Thursday 1st April,200411508العددالخميس 11 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
العلاقة مسافة أميالها الظروف..!!
د. فارس محمد الغزي

يصح القول: إن علاقة الإنسان بالإنسان ليست إلا مسافة ذات أبعاد قريبة أو متوسطة أو بعيدة. ويصح القول كذلك: إن عامل الزمن يضطلع بالدور الرئيس في أمر تحديد نوع ونوعية وطبيعة هذه العلاقة - المسافة. فلا غرو أن تجدهم يفرقون (علمياً) في الغرب بين العلاقات الاجتماعية (Social Relations) والعلاقات الاجتماعية (Social Relationships) وذلك رغم ما يبدو بين هذين المفهومين من تشابه؛ فالأولى إنما تشير إلى العلاقات الاجتماعية طويلة الأمد كالعشرة التي تنشأ بين الزوجين بعد مضي فترة طويلة على اقترانهما، أما النوع الثاني فهي العلاقة المحدودة أو قصيرة الأجل مثلما يحدث بين شخصين أو أكثر بشكل يومي وعابر.
وهناك المئات من البحوث المتمحورة حول مفهوم (المسافة الاجتماعية) ويحظى هذا المفهوم بالعديد من المقاييس العلمية المحددة لمدى الألفة والترابط والتعاطف بين الأفراد والمجتمعات. و(لخاطر) تقريب مسافة التواصل الذهني بيني وبينكم أجد أنه يلزمني الابتعاد عن وعورة المسافات الاجتماعية علمياً لأقول:
إن أية علاقة بين فردين أو أكثر هي وإن كانت نفسية أولاً فهي مسافة ينطبق عليها ما ينطبق على المسافة المألوفة بين أي شيئين، أو مدينتين، أو دولتين.. الخ من ترابط وسهولة اتصال، أو عوائق وانفصال.
فالعلاقات الإنسانية مسافات تتحدد وفق العديد من العوامل النفسية والعاطفية والاجتماعية والاقتصادية وخلافها، ونحن بشكل يومي نحدد أو بالأصح نقيس - من دون أن ندري - أبعاد العديد من علاقاتنا أو مسافاتنا الاجتماعية الواقعة بيننا والآخرين، فهناك علاقات يحدد مسافاتها أو أبعادها الحب والحميمية والقرب واللقاء بدليل أن هناك من تعرف أن المسافة بينك وبينه قريبة جداً لذا فأنت تعبر عن ذلك بأنك تعرفه حق المعرفة.. تحبه جداً.. (تمون عليه)، تتمنى قربه.. وصله.. وصاله، رؤيته وخلاف ذلك، وهناك العكس من ذلك حيث إن لك علاقات أو مسافات منفصلة مقطوعة بينك وآخرين: فهناك من لا تطيق قربه جسداً أو صوتاً بمعنى أن تتمنى ازدياد أميال المسافة العاطفية بينك وبينه بابتعادك عنه أو بابتعاده عنك، ومثل ذلك من تتمنى أن تكون المسافة بينك وبينه لا نهاية لها، وذلك حين تتمنى عدم رؤيته أو تتحسر بألم على معرفته حين قولك (ليتني ما عرفتك) تماماً مثلما أن هناك من يحاول أن يزيد أميال علاقتك به حين تعتقد أنه يضع بينك وبينه مسافة لأسباب قد لا يعلمها غيرك.. بل إن مجرد قولك: رأيته من قريب أو من زمان من شفته..!! لدليل على أن علاقاتك مسافات، وغني عن القول: إن مجرد تعبير (صلة الرحم أو قطعه) محوره العلاقة - المسافة التي لا تختلف بشيء عن قولنا مثلاً: الطريق سالكة.. أو قطع الطريق.. والطريق مسافة.. لا شك.
ومع حقيقة استئثار الزمن بالحصة الكبرى في التأثير في طبيعة العلاقات - المسافات الإنسانية فهناك بالتأكيد متغيرات أخرى - قد تكون وسيطة - تؤثر في طبيعة هذه المسافات. فالتنائي بعد لقاء يطيل من المسافات النفسية: (أضحى التنائي بديلاً عن تلاقينا..)، فالجغرافيا وإن قدرت أطالت هذه المسافة مادياً - جسدياً فخيل (خيال) الشوق قد تتغلب على وعورة التضاريس لتقرب لك البعيد. غير أن ذلك قمين بأن يخلط في ذهنك حدود مسافات العلاقة العاطفية بشكل قد يؤدي بك إلى تهلكة ايلام (القريب البعيد والبعيد القريب).
وقد تكون هذه العلاقة قوية.. وثيقة.. صلبة.. صلدة متصلة تماماً كما هي الطرق المعبدة، كما قد تكون هشة.. منفصلة مثلما هي حالة الطرق التي تنوء بالطعوس أو الكثبان الرملية، وقد تأخذ هذه العلاقة - المسافة مجرد سمة عابر سبيل ليس له اعتبار، وذلك حين تكون علاقة عابرة لا غبرة عليها، أيضاً قد تكون هذه المسافة.. جوانية (روحية) بغض النظر عن (طبلون) الأميال الزمنية انسانيا: ف


العمر للسبعين يلهث راكضاً
والروح ثابتة على العشرين

بل قد تتلاشى هذه المسافة رغم امتدادها وذلك حين يكسوها الشوق العرم بأسمال اليأس العرمرم مسبباً العمى المؤقت:


وما انسدت الدنيا علي بضيقها
ولكن طرفا لا أراك به أعمى

وأخيراً قد تتقلص المسافة إلى درجة الانكماش فالتبخر في رحم الفناء لتصبح من ثم مجرد (أمنيات) فانية:


لله أياماً تقضت بكم
ما كان أحلاها وأهناها
مرت فلم يبق لنا بعدها


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved