لقمة وتقوية التعاون العربي

لا تجد القمة العربية التي تلتئم غداً في تونس ما يشجع على ابتدار الحلول مع إسرائيل، والأحرى أن إسرائيل لا تتطلع إلى أي مبادرات جديدة، فهي لم تفعل الكثير باتجاه المبادرات القديمة، بل تجاوزتها إلى تصورات شارون الخاصة بالتسوية من جانب واحد.
وإذا كان ثمة رسالة إسرائيلية إلى قمة تونس فهي ليست بأي حال من الأحوال رسالة سلام وإنما رسالة حرب، وحرب شعواء، فإسرائيل أقدمت على جريمتها باغتيال الشيخ أحمد ياسين عشية هذه القمة واتبعت الجريمة بسيل من التهديدات بأنها ستصفي القادة الفلسطينيين الواحد تلو الآخر، وفي ذات الوقت استمرت في اعتداءاتها وتوغلاتها في أراضي غزة فضلاً عن استمرارها في الاعتقالات. وكل هذه الممارسات العدوانية تشكل مجمل الرسالة الإسرائيلية إلى القمة.
الرسالة مفهومة وأبعادها معروفة والتحدي العسكري فيها لا يخفى على أحد، ولا يهم إسرائيل أن تشتعل حرب تعرف أنها المتفوقة فيها، وأن الدولة العظمى الوحيدة التي تبارك جرائمها ستهرع إلى الوقوف بجانبها.
على أن لغة الحرب لا تستقيم مع الحالة العربية الراهنة، فالبيت العربي يحتاج إلى إعادة ترتيب، وهو أحوج إلى آليات تبني تعاوناً فاعلاً بين دوله أكثر من حاجته إلى بناء استحكامات وقلاع عسكرية، فالحالة العسكرية المثلى لمجموعة دول يبقى أساسها التعاون الفاعل والثقة التامة، وكل هذه أمور تحتاج إلى تمتين وتعزيز.
ومجمل الصراع العربي الإسرائيلي في جانب منه صراع طويل الأمد، ولهذا فإن الاستعداد لخوض معارك فاصلة في هذا الصراع يستوجب تعزيز الحالة العربية من جهة التعاون والتنسيق، ولعل من السبل التي يمكن أن تؤدي إلى ذلك تفعيل آليات التعاون والعمل المشترك من خلال الجامعة العربية.
وإذا استطاعت هذه اللقاءات العربية إنجاز ذلك فإنها تكون قطعت شوطاً طويلاً نحو المعافاة العربية واستعادة روح المبادرة ومواجهة الأوضاع إن سلماً أو حرباً.