Monday 5th April,200411512العددالأثنين 15 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
الوطن .. ليس فريق (كرة قدم).. وهواجس أخرى!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

تعيش أمتنا الإسلامية والعربية حيناً من الدهر لا يكاد المرءُ يعرف له لوناً ولا طعماً ولا رائحة، ولذا فكثيرةُ هي الشؤون والشّجونُ التي لا تُؤرقُ بالي، لا أدري أيها أسِرُّ وأيها أُعلن، بعضها يرتبط بالشأن العام لبلادي، والبعضُ الآخر يعيشُ في غياهب النفس، يتمنى بين الحين والحين أن يعانق ضوء الشمس، عله يذيب صقيع الصمت!
وسأضرب لذلك أمثالاً:
**
(1)
* يؤرقني ألا يستيقظ هاجس العشق للوطن والانتماء إليه لدى البعض منا، والشباب خاصة، إلا في ملاعب كرة القدم.. أو في الشوارع والطرقات والساحات ابتهاجاً بنصر هذا الفريق.. أو احتجاجاً على هزيمة ذاك!
**
بودّي أن أذكر هؤلاء ونفسي، أن الوطن حاضر في وجدان كل منا كل الأوقات، فلا يجوز أن نعبث بما منحنا إياه هذا الوطن، من منقول وثابت، ولا بما يرمز إليه هذا الوطن من معانٍ وقيم يشترك في صياغتها ديننا الحنيفُ.. وتاريخنا التليد وهويتنا الحضارية والإنسانية!
* أجل.. الوطن ليس (فريق كرة قدم) .. لكنه دنيا مفعمة بالحركة والحب والعطاء والحياة!
**
(2)
* يؤرقني ما يمارسه عملاء الظلم والظلام تحت عباءة (الإرهاب) في أكثر من مكان من عالمنا الثالث المرزوء بداء الخلف والتخلف، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ألم يعلموا أن سفك الدم الحرام حرام.. وأن ترويع الأبرياء حرام، وأن تدمير الممتلكات حرام، ولن يكون ما يفعلون غاية إصلاح ولا وسيلة مصلحين، الإصلاح الذي ترومه الضمائر الطاهرة لا يتأتى إلا بالنية الصادقة، والكلمة الناضجة، والنصيحة المخلصة، أما عدا ذلك.. فعبث.. أوله فتنة، وأوسطه نقمة، وآخره دمار للأنفس والديار!
* نسأل الله أن يحمي أمتنا وبلادنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يحبط كيد الكائدين!
**
(3)
* يؤرقني غياب المعارك الأدبية السوية، غاية ووسيلة، في صحفنا ودورياتنا، لماذا؟
* هناك أسباب عديدة تقف وراء هذه الظاهرة منها:
* أن بعض تلك المعارك التي يخوضها بعض (محترفي) الكلام في بلادنا تبدأ في الغالب عاقلة، ثم تتحول إلى شحنة مسكونة بالغضب والغضب المضاد! كل يحلم (بالضربة القاضية) لصالحه!
* وعندي أن هذا ليس أدباً، ولا من الأدب في شيء، بل هو شجار (سادي) يؤذي كرامة الحرف، ويجرح وجدان المرسل والمتلقي معاً! لذا.. فلا عجب أن يعزف كثيرون عن الخوض في مثل هذه (المستنقعات) التي تبرأ منها ذمة الأدب وضمائر الأدباء!
**
* ورغم قناعتي بضرورة (المعارك الأدبية) كرافد اثراء لحراكنا الفكري، قالباً ومضموناً، إلا أن البعض يسيء فهم هذه (المعارك) حين يحاول أن يحسم نهايتها لصالحه، قبل أن يبدأ الحوار مع الآخر، فإذا قرأ أو سمع ما ينكره، انتشت في أعماقه (حمّى القبيلة).. وشحذ كل سلاح دفاعاً عن (الشرف الرفيع)، ثم تقع الواقعة! والضحية في هذا الحال اثنان: الحقيقة التي ظل سبيلها الخصمان.. والقارئ الذي يصلى نار غيابها!
**
(4)
* يؤرقني أن أسمع أحدهم في الخارج، القريب أو البعيد، يعلق بالثناء على إنجاز لنا.. فيغلو في مدحه إلى درجة تحملك على الشك في نزاهة قصده! حيناً تحسبه (يستكثر) علينا هذا الإنجاز أو ذاك.. وحيناً يشكك في قدرتنا على إدراكه!
* والأمر من ذلك أن يستقبل أحدنا مثل هذا الثناء بغلو في الزهو، وكأننا لا نرى أنفسنا أهلاً لشيء إلا عبر مرآة (الآخر)!
**
(5)
* يقولون ان الحظ جواد.. يطيعك حيناً فيخدمك، ويتمرد عليك حيناً آخر فيخذلك!
* أما أنا فأقول: لقد خدمني الحظ مرات.. وخذلني مرات.. وتفرقت بنا السبل مرات، وذلك أمر مألوف، في أغلب سير البشر، غير أنني أتمنى ألا أربط نجاحي ب (قطار الحظ).. ثم ألوم نفسي إذا رحل بدوني، لأن ذلك قد يقود إلى شيء من التواكل في العزم، والعشوائية في الأداء، والقصور في تقدير النتائج، ثم القنوط والعياذ بالله، والذين يتلمسون مسارات حياتهم اهتداءا ب (بوصلة) الحظ وحده، هم في نظري أقل حظا.. وأكثر شقاءً من غيرهم، في إدراك النجاح!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved