Sunday 28th March,200411504العددالأحد 7 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
بابل والحاخامات
عبدالرحمن صالح العشماوي

ما الذي يجري لآثار العراق؟ تؤكد مصادر عراقية في مدينة الحلة وجود أعمال تنقيب متواصلة في موقع بابل الأثري، تجري بصمت تحت حماية القوات البولندية المسيطرة على منطقة بابل، يشرف عليها أربعة حاخامات يهود، يتابعونها باهتمام كبير، ويعتقدون أنها ستكشف لهم عن سوق يهودي كبير في المنطقة، كان موجوداً أيام مملكة بابل.
وتؤكد وكالة (قدس برس) -إذا صح ما نسب لها- نقلاً عن بعض العمال الذين يقومون بأعمال التنقيب في سرية وحذر مقابل سبعة عشر دولاراً للعامل يومياً, أن القوات البولندية تحاصر المنطقة حصاراً قوياً، وتفرض طوقاً أمنياً مشدداً حول الموقع، ولا تسمح لأحد بالدخول سوى العمال الذي يدخلون تحت نظام رقابي صارم. ويؤكد هؤلاء العمال أن المتابعة اليهودية والخرائط الموجودة لدى الحاخامات توحي بشيء كبير.
خبرٌ واحد من بين آلاف الأخبار التي تنقلها وكالات الأنباء عن بعض ما يجري في عراق التاريخ، عراق الأمة المسلمة الواهنة أمام أعدائها.
ونحن لا ننظر إلى آثار بابل أو غيرها نظرة تقديس، فهي آثار بشرية لأمم كانت ثم بانت، وسادت ثم بادت، وهي أمم تختلف في علاقتها بشرع الله قرباً وبعداً، طاعة وعصياناً، ولا يشغل بالنا كثيراً ما تحتوي عليه تلك الآثار، إلا بمقدار ما يمكن أن يفيدنا في بناء كيان أمتنا من جديد، البابليون، والفينيقيون والسبئيون، والفراعنة، واليونان وغيرهم دول كانت قوية شامخة في بنائها المادي، ولكنها كانت مخلخلة في بنائها الروحي، ولقد عاشت ما عاشت ثم ذهبت، وأصبحت أثراً بعد عين، وليس من شأن المسلم أن يقدس هذه الآثار، أو يعطيها أكثر من أخذ العبرة منها، ومما حدث لأهلها.
ولكن الذي يستحق أن يشغل بال كل مسلم في هذه المرحلة، وأن يحظى باهتمام كل إنسان في منطقتنا العربية، والخليجية، هو ما نراه خطيراً على مستقبلنا نحن المسلمين، ألا وهو هذا التنسيق الخطير بين المحتلين للعراق، والمحتلين لفلسطين، لأنه يؤكد أن هنالك مخططاً استخرابياً جديداً للمنطقة بدأ ينفذ بصورة لا شك فيها.
إن سؤالاً طبيعياً ينشأ في هذه الحالة يقول: إذا كان الهدف من غزو العراق هو تحقيق الديمقراطية، بعد أن ذهب هدف البحث عن أسلحة الدمار الشامل أدراج الرياح، فما علاقة أربعة حاخامات من اليهود بالموضوع؟ وما علاقة التنقيب عن الآثار البابلية بتحقيق الهدف (الديمقراطي) المزعوم؟
أنا أعلم -كما تعلمون- أن هذا السؤال يعد ساذجاً وباهتاً لأن الجواب عن مثله غير ممكن، ولأن من نوجه إليه السؤال لا يلتفت إليه، ولا يعطي قيمة له ولا لمن يوجِّهه، ولكنه سؤال نوجِّهه إلى أمتنا -وآه من أمتنا- الأعداء يسيرون بخطوات حثيثة سريعة لالتهام ما تبقى من بلاد المسلمين، ونحن ما زلنا في المناطق الباردة من الشعور بالقضية، إن لم نكن في (المناطق المتجمدة) من ذلك الشعور.
العالم يسير في طرق الهيمنة علينا جميعاً، ونحن ما زلنا نتناقش حول (حرية الإنسان) و(الضرب في المدارس) و(أحقية فرنسا في منع المتحجبات المسلمات) من دخول مدارسها، يا لها من هوّة سحيقة!
إشارة:


شفة الثلج لا تبوح بدفءٍ
ومن الداء لا يكون الدواءُ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved