمحوا للبرابرة بالدخول فقام هؤلاء بهدم الامبراطورية من الداخل).
* هل الأمر مأساوي إلى هذا الحد.. هل حقاً الغرب في خطر..؟
- (نعم. أعتقد أن الصراع بين الحضارات هو السمة الأساسية للقرن الحادي والعشرين. أعتقد ان بوش مخطئ عندما ينكر وجود هذا الصراع. إن الأمر لا يقتصر فقط على ابن لادن. إنه صراع ضد عالم بأكمله ذي قيم مختلفة. ونحن في الجبهة الأمامية مع هذا الصراع.تماماً مثل الصليبيين، فنحن هنا ممثل أوربا الذي يسهل النيل منه).
* إن الواقع الذي تصفه قاس جداً. أنت غير مقتنع تماماً بقدرتنا على البقاء هنا..؟
- (احتمال الخراب قائم).
* هل تعتبر نفسك ذا نظرة أخروية (أبوكليبتى)..؟
- (المشروع الصهيوني بأكمله هو مشروع أخروي. إنه داخل بيئة عدائية. ووجود غير معقول بمفهوم معين. لم يكن معقولاً ان ينجح في 1881 ولم يكن معقولاً أن ينجح في 1948 وليس معقولاً أن ينجح الآن. ورغم ذلك وصل إلى ما وصل إليه. إنه معجزة بمفهوم معين. لقد عشت 1948 و1948 تلقي بظلالها على ما يمكن أن يحدث هنا. نعم أنا أعتقد أنها حرب يأجوج ومأجوج. هذا محتمل. يحتمل أن تقع هنا حرب ذرية خلال العشرين عاماً القادمة).
* إذا كانت الصهيونية تشكل خطراً كبيراً على اليهود، وإذا كانت تجعل حياة العرب بائسة هكذا- ربما يمكن اعتبارها خطأ..؟
- (لا. الصهيونية لم تكن خطأ. إن الرغبة في اقامة دولة يهودية هنا كانت رغبة مشروعة إيجابية. ولكن نظراً لطبيعة الإسلام ولطبيعة الشعب العربي كان من الخطأ الاعتقاد أنه سيمكن أن تقام هنا دولة مطمئنة تعيش في انسجام مع ما حولها).
* هذا يجعلنا رغم هذا أمام احتمالين. إما صهيونية وحشية ومأساوية أو التخلي عن الصهيونية..؟
- (نعم هذا صحيح. لقد بالغت في ذلك ولكنه صحيح).
* هذا الواقع التاريخي لا يحتمل. به شيء من اللاإنسانية..؟
- (نعم. ولكن هذا مرتبط بالشعب اليهودي لا بالفلسطينيين. شعب عانى ألفي عام واجتاز نكبة نازية وجاء إلى أرضه، ولكنه دخل في جولة جديدة من سفك الدماء والتي قد تؤدي إلى الخراب. من حيث العدل الكوني فهذا أمر فظيع. إنه أمر يفزعني جداً أكثر مما حدث عام 1948 لجزء صغير من الأمة العربية كان يقيم آنذاك في فلسطين).
* كلامك يعني لي أنك تعيش النكبة اليهودية المحتملة في المستقبل أكثر مما تعيش النكبة الفلسطينية في الماضي..؟
- (نعم. يمكن أن يكون الخراب نهاية هذه المسيرة. وهذا بالفعل ما يصيبني بالاكتئاب ويخيفني).
* اسم كتابك الذي يصدر الآن بالعبرية هو (الضحايا). إن ما تزعمه بالفعل هو أنه في النهاية سنكون نحن الضحية الأكبر من بين ضحيتي النزاع..؟
- (نعم. بالضبط. نحن الضحية الأكبر خلال مسيرة التاريخ، ونحن أيضاً الضحية الأكبر ضمناً. رغم أننا نقمع الفلسطينيين فإننا هنا الجانب الأكثر ضعفاً. نحن قلة صغيرة في بحر كبير من العرب المعادين الذين يريدون إبادتنا. عندئذ عندما يتحقق مأربهم قد يفهم الجميع ما أقوله لك الآن. ولكن سيكون ذلك بعد فوات الاوان).
ثم ماذا؟
أُوف.. يا للهول، هل قرأتم هذا الحديث بإمعان. لقد فَضّلتُ نشر جزء كبير من حديث (بني موريس) لاعتقادي أن كثيراً من القراء لم يتمكنوا من الاطلاع عليه، ولأنه يجسد العقلية الصهيونية الإسرائيلية التي تحكم إسرائيل. لقد بدا (موريس) مشوش الفكر متناقضاً، لكن الثابت أنه يعبر عن الفكر السائد داخل هذه المؤسسة التي لم تنهض منذ وجودها، إلا على أنها مؤسسة عسكرية، لقد قبضت هذه المؤسسة على النار. إن القابض على النار لا بد أن يحترق ويُحرق بها من حوله، لم تُنتج هذه المؤسسة مجتمعاً مدنياً عقلانياً، وإنما أفرزت فكراً كان هذا نموذجه في أبرز صوره. مؤرخ يعترف بأنه (يساري) ثم ينجذب إلى فكر اليمين المتطرف، ويتبنى سياسة طرد الفلسطينيين جميعاً، في مقابل أن لدى العرب اثنتين وعشرين دولة، وليس لليهود دولة واحدة، وهذا هو الظلم بعينه -كما يراه- لم يفكر (بني موريس) أنه كان بالإمكان إقامة دولة للشعب اليهودي، بعيداً عن وجودها الجغرافي في بؤرة بين البلاد العربية، لأن العرب والمسلمين -كما يقول- (عالم يُحلّ دم كل من لا ينتمي إلى معسكر الإسلام) وهو زعم ظالم تتبناه قوى ظالمة تريد تشويه الإسلام لتحقيق مطامع استعمارية ولإحباط ما في الإسلام من طاقات حيوية وإنسانية وعصرية تفوق أي فكر أُممي آخر. هو ينسى، أو يتناسى، أن العرب هم من بين الأمم ومن بين الحضارات، التي حمت اليهود من التشتت، ووفرت لهم الحياة في البلدان التي امتدت إليها سلطة الدولة العربية، وخير مثال على ذلك بلاد الأندلس، وقبل ذلك الدولة الاسلامية في صدر الإسلام حيث أتاحت لرموز منهم البروز وسجل لهم تاريخ الحضارة الإسلامية أسماءهم كابن ميمون وغيره، لم يبرز هؤلاء من خلال لغتهم أو فكرهم، فلم تكن اللغة العبرية لغة فكر أو تراث، وإنما برزوا كعلماء ومفكرين يكتبون ويفكرون باللغة العربية. وليقم (موريس) بزيارة لمدينة (طليطلة) في إسبانيا فيرى ما أتاح العرب لأسلافه من وجود، ليس هناك أمة كانت مسؤولة عن وجود اليهود على مسرح التاريخ وآثرت التآخي والتسامح معهم غير العرب. لكنهم (أي اليهود) وعلى فترات التاريخ لم يحفظوا عهودهم مع العرب، وتنكروا لكل الأيادي التي انتشلتهم من وهدة ضياعهم كأمة عبر تاريخ الأمم.
ما يتم اقترافه الآن على الأرض الفلسطينية، هو جزء من المسلسل الدامي البشع، من جرائم الحرب. تدمير القرى وهدم المنازل، وتشريد الأسر وقتل الأطفال، وحرق المزارع. إنه تاريخ دموي، يتم تنفيذه فيما يعتقد بناة هذا العصر أنهم إنسانيون وعصريون، ويتسابقون بتقديم أسباب نشر الحياة والديمقراطية والتآلف بين الشعوب، عبر مبادرات، عنوانها البارز سيادة الشعوب ونشر الديمقراطية وتخفي في باطنها أهدافها التي تكرس تشريد شعب يستحق الحياة، وتنكر عليه المقاومة من أجل أن يبقى حياً. إنها (فطيرة الدم) المعجونة بهذه الدماء الإنسانية، التي يتلذذ بها سالبو الأرض ومشردو الإنسان من دياره ومنازله. هل يتم اعتبار (بني موريس) معادياً للسامية. أم نحن الذين نتبنى الدعوة إلى اعتباره معادياً للسامية باعتبارنا ساميين في الأصل.. لا بد أن تنهض في مجتمعاتنا العربية جمعيات تتولى الدعوة إلى الدفاع عن الجرائم التي اقترفت بحق هذه الأمة وشعوبها، وأن تقوم بنشر هذه الجرائم وفضحها، أولاً على مستوى الأمة العربية، ليتلقفها أبناء هذه الأمة فنحيي في ذاكرتهم ما كان يُقترف بحق أهلهم وأسلافهم، ثم تنهض جمعيات أخرى للدفاع عنها على المستوى الدولي.. على المستوى الشخصي هذا هو ما دفعني إلى نشر ما قاله (جورج بوش) الجد الأكبر في أهم كتابين يعتبران من أهم المراجع لتأسيس هذا الفكر، أما بني موريس هذا فقد حصلت على حق نشر كتابه عن (مولد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين) وسوف يتم نشره باللغة العربية بإذن الله.
فهذه عرائض الدعوة مطروحة لمن يتولى تقديمها لهيئات المحاكم الدولية ولنرى ماذا سيتم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved